في العراق اليوم… متصارعون ووكلاء… والإعلام في ورطة !!!
بغداد ــ الرأي الجديد (مواقع)
في برنامج سياسي، ضيّفت فيه إحدى الفضائيات ثلاثة ساسة عراقيين من كتل أو جهات مختلفة، احتدم النقاش بينهم بشأن الدولة التي تريد إيذاء العراق والدولة الأخرى الحنينة عليه! وقال أحدهم للضيف الثاني، وبأسلوب أقرب إلى أدبيات عراك الفتيان بالشوارع .. “أتحداك أن تنتقد (الدولة الفلانية) وظل يكرر عبارة أتحداك”!
وكان يقصد بهذا التحدي إدانته وكشف تبعيته لتلك الدولة أمام الرأي العام .. هذه الحوارية تكشف عمق المأزق الأخلاقي الذي نعيشه في ظل ثقافة سياسية تفتقر لأبسط المعايير الوطنية، فبعد توزع أغلب الأحزاب والجهات السياسية العراقية في ولاءاتها بين دول الإقليم وغيرها، صار يعتقد كل طرف، أن الدولة التي يتكئ عليها هي الأقرب لتطلعات العراقيين والأحرص عليهم..
باتت هذه الثقافة مدخلا لغياب مفهوم الدولة وأساسيات المواطنة، فكل جهة تتلقى دعما من مرجعيتها الخارجية، ثمنه ثلمة في سيادة الدولة التي باتت هذه الجهات تتولى مناصب مهمة فيها، وبما أن تلك الدول متناشزة الأهداف والمشاريع في العراق، لذا باتت العملية السياسية ميدانا للصراع بدلا من أن تكون ميدانا للعمل الجماعي لقيادة البلاد، موالاة آو معارضة كما في كل العالم.
المأزق الأخطر، هو أن وسائل الإعلام التابعة لتلك الأحزاب، صارت تثقف الناس وفقا لأهواء مرجعياتها وتضخ لهم باستمرار طروحات مشبعة بالكراهية المتبادلة، فنجحت إلى حد ما في صناعة جماعات مأزومة، تعمل على حفر الخنادق بين أبناء الشعب الواحد، وصرنا نلمس ذلك بعد كل حدث آو عملية إرهابية.
إذ تسارع كل جهة سياسية عراقية، إلى اتهام الجهة الخارجية الخصم، وتنشغل الفضائيات والجيوش الالكترونية بالترويج لخطابات متعارضة، وبذلك تمكنت هذه القوى من تشتيت الناس وإبعادهم عن معرفة الحقيقة، آو أنها ظنت ذلك وظنت أيضا كل جهة، أنها صارت تحبب مرجعيتها الخارجية للعراقيين على حساب الأخرى، متناسية أن الناس صارت تكره جميع المتصارعين على العراق ووكلائهم فيه، لأنهم جميعا لا يحبون العراق بالضرورة، بل يعملون لتحقيق أطماعهم فيه، ودعم أذرعهم التي يريدون الوصول من خلالها لما يريدون على حساب العراق وأهله !!!