اتهمها بتشكيل وفاق مخالف للقانون… “مرصد رقابة” يكشف فضيحة البنوك التي خذلت التونسيين في محنة “كورونا” (وثائق)..
تونس ــ الرأي الجدد / سندس عطية
قـّدم مـرصـد “رقابة” شكايـة إلـى مجـلس الـمنافـسة، لإعلامه بتشكيل “وفــاق مــخالــف لــلقانـون بــين الـبنوك الـتونسـية، الـعمومـية والـخاصـة، تـرتـب عـنه تـوظـيف فـوائـض إضـافـية مـجحفة عــلى أقـساط الـقروض، الـتي تـّم تـأجـيل سدادها بمقتضى إجراءات المساندة للأفراد والمهنيين والمؤسسات، بسبب جائحة (كورونا)”.
وتــأتــي هــذه الـشكاية، التي تم إيداعها يوم الجمعة 22 جانفي 2021، ضــمن مجــموعــة مــن الخــطوات الــتي قــام بــها “مــرصــد رقــابــة”، مــن أجــل تحــميل الـمسؤولـيات، والـمطالـبة بـإيـقاف هـذا الـتجاوز لـلإطـار المحـدد لإجـراءات الـمسانـدة، ولـواجـب الـتضامـن مـع التونسيين في هذه المحنة، والأوضاع الصعبة.
وكان عديد الحرفاء بالبنوك التونسية، انزعجوا من الفوائض الإضافية لأقساط القروض التي حصلوا عليها من البنوك، وتضررت حساباتهم ومعادلات ميزانياتهم، دون أن يجدوا تفهما من البنوك..
مراسلات إلى رئيس الحكومة
ومـن بـين تـلك الخـطوات، مـراسـلة رئـيس الـحكومـة، لـحثه عـلى الالـتزام بـوعـود الـحكومـة حـيال الـتونسـيين، ومـطالـبته بـإعـطاء الإذن لإنـجاز مـهمة رقـابـية فـي مـوضـوع تحـميل الـتونسـيين أعـباء مـالـية تـناقـض مـا ورد فـي مـرسـوم رئـيس الـحكومـة عـدد 19 لـسنة 2020، ومـناشـير الـبنك الـمركـزي 6 و7 و8 لـسنة 2020 مـن تـأكـيد عـلى عـدم تحـميل الأفـراد والـمهنيين والـمؤسـسات، تـبعات مـالـية جـراء تـأجـيل أقـساط الـقروض.
وكان الـبنك الـمركـزي الـتونسـي، أعلن فـي مارس 2020، حـزمـة إجـراءات لـمواجـهة جـائـحة “كـورونـا”، وللحـد مــن الآثــار الاقــتصاديــة والاجــتماعــية الــناتــجة عــن الــتدابــير الاحــترازيــة، الــتي تتخــذهــا الــبلاد لــتقليل تفشــي الـفيروس محـليا، ومـن بـين تـلك الإجراءات، تـأجـيل سـداد أقـساط قـروض الأفـراد لـمدة تـتراوح بـين 3 و6 أشهر.
شكاوى… وردود البنوك
وأوضح مـرصـد “رقـابـة”، أنه تـلقى فـي الأسـابـيع الأخـيرة، شكاوى عـديـدة مـن مـواطـنين أفـرادا ومـهنيين وأصـحاب مـؤسـسات، تشـير إلـى عـمليات إعـادة جـدولـة لـلقروض أو تـوظـيف فـوائـض إضـافـية، أو خـطايـا تـأخـير أو عمولات على أقساط، للقروض التي تم تأجيلها..
وراسـل مـرصـد “رقـابـة” فـي الـحين، الـبنك الـمركـزي وجـميع الـبنوك، الـتي وردت شـكاوى بشأنها مـن حـرفـائـها. وحـصل عـلى ردود كثيرة..
ومن بين هذه الردود، ردّ مـن أحد البـنوك، يـؤكـد أنـه “لـم يـصدر أي مـرسـوم حـكومـي، أو مـنشور مـن الـبنك الـمركـزي، يـنظم ويحـدد كـيفية مـعالـجة عـملية الـتأجـيل، أو كـيفية سـداد الأقـساط الـمؤجـلة، وخـاصـة مـسألـة تـوظـيف الفوائض من عدمه بالنسبة لفترة التأجيل”.
وجـاء فـي ذات الـمراسـلة، أّنـه “نـظرا لـغياب إطـار قـانـونـي وتـرتـيبي فـي الـغرض، اضـطر مـسؤولـو الـبنوك إلى عـقد اجـتماعـات بتنسـيق مـن الجـمعية الـمهنية لـلبنوك والـمؤسـسات الـمالـية، وذلـك قـصد الـتشاور فـي الموضوع، واتخاذ موقف موحد وتوافقي”.
ووفق المعلومات التي توصل إليها “مرصد رقابة”، فإنّ الـبنوك اتـفقت عـلى تحـميل أعـباء عـملية تـأجـيل سـداد الــقروض عـلى الحـرفاء، بــشكل يـتنافـى ومـناشــير الـبنك الــمركــزي، والإجراءات الــتي أقــرتــها، وتعهــدت بــها الحكومة، لتخفيف معاناة المواطنين في ظل جائحة كورونا.
وبـررت الـبنوك هـذا الـتجاوز، بـأنـه “نـتيجة لـغياب إطـار قـانـونـي وتـرتـيبي يـنظم ويحـدد كـيفية مـعالـجة عـملية تأجيل الأقساط وسداد الأقساط المؤجلة، وبغياب قرار صادر عن وزارة المالية”.
رئيس الحكومة… على الخطّ
وحـّض مـرصـد “رقـابـة”، السـيد رئـيس الـحكومـة فـي مـراسـلة، عـلى ضـرورة “الـتدخـل والإذن بـمهمة رقـابـية لـلوقـوف عـلى أسـباب عـدم تـقيد الأطـراف الـمعنية بـالـتراتـيب والـمناشـير الـصادرة فـي هـذا الشأن، من أجل التدارك وإلغاء الأعباء الجديدة التي أثقلت كاهل المواطنين”.
كـما تـوجـه الـمرصـد بـمراسـلة إلى السـيد رئـيس مجـلس نـواب الـشعب والـى السـيد رئـيس لـجنة الـمالـية بـالمجـلس، لـلمطالـبة بتعهـد الـلجنة بهـذا الـموضـوع، مـن أجـل الـتقصي فـي هـذه الـتجاوزات، ومـساءلـة الأطـراف الـمعنية، فـي إطـار دور المجـلس الـرقـابـي، لـلوقـوف عـلى أسـباب عـدم تـقيدها بالتراتيب الـــّصادرة فـــي هـــذا الـــشأن، ولتحـــديـــد الـــمسؤولـــيات ومـــطالـــبة الأطـــراف الـــمعنية، وفـــق صـــلاحـــياتـــها ومـسؤولـياتـها، بـردع الـمخالـفين واتـخاذ مـا يـلزم مـن تـدابـير لـتصحيح الإجراءات، ولإلـغاء كـّل الأعـباء الـتي تـّم تحـميلها عـلى الـمواطـنين والـمهنيين والـمؤسـسات، بـناء عـلى عـملية تـأجـيل سـداد الـقروض، ولـضمان وفـاء الـحكومـة بـكل تعّهـداتـها فـي إطـار مـسانـدة عـموم الـتونسـيين، عـلى تـجاوز تـداعـيات الإجـراءات الاحـتياطـية للتصدي لوباء “كورونا”.
وتـوجـه الـمرصـد بـشكايـة إلـى مجـلس الـمنافـسة، جـاء فـيها أن اجـتماع الـبنوك وتنسـيقها، يـعتبر “فـرضـا لأمـر واقع دون الحصول على ترخيص من البنك المركزي”، وفق نص الوثيقة التي تجدون نسخة منها أسفل المقال..
وخـلص الـمرصـد فـي شـكايـته إلـى مجـلس الـمنافـسة، إلـى أّن الـوفـاق بـين الـبنوك الـتونسـية “يـدخــل تــحت طـــائــلة الأعــمال المخــلة بــالــمنافـــسة الــمنصوص عـــليها بــالــقانــون عـــدد 36 لــسنة 2015 الــمؤرخ فــي 15 سـبتمبر 2015، الـمتعلق بـإعـادة تـنظيم الـمنافـسة والأسـعار”، وحـّض عـلى “الإذن بـالتعهـد بهــذا الــتجاوز الخـطير الــذي لـديــه تـأثـير عــلى الــقدرة الشــرائـية لـمئات آلاف الــتونسـيين، فــي ظــل الـظروف الـصعبة جـدا التي تـعيشها الـبلاد”.