زيارة الغنوشي إلى الولايات المتحدة… لماذا نفت النهضة الزيارة؟ وما علاقة رئاسة الجمهورية بالموضوع؟؟
تونس ــ الرأي الجديد / صالح عطية
أفادت تسريبات موثوقة، أنّ رئيس مجلس نواب الشعب، راشد الغنوشي، سيؤدي زيارة إلى الولايات المتحدة الأميركية، بدعوة من رئيسة الكونغرس الأميركي، نانسي بيلوسي، خلال النصف الأول من شهر جانفي المقبل.
غير أنّ مدير مكتب الإعلام في حركة النهضة، خليل البرعومي، أصدر منذ قليل بلاغا على صفحته على فيسبوك، أوضح فيه أنّ حركة النهضة تنفي ما ورد من أخبار حول سفر الغنوشي إلى الولايات المتحدة.
وكان المستشار السياسي لرئيس حركة النهضة، رياض الشعيبي، الذي أعلن عن هذه الزيارة، أوضح أنّ الدعوة تمّت قبل الانتخابات الأمريكية، ولا علاقة لها بمراسم تنصيب بايدن.
ويبدو أنّ ما أورده الشعيبي، بشأن القضايا التي ستتناولها محادثات الغنوشي مع نظيرته في الكونغرس، والتي ستعنى بتعزيز العلاقات بين البلدين، وتداول القضايا الإقليمية والدولية المشتركة، قد أزعجت معارضي الغنوشي في البرلمان وفي رئاسة الجمهورية، ومن ثمّ واجه الغنوشي ضغوطا شديدة، دفعته ــ على ما يبدو ــ إلى إصدار بيان لنفي الزيارة.
وليست هذه المرة الأولى، التي يضطر فيها الغنوشي، إلى تأجيل أو إلغاء زيارة له إلى إحدى الدول العربية أو الأوروبية، بطلب من رئيس الجمهورية، الذي ما يزال يعتبر السياسة الخارجية، حكرا عليه، ولا يسمح بأن تتولى شخصية أخرى في الدولة، القيام بمهمة في السياسة الخارجية باستثناء الرئيس.
وكان رئيس الجمهورية، قيس سعيد ــ وفق معلومات موثوقة ــ طالب الغنوشي في وقت سابق، بتأجيل زيارتين، الأولى، إلى قطر، والثانية، إلى الجزائر، فيما سبق لرئاسة الجمهورية، مطالبة الغنوشي بتأجيل زيارته إلى دافوس وتركيا سابقا..
وعلمنا أنّ الرئاسة، كانت تتعلل بالوضع الداخلي المتأزم، وبالأوضاع الصحية (كورونا وتداعياتها)، والوضع السياسي المعقد.
وفي جميع الحالات التي يتلقى فيها رئيس البرلمان إشعارا من الرئاسة بعدم القيام بزيارة إلى الخارج، كان الغنوشي، يجيب دون تردد..
والسؤال المطروح في هذا السياق، هو: لماذا يبدو السيد راشد الغنوشي بمثل هذا السلوك، الذي يعكس حالة “غير مفهومة” من قبل رئيس البرلمان، في ظل النظام السياسي، الذي يتيح توازنا في ملف العلاقات الخارجية، بين الرئاسة والبرلمان ورئاسة الحكومة، في إطار من التكامل وتوزيع الأدوار بين مختلف هذه المؤسسات؟ ولماذا يصر رئيس الجمهورية على احتكار السياسة الخارجية؟
والحقيقة أن رئاسة الجمهورية، لها سوابق في هذا المجال، إذ قامت بنفس الممارسة مع رئيس الحكومة، هشام المشيشي، بمناسبة زيارته الأخيرة إلى فرنسا وإيطاليا، عندما أجرت اتصالات مع الفرنسيين والإيطاليين، للتعبير عن “عدم رضاها” على هذين الزيارتين..
بالتأكيد، أنّ الرئيس قيس سعيّد، يتصرف “بشكل رئاسوي” في النظام السياسي الجديد، أو هو على الأقلّ، بدأ يتجه بقصر قرطاج نحو هذا المنحى الخطير في المشهد السياسي التونسي الجديد، وعلى النخب الانتباه إلى هذه الممارسات، لأنّ الأمر يتعلق بأسس النظام السياسي، بعيدا عن المماحكات الحزبية والإيديولوجية، لأنّ الاستبداد، طريق يبدأ بخطوات من هذا القبيل..
والسؤال الأهم في تقديرنا، هو: إلى متى يظل هذا التجاذب بين رئاسة الجمهورية، ورئاسة البرلمان ورئاسة الحكومة، علما أنّ الطرف الرئاسي، يمثل اليوم، جزء أساسيا من المشكل؟؟