“تخمة” المبادرات: إلى أين ستؤول ؟ وأيها سيظفر بإجماع الطبقة السياسية ؟؟
تونس ــ الرأي الجديد / سندس عطية
تدور اليوم على صعيد المشهد السياسي، عدّة مبادرات سياسية تتمحور كلها حول الخروج من الأزمة السياسية الراهنة، ومن المأزق الاجتماعي والاقتصادي الذي أخرج عديد المواطنين التونسيين للاحتجاج، من أجل تحسين ظروف عيشهم، والظفر بقدر من التنمية والتشغيل في الجهات الداخلية، التي ازداد متساكنوها، فقرا وخصاصة خلال السنوات العشر الماضية، منذ اندلاع ثورة 17 ديسمبر ــ 14 جانفي..
وبلغ عدد هذه المبادرات حوالي 8 مبادرات من اتجاهات مختلفة، ولغايات ومحددات متعددة ومتنوعة..
ومن بين هذه المبادرات:
1 ** مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل، التي قدمت لرئيس الجمهورية، قيس سعيد.
وتتضمن المبادرة، محاور اقتصادية وسياسية واجتماعية، وهي تقترح تشكيل هيئة حكماء تشرف على حوار وطني، وتقدّم مخرجاته للرأي العام الوطني.
2 ** مبادرة 8 شخصيات وطنية: قدمت خارطة طريق لتنفيذ مبادرة اتحاد الشغل وتضم الموقعين عليها الحبيب الصيد وخميس الجهيناوي وسلمى اللومي وأحمد نجيب الشابي ورضا بلحاج وريم محجوب وبوجمعة الرميلي ولزهر القروي الشابي..
3 ** مبادرة عمادة المحامين: التي كان عميد المحامين، إبراهيم بودربالة، أعلن عنها في وقت سابق، دون أن يكشف عن تفاصيلها..
وأفاد محامون “الرأي الجديد”، أنّ العمادة، تحرص على التنسيق مع مكونات المجتمع المدني وبعض الشخصيات الإعتبارية لصياغة مضمون، يكون قادرا على إقناع مختلف الفرقاء السياسيين..
4 ** “مبادرة الــ 150″، التي تجمع 150 شخصية وطنية، وقد تم تقديمها في شكل “نداء”.. وهي تدعو لحوار جامع، دون أن تحدد من يشملهم الحوار الجامع.
ومن الموقعين على هذا النداء، الأستاذة، سناء ابن عاشور، وسمير الطيب، وزير الفلاحة السابق، ورضا الكزدغلي، العميد السابق لكلية الآداب، وفرحات الحرشاني، الوزير السابق للدفاع.
5 ** مبادرة “لترحل منظومة الحكم”، لتصحيح مسار الثورة، وتم تقديم المبادرة من قبل مجموعة من الأحزاب ومستقلين، من بينها “حزب القطب”، و”حزب البعث”، و”حزب العمال”، و”حركة تونس إلى الأمام”، و”الحزب الوطني الديمقراطي الاشتراكي”، و”الاتحاد العام لطلبة تونس”، واتحاد المعطلين عن العمل”، و”اتحاد القوى الشبابية”.
وتعتمد هذه المبادرة، على ضرورة رحيل المنظومة الحاكمة، حاليا، وتعديل النظام السياسي، والقانون الانتخابي، والكشف عن الإغتيالات السياسية، والقطع ــ ضمنيا ــ مع الإسلام السياسي، ممثلا في “حركة النهضة”، و”ائتلاف الكرامة”.
6 ** “مبادرة محمد عبو”: التي تقوم على مواجهة ما يسميها بـ “المنحرفين” (في إشارة إلى حركة النهضة، والفاسدين، إشارة إلى حزب قلب تونس، متوكئا على رئيس الجمهورية. ويطرح عبو، المستقيل من “التيار الديمقراطي”، هذه المبادرة، عبر خطوات أساسية، أهمها:
ـــ تنفيذ الأمر المنظم لحالة الطوارئ.
ـــ تقديم هشام المشيشي استقالته..
ـــ تقديم حكومة جديدة تحظى بثقة البرلمان.
ـــ حلّ البرلمان..
ـــ تنظيم انتخابات سابقة لأوانها في ظرف 90 يوما.
ـــ نشر الجيش في المدن بكافة مناطق الانتاج، واستنفار قوات الأمن لحفظ النظام.
7 ** مبادرة “الراية الوطنية”، التي تضم النائب مبروك كورشيد وعياض الودرني وغيرهما.. وهي تهدف إلى تغيير نظام الحكم، وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة.
8 ** “مبادرة التيار الديمقراطي”، تهدف إلى تنظيم حوار اقتصادي واجتماعي، وهي مبادرة تتقاطع مع مبادرة اتحاد الشغل.. وكان الأمين العام للاتحاد، نور الدين الطبوبي، ، الأمين العام للحزب، التقى وفدا قياديا عن التيار، بزعامة غازي الشواشي ومحمد الحامدي.
يذكر في هذا السياق، أنّ عديد الشخصيات التونسية، التي تقلدت مناصب مهمة في الدولة، رفضت الانضمام إلى هذه المبادرات، وفضلت البقاء في وضعية الملاحظين.. ومن بين هذه الشخصيات، نذكر، وزير الدفاع السابق، عبد الكريم الزبيدي..
وتبقى مبادرة الأستاذ محمد عبو، الأكثر إثارة في الأوساط السياسية، لأنها اعتبرت غريبة عن مسار الانتقال الديمقراطي في تونس، لأنها تتوخى آليات غير ديمقراطية، لتحسين الأوضاع، في مناخ تونسي، ليس بمثل القتامة التي يقدمها عبو..
ولم تذهب النخب بعيدا مع هذه المبادرة، التي ظلت معزولة سياسيا، لأنها تقفز على المخرجات المدنية، والسلمية في التداول على السلطة.
إلى جانب ذلك، تقفز المبادرة، على الآليات السياسية والدستورية، المتعارف عليها، وتحاول أن تشحن الوضع السياسي بأسلوب جديد، قريب إلى حدّ بعيد مما هو متوفر في الأنظمة الكليانية، والعسكرياتية، التي لا يبدو ــ في نظر النخب
التونسية ــ أن تونس تحتاجها مطلقا، خصوصا في وضعها الراهن.
فيما تنطلق بعض المبادرات الأخرى، من خلفية إقصائية، لأنها تحاول أن تستبعد أطرافا حزبية وبرلمانية، بذرائع مختلفة..
وتراهن بعض المبادرات، من ناحية أخرى، على مسألة المصالحة الوطنية، على غرار مبادرة “الراية الوطنية”، في محاولة لاستثمار الوضع الراهن المتأزم، لاستعادة منظومة الفساد القديمة، وتبييضها، دون أي رسكلة، مع القفز على مخرجات العدالة الانتقالية، وبخاصة المحاسبة.