قيادي في “جماعة الإخوان المسلمين”: لهذه الأسباب يريد ترامب إدراجنا بقوائم الإرهاب !
القاهرة ــ الرأي الجديد (مواقع إلكترونية)
قال القيادي بجماعة الإخوان المسلمين المصرية، محمد عماد صابر، إن “نجاح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية يظل احتمالا قائما، في ظل رغبته بوضع العراقيل أمام الرئيس المنتخب، جو بايدن، وإدارته الجديدة”، مُشدّدا على أن “هذا الاحتمال ضعيف لأسباب عملية كثيرة، أهمها عدم وجود هيكل واحد ومُحدد لجماعة الإخوان حول العالم ليتم تصنيفه كاملا بالتنظيم الإرهابي”.
وأوضح، أن “الهدف من المحاولات المستمرة لإدراج الإخوان على قائمة الإرهاب بأمريكا هو ممارسة الضغوط والحصار على الجماعة التي يعملون على اقتران اسمها بالإرهاب”، مؤكدا أن “ما يحدث لا يقتصر فقط على استهداف الجماعة ومؤسساتها بقدر ما يهدف إلى استهداف القوى والتيارات الإسلامية المنخرطة في الشأن العام بصفة عامة”.
ولفت “صابر”، وهو عضو سابق بلجنة العلاقات الخارجية بأول برلمان عقب اندلاع ثورة جانفي، إلى أن “هناك سبع دول قامت أنظمتها الحاكمة بتصنيف الإخوان منظمة إرهابية”، مشيرا إلى أن “جميع الأنظمة السياسية في تلك الدول هي أنظمة مُجرمة مستبدة فاسدة تابعة إما لروسيا أو لأمريكا والغرب”.
وقبل أيام، أعاد السيناتور الجمهوري عن ولاية تكساس، تيد كروز، تقديم مشروع قانون يصنف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، وهو قانون يحث وزارة الخارجية الأمريكية على استخدام سلطتها لتحديد الجماعة كمنظمة إرهابية أجنبية.
وتعد هذه المحاولة الثالثة من قبل “كروز” لتصنيف الجماعة “منظمة إرهابية”، إذ قدم مشروع قانون بهذا الخصوص أول مرة في العام 2015، وأعاد تقديمه في 2017، دون أن يحظى بقبول في المجلس رغم الأغلبية الجمهورية.
لماذا حرصت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ وصولها للحكم وحتى أيامها الأخيرة على إدراج جماعة الإخوان في القائمة الأمريكية الخاصة بـ”الجماعات الإرهابية الأجنبية”؟
في الحقيقة كانت هناك محاولات مختلفة حتى قبل مجيء إدارة ترامب؛ ففي عهد إدارة أوباما كانت هناك محاولات من أجل استهداف الجماعة، إلا أن كل مشروعات القوانين التي تم تقديمها للكونغرس في عهد أوباما في هذا الموضوع لم تحدث أي تقدم، لكن المحاولات لم تنقطع.
وفي الأسابيع الأولى لوصول ترامب إلى سدة الحكم تمت مناقشة إدراج الإخوان كجماعة إرهابية من خلال إصدار ترامب أمرا تنفيذيا بذلك، لكن تم تأجيله بسبب مذكرة داخلية عارضت مثل هذا القرار؛ فالمؤسسات الأمريكية البيروقراطية مثل وزارة الخارجية ووزارة الدفاع والمخابرات العامة الأمريكية تتخذ مواقف ضد إصدار تشريعات لتصنيف الإخوان كجماعه إرهابية، لذلك فقد عارضت ترامب في إصدار هذا القرار، مما أدى إلى عدم صدور الأمر التنفيذي.
ومع عدم صدور القرار من ترامب لمعارضة المؤسسات المعنية المختلفة، وتبين صعوبة الطريق التقليدي متمثلا في محاولات إصدار قوانين في الكونغرس تطلب من الإدارة المضي قدما في عملية التصنيف، عادت الجهود مرة أخرى إلى الكونغرس، ولكن بأساليب أخرى تبتعد عن الطريقة المباشرة بتقديم مشروعات قوانين. إذن المحاولات كثيرة ومتعددة وتتم بصورة منتظمة، وقد لا تتوقف.
هل تعتقد أن ترامب سينجح هذه المرة في إصدار مثل هذا القرار قبل انتهاء أيامه الأخيرة بالحكم؟
هناك احتمال لصدور هذا القرار، لكنه احتمال ضعيف لأسباب عملية كثيرة، منها عدم وجود هيكل واحد ومُحدد لجماعة الإخوان المسلمين حول العالم ليتم تصنيفه كاملا بالتنظيم الإرهابي، بالإضافة إلى مشاركة أعضائها في الحكم أو في البرلمانات أو حتى في المعارضة الشرعية بصور مختلفة في دول إسلامية مهمة، مما قد يؤدي إلى الكثير من التبعات السلبية التي يمكن أن تؤثر على المصالح الأمريكية جراء هذا القرار، فضلا عن غياب المبررات القانونية الكافية لمثل هذا التصنيف. وموقف المؤسسات الأمريكية التقليدية متمثلة في الوزارات والمؤسسات الأمريكية الاستخباراتية ضد هذا التصنيف.
ومع ذلك يظل نجاح ترامب في التصنيف، احتمالا قائما، في ظل رغبة ترامب في وضع العراقيل أمام “بايدن” وإدارته الجديدة، كما أن ترامب ووزير الخارجية مايك بومبيو المعروف بنشاطه في الدفع في اتجاه التصنيف وقتما كان عضوا بالكونغرس، كلاهما لديه القدرة على إصدار قرار تنفيذي بتصنيف الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية.
إذا كان احتمال صدور قرار بتصنيف الإخوان كجماعة إرهابية احتمالا ضعيفا كما تقول.. فما جدوى هذه المحاولات برأيك؟
هذه المحاولات المستمرة يهدف أصحابها إلى ممارسة الضغوط والحصار على الجماعة التي يعملون ليل نهار على اقتران اسمها بالإرهاب، ومن أجل محاولة خلق صورة عامة توحي كذبا بذلك، وإن كان هدفهم الرئيس هو إدراج الجماعة كمنظمة إرهابية، حتى لو كان ذلك بالتدريج وعلى فترات وبطرق مختلفة.
وما الأسباب وراء استهداف جماعة الإخوان بأمريكا من وجهة نظرك؟
السبب الأول يتعلق بالداخل الأمريكي، حيث يتمثل في حصار وضرب فعالية المنظمات الإسلامية العاملة في الولايات المتحدة، والتي أصبحت تُشكّل مجتمعا مدنيا قويا ومُنظما بشكل قوي ومؤثر أكثر من أي وقت مضى، وذلك لصعوبة الاستهداف القانوني لهذه المنظمات أو اتهامها بدعم الإرهاب، حيث لم يثبت عليها أي شيء مخالف للقانون، ولا يمكن إدانتها من خلال المنظومة القضائية الأمريكية بمثل هذه التهم التي تفتقر إلى الأدلة، لذلك قد يتم التحايل على ذلك بربطها بمنظمات خارج الولايات المتحدة تم تصنيفها كمنظمة إرهابية أجنبية، ومن ثم منع عملها داخل المجتمع الأمريكي. ويعتبر هذا السبب هو الأهم بالنسبة للإدارة الأمريكية وللداخل الأمريكي الذي تتصاعد فيه حملات الإسلاموفوبيا.
والسبب الثاني يتمثل في حصار العمل الإسلامي حول العالم، حيث يمكن الادعاء بسهولة بالارتباط بين أي شخص أو مجموعة من الأفراد أو منظمة إغاثية أو حقوقية… إلخ مع جماعة الإخوان بعد تصنيفها كمنظمة إرهابية دولية، وهو ما يترتب عليه آثار كثيرة منها المضايقات الأمنية، سواء بوجود اتهام من عدمه، والحرمان من دخول الولايات المتحدة، وتجميد الحسابات البنكية والممتلكات، وتتبع التحويلات المالية أيّا كان الغرض منها، وتوجيه التهم الجنائية، مما يعرقل عمل الكثير من الأفراد والمؤسسات.
أما السبب الثالث من هذه المحاولات فهو الاستجابة لضغوط الحلفاء في الشرق الأوسط؛ فدول مثل مصر والسعودية والإمارات تضغط على الإدارة الأمريكية من أجل تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية.
وبالتالي، فما يحدث لا يقتصر فقط على استهداف الجماعة ومؤسساتها بقدر ما يهدف إلى استهداف القوى والتيارات الإسلامية المنخرطة في الشأن العام بصفة عامة، والتي تلعب أدوارا مهمة ومتصاعدة في التأثير على الرأي العام والإعلام ومنظمات المجتمع المدني في الولايات المتحدة وحول العالم، أو تلك التي لها أنشطة سياسية وحزبية مؤثرة في بلدانها.
ماذا لو تم تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية بأمريكا؟
إذا قامت واشنطن بإدراج الجماعة في قائمة الكيانات الإرهابية الأجنبية، فإن هذا يعني أنه لا يحق لأي من المواطنين أو المنظمات الأمريكية التعامل معها أو مع أحد أفرادها، كما أن أفراد الجماعة يتم منعهم من دخول الولايات المتحدة، كما يمكن لوزير الخزانة أن يقوم بمصادرة أموال أعضائها، وغيرها من الإجراءات التي تعني التضييق على أعضاء الجماعة وقادتها وأنشطتها. لكن من الناحية العملية توجد صعوبات كثيرة في تصنيف جماعة الإخوان المسلمين بشكل عام كجماعة إرهابية كما أوضحنا سابقا.
برأيك، ما هي الأدوار الخارجية للضغط على الولايات المتحدة لإدراج الإخوان كجماعة إرهابية؟
في الحقيقة يُوجد مَن يسعى من خارج الولايات المتحدة من أجل تمرير هذا القرار، ويبذل في سبيل ذلك الأموال والكثير من الجهد، من أجل قمع معارضتهم المحلية، ولمحاولة إسكات كل صوت حر ينادي بالحرية والكرامة والعدالة؛ فالنظام العسكري الانقلابي الحاكم في مصر، ونظام محمد بن زايد في الإمارات، ونظام ابن سلمان في السعودية، إضافة إلى البحرين، عملوا خلال السنوات الخمس الماضية بطرق مختلفة على الضغط من أجل إدراج الإخوان كجماعة إرهابية في أمريكا وبريطانيا.
لو قلنا إن السياسات والضغوطات التي تحدثتم عنها لم تنجح حتى الآن في تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية بأمريكا.. فما هي توقعاتكم حيال هذه السياسات في المستقبل؟
نعم. حتى هذه اللحظة لم تنجح هذه السياسات في تحقيق أهدافها، لكن هذا لا يعني أنها ستختفي مستقبلا، وأتوقع أن تأخذ أشكالا أخرى وسياسات مختلفة، وربما تكون السياسة المستقبلية التي ستعمل هذه الدول على اتباعها هو ألا تقوم الإدارة لأمريكية بتصنيف الإخوان ككل كجماعة إرهابية، وبدلا من ذلك تقوم بوضع الجماعة بصورة تدريجية في مصر مثلا، أو وضع مجموعة من قيادات الجماعة على القائمة، ثم القيام بهذا الإجراء تباعا وتدريجيا في باقي الدول، ومن خلال هذه الطريقة فإنه يمكن تفادي المصاعب التي كانت تعوق إصدار هذا القرار. وقد ظهرت هذه المقترحات بصورة واضحة خلال جلسة استماع الكونغرس في جويلية 2018، كاقتراحات بديلة لتجنب صعوبات إدراج الجماعة ككل. وهذا السيناريو وارد ومتوقع.
كم عدد الدول التي صنفت الإخوان كجماعة إرهابية حتى الآن؟ وما أوجه التشابه بين الأنظمة السياسية في تلك الدول؟
توجد سبع دول قامت أنظمتها الحاكمة بتصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية، وهي: مصر، والسعودية، والإمارات، وروسيا، وسوريا، وكازاخستان، وموريتانيا.
أما أوجه التشابه بين الأنظمة السياسية في تلك الدول، فجميعها أنظمة مُجرمة مستبدة فاسدة تابعة إما لروسيا أو لأمريكا والغرب.
ماذا عن فرص جماعة الإخوان أمام هذه التحديات المُعقدة والمُتشابكة والتي لا تتوقف؟
الحقيقة أن التدافع سنة ربانية كونية لا تتغير ولن تتبدل، والتحديات القائمة والقادمة أمام الجماعة صعبة وكبيرة، والفرص نادرة وقليلة، أمام الظرف المحلي والإقليمي والدولي، المليء بالصعوبات والمواقف السلبية تجاه الجماعة، وتحول عقيدة المشروع الغربي ضد المشروع الإسلامي، خاصة الإخوان؛ فبعد أن كان يُنظر إليها كحائط صد يحمي أنظمة الحكم العربي من التيارات العنيفة، أصبح يُنظر إليها كحزام ناقل للإرهاب.
وتتوقف الفرص أمام الجماعة على طبيعة النظم العربية الحاكمة ومدى تحررها من سلطان التبعية للصهيوأمريكية، كما يتوقف سلوك الجماعة نفسها ومدى قدرتها على أخذ الدروس والعبر من التجارب العنيفة التي عاشتها وما زالت.
وهي في الغالب نقاط داخلية أكثر منها خارجية، لكن في جميع الأحوال الأفكار لا تموت. سيبقى الإخوان من حيث الوجود، لكن يبقى التحدي في المساحات والحدود، وهذا يتوقف على مدى تطوير الجماعة على مستوى الأفكار والقيم والاتجاهات والممارسات والسلوكيات. وهناك قائمة كبيرة من الملاحظات كتبها أصدقاء وخصوم الجماعة منذ عقود، وما زال يكتب الكثير، وكلنا أمل ألا تضيع هباء بسبب طريقة استقبالها بين الخصوصية والخصومة.
المصدر: (عربي 21)