بمناسبة اليوم العالمي للطفل… رابطة حقوق الإنسان تطالب بهيئة وطنية مستقلة لحماية حقوق الطفل
تونس ــ الرأي الجديد / سندس عطية
طالبت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، بإبلاء مصالح الطّفل الفضلى، الاعتبار الأول بشكل صريح في جميع التشريعات والقوانين والأحكام والسّياسات ذات الصلة، بما في ذلك السّياسات الصحيّة لمجابهة الجوائح.
ودعا بيان للرابطة في هذا السياق، إلى مراجعة وإقرار مشروع الميزانية العموميّة للدّولة باعتماد منظور قائم على مصالح الطفل الفضلى.
ويأتي البيان، في ذكرى احتفال تونس، يوم 20 نوفمبر 2020 مع باقي المجموعة الدولية باليوم العالمي للطّفل، والذّكرى 31 لصدور اتفاقية حقوق الطفل في مثل هذا اليوم من عام 1989 والتي صادقت عليها تونس، وأصبحت جزءا من قوانينها الداخلية.
وناشدت الرابطة، الحكومة، بتحويل جائحة “كورونا” إلى فرصة لإجراء “إصلاح عميقٍ وشاملٍ للمنظومة الصحيّة مع التّركيز على صحة الأم والطّفل واليافعين واليافعات، إلى جانب إصلاح شامل لمنظومة التّربية والتّعليم”.
كما طالب بيان الرابطة، باستثمار جائحة “كورونا” كفرصة لمراجعةٍ وإصلاحٍ جذريٍّ وشاملٍ لمنظومة عدالة الأطفال، تستجيب للمعايير الدّولية ذات الصّلة..
وشددت الرابطة، على ضرورة إصدار “قانون شامل لحقوق الطّفل، يستجيب لمضامين اتّفاقيّة حقوق الطّفل، ويجري وضعه في إطار وطني وتشاركي”، بما في ذلك الأطفال أنفسهم.
ولفت البيان، إلى أهمية تفعيل المجلس الأعلى للطّفولة، وتوسيع نطاق العضوية فيه، لتشمل منظّمات وجمعيات ناشطة في مجال الطّفولة..
وطالب بيان الرابطة، بإحداث “هيئة وطنية مستقلة أو مفوّض عام لحقوق الطفل”، وضمّ سلك مندوبي حماية الطّفولة، ومرصد الإعلام والتكوين والتوثيق والدراسات حول حماية حقوق الطفل إليها.
وأشار البيان الذي حصلت “الرأي الجديد” على نسخة منه، إلى ضرورة استثمار نتائج مفاوضات الكامور، لإرساء “منوال تنموي تشاركي وشامل ومنصف لجميع المناطق المهمّشة”، يحقّق أهداف التّنمية المستدامة 2030، وخاصّة تكافؤ الفرص والتّنمية الشّاملة، ومكافحة الفقر، وإعلاء المصلحة الفضلى للأطفال في تلك المناطق.
وفيما يلي نص البيان المعمّق للرابطة..
الرّابطـــة التّونسيّــــة للدّفــــاع عــن حقــــوق الإنســـان
والتنسيقيــات الجهويــة لحقــوق الطّفــل بمناسبــة
الاحتفــال باليــوم العالمــي لحقــوق الطّفــل 2020
تحــــت شعــــار: “كورونــا.. مـن جائحــة إلى فرصــة”
تحتفل بلادنا اليوم 20 نوفمبر 2020 مع باقي المجموعة الدولية باليوم العالمي للطّفل، والذّكرى 31 لصدور اتفاقية حقوق الطفل في مثل هذا اليوم من عام 1989 والتي صادقت عليها تونس، وأصبحت جزءا من قوانينها الداخلية. كما صادقت تونس على كل من البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلق ببيع الأطفال وبغاء الأطفال واستغلال الأطفال في المواد الإباحية، وعلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلق باشتراك الأطفال في النازعات المسلحة، كذلك البروتوكول الاختياري الثالث لاتفاقية حقوق الطفل بشأن إجراءات تقديم الشكاوى.
ورغم ما شهدته بلادنا من إصلاحات دستورية وتشريعية وسياسية هامة بعد الثورة تمثلت بالخصوص في تغيير نظام الحكم، وتدعيم الإطار القانوني لحقوق الإنسان وتعزيزها، وانتخابات رئاسية وتشريعية خلال سنتيْ 2014 و2019، وانتخابات بلدية عام 2018.
ورغم تتالي التّشريعات الضمانة نظريا لحقوق الطّفل ببلادنا منذ صدور مجلة حماية الطفل سنة 1995، وصدور دستور جانفي 2014، واعتماد القانون الأساسي عدد 61 لسنة 2016 المتعلق بمنع الاتجار بالأشخاص ومكافحته، والقانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 بشأن القضاء على العنف ضد المرأة، والجهود الجارية حاليّاً لتعديل وتطوير مجلة حماية الطّفل لضمان مزيدٍ من الحماية للأطفال في العدالة، والأطفال الضّحايا والأطفال الشّهود.
ورغم أنّ أطفال تونس يشكّلون قرابة ثلث السّكان، وباعتبار المسؤولين عن رعايتهم يقاربون غالبية السّكان، إلاّ أنّهم ما يزالون يتعرّضون لشّتى أنواع الانتهاكات والتّجاوزات، والتي تفاقمت في ظلّ جائحة كورونا، تؤثّر سلبا وعلى حقوقهم الأساسيّة في الصحّة والتّعليم والنّماء الشّامل والمتوازن، ناهيكم عن حقوقهم الأخرى في اللّعب والتّرفيه والحماية من العنف والتي تضاعف ستّة مرّات عمّا كان عليه قبل الجائحة وفق اليونيسف.
ويعود ذلك حسب تشخيصنا إلى غياب منوال تنموي شامل وعادل وانعدام إستراتيجية وطنية تعطي الأولويّة لحقوق الأطفال وقضاياهم لدى الأحزاب والقوى السّياسيّة النافذة في مؤسّسات السلطة التّنفيذيّة والتّشريعيّة. كما يرجع كذلك إلى عدم التفاعل الجدّي مع مبادرات المجتمع المدني، ومنها مقترحات الرابطة وتنسيقيات حقوق الطفل، ومع تقارير المنظمات الأممية ومنها اليونسيف.
وإذ نجدّد القناعة بأنّ احترام حقوق الطّفل وحمايتها وتطبيقها هي مسؤوليّة مشتركة بين جميع مكوّنات الوطن، من سلط رئاسيّة وتشريعية وتنفيذية وقضائيّة ومجتمع مدني وسياسيّ ووسائل إعلام انتهاءً بالأولياء والأسر، فأنّنا نؤكّد في هذا الظرف على أنّ المسؤوليّة الأولى تقع على عاتق الدّولة.
وفي إطار مسؤوليتنا كمجتمع مدني نضع اليوم جميع تلك المكوّنات أمام مسؤولياتهم التّاريخيّة في الالتزام بحقوق الأطفال وحمايتها، والعمل على تحويل جائحة كورونا إلى فرصة، خاصّة وأنّها قد أتاحت المجال لإثبات صحّة توجّهاتنا ورؤيتنا الإستراتيجية في مجال حقوق الطّفل، والتي عبّرنا عنها في أكثر من مناسبة كان من ضمنها حملة مناصرة حقوق الطّفل أثناء الانتخابات الرّئاسيّة والتّشريعيّة 2019.
ولكي لا تخسر بلادنا فرصاً أخرى كان يمكن أن تحدّ من آثار هذه الجائحة اليوم وغيرها من الكوارث، فإنّنا نطالب بالآتي:
1) إبلاء مصالح الطّفل الفضلى الاعتبار الأول بشكل صريح في جميع التشريعات والقوانين والأحكام والسّياسات ذات الصلة بما في ذلك السّياسات الصحيّة لمجابهة الجوائح، وليس فقط في تلك التي تخص الأطفال بشكل مباشر. وعلى الأخص مراجعة وإقرار مشروع الميزانية العموميّة للدّولة باعتماد منظور قائم على مصالح الطفل الفضلى.
2) تحويل جائحة كورونا إلى فرصة لإجراء إصلاح عميقٍ وشاملٍ للمنظومة الصحيّة مع التّركيز على صحة الأم والطّفل واليافعين واليافعات، وكذلك إصلاح شامل لمنظومة التّربية والتّعليم استناداً إلى مبادئ المساواة وعدم والتّمييز وتكافؤ الفرص والإنصاف والاحتواء الشّامل لجميع الأطفال بمن فيهم الأطفال ذوي الإعاقة، تأخذ بعين الاعتبار إزالة الحواجز البيئيّة والحواجز الثّقافية والتّهيئة القبلية، وتدريب الإطارات التّربوية والتّعليمية والإدارية والمساندة، وتثقيف وتوعية الأطفال والأولياء وتجهيز المدارس بما في ذلك المعينات ووسائل وأدوات التّعليم وغرف المصادر والإطار التّربوي المساعد.
3) استثمار جائحة كورونا كفرصةٍ لمراجعةٍ وإصلاحٍ جذريٍّ وشاملٍ لمنظومة عدالة الأطفال، تستجيب للمعايير الدّولية ذات الصّلة، وخاصّة الفصل التّام لقضاء هذه المنظومة عن المنظومة الجزائية، واللّجوء إلى بدائل حجز الحرّيّة والبدائل التّربوية، وتفعيل خطّة مندوب الحريّة المحروسة.
4) إصدار قانون شامل لحقوق الطّفل، يستجيب لمضامين اتّفاقيّة حقوق الطّفل، ويجري وضعه في إطار وطني وتشاركي بما في ذلك الأطفال أنفسهم.
5) تفعيل المجلس الأعلى للطّفولة، وتوسيع نطاق العضوية فيه لتشمل منظّمات وجمعيات ناشطة في مجال الطّفولة على أن يتمّ وضع معايير موضوعية لانتخابها، وممثّلين منتخبين عن برلمان الطّفل.
6) إحداث هيئة وطنية مستقلة أو مفوّض عام لحقوق الطفل، وضمّ سلك مندوبي حماية الطّفولة ومرصد الإعلام والتكوين والتوثيق والدراسات حول حماية حقوق الطفل إليها.
7) استثمار نتائج مفاوضات الكامور، لإرساء منوال تنموي تشاركي وشامل ومنصف لجميع المناطق المهمّشة، يستجيب للمعايير الدّولية ذات الصّلة ويحقّق أهداف التّنمية المستدامة 2030، وخاصّة تكافؤ الفرص والتّنمية الشّاملة، ومكافحة الفقر، وإعلاء المصلحة الفضلى للأطفال في تلك المناطق.
رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان
جمال مسلم