مع فشل الهدنة… ما سيناريوهات الحرب بين أرمينيا وأذربيجان؟
إقليم ناغورغي ــ الرأي الجديد (وكالات)
استمرار الاشتباكات العسكرية واشتداد ضراوتها للأسبوع الثالث على التوالي بين القوات الأرمينية والأذرية حول إقليم ناغورني قره باغ، فضلا عن فشل وقف إطلاق النار منذ يومه الأول، فتح باب التوقعات واسعا للسيناريوهات المحتملة لما ستؤول إليه الأزمة، بناء على تاريخية الأحداث وتطورها وتداعياتها الحالية، وربطا بالتحالفات الإقليمية.
وكان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار دعا إلى انسحاب الانفصاليين الأرمن من ناغورني قره باغ، وذلك في اتصال هاتفي مع وزير دفاع روسيا التي رعت هدنة أعلنت السبت في الإقليم، لكنها ما لبثت أن انتُهكت.
وقال أكار إن “أذربيجان لا يمكن أن تنتظر 30 عاما أخرى للتوصل إلى حل”، في إشارة إلى وقف إطلاق النار الأول الذي تم التوصل إليه عام 1994، وأدى إلى تجميد النزاع بعد حرب خلفت نحو 30 ألف قتيل.
وأكدت صحيفة “خبر ترك” التركية أن إبعاد أنقرة عن الصراع بين أذربيجان وأرمينيا لا يعد واقعيا، مشيرة إلى أن موسكو قد تنشر قوات لها في المنطقة بحجة الفوضى، ضمن مساعيها لاستقلال قره باغ.
وأوضحت الصحيفة التركية أن المنطقة باتت ساحة حرب بالوكالة لا يمكن لأحد السيطرة عليها بشكل كامل، كما أن الفراغ الذي أحدثته الولايات المتحدة يفتح المجال لروسيا بزيادة نفوذها، لافتة الى أن الحرب التي استؤنفت في 27 سبتمبر الماضي، لها أبعاد خطيرة على صعيد التسلح والسياسة الداخلية والوضع الجيوسياسي.
البعد العرقي
ومن إسطنبول، يرى الباحث المختص في الشأن التركي سعيد الحاج أن “عدم تجاوب أذربيجان وأرمينيا مع الدعوات الروسية للتهدئة والحوار، يرجّح استمرار الاشتباكات بين الطرفين، ولا سيما أن تركيا تنحاز إلى جانب أذربيجان انحيازا كاملا، بينما تدعو كل من روسيا وإيران لوقف إطلاق النار، في مقابل غياب شبه تام للولايات المتحدة وصمت الاتحاد الأوروبي”.
ويستبعد الحاج توسع الاشتباكات لتتحول إلى حرب مفتوحة، لأن ذلك قد يحولها إلى حرب إقليمية أوسع، لن تسمح بها روسيا لما للمنطقة من أهمية جيوسياسية واقتصادية، وكذلك بسبب تشابك منظومة التحالفات وتعقّدها فيها.
ويقول الحاج للجزيرة نت “باكو تعوّل في المرحلة الراهنة على تحقيق إنجازات ميدانية سريعة، يمكن تحويلها إلى أوراق ضغط على أرمينيا في أي عملية سياسية لاحقة، لأن طبيعة المنطقة الجبلية ووعورة مسالكها تجعل من الصعب تحقيق نصر عسكري حاسم”.
ويضيف “لا يرجَّح أن تقوم مجموعة مينسك -الخاصة بحل نزاع إقليم قرة باغ بين أذربيجان وأرمينيا- حاليا بدور مؤثر في حل الأزمة، بينما توجه تركيا انتقادات لها وإلى الأمم المتحدة في ضوء فشلها في تحقيق أي تقدم بخصوص تطبيق قرارات مجلس الأمن”.
ويعتقد الباحث في الشأن التركي أن “تركيا تستغل غياب الولايات المتحدة، وتحاول تأسيس إطار إقليمي أو دولي بديل للمساهمة في حل تكون هي جزءا منه”.
وعلى هذا الأساس، رجّح الحاج حصول تفاهمات تركية روسية حول أزمة القوقاز، شبيهة بالتفاهمات التي قامت بين البلدين في سوريا وليبيا في غياب الولايات المتحدة؛ لما تملكه الدولتان من إمكانية التأثير في طرفَي الصراع.
وبناء عليه، فإن سيناريو الإبقاء على الوضع القائم والمراوحة بين فترات التهدئة والتصعيد، هو الأكثر احتمالا حاليا، بينما يمكن أن تدفع التطورات الميدانية إلى حالة من التفاوض بين الجانبين بوساطة روسية، أو روسية تركية على المدى المتوسط، وفقا للباحث سعيد الحاج.
سيناريو إدلب
وفي 30 سبتمبر 2020، طرح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو فكرة تسوية نزاع قره باغ على “الطريقة السورية”، من خلال إنشاء ممرات آمنة وتسيير دوريات مشتركة في مناطق الترسيم المقترح لخطوط الفصل بين القوات.
وفي السياق، يرى الخبير العسكري التركي إسماعيل حقي أن قاعدة غيومري العسكرية الروسية في أرمينيا (والتي تضم 5 آلاف عنصر)، يمكن تلعب دور قاعدة حميميم في سوريا وتصبح الضامن لبدء حوار سلمي لحل الصراع في قره باغ.
ويقول حقي للجزيرة نت “تركيا وروسيا تمتلكان الدور المحوري في الوصول لتسوية للنزاع بين أذربيجان وأرمينيا، لذلك فإن الطريق الوحيد للوصول إلى تسوية في جنوب القوقاز هو عَبْر التفاوض، بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة التي تُطالِب باستعادة سيادة باكو على ناغورني قره باغ، واحترام حقوق الأرمن الذين يسكنون في الإقليم، وعودة اللاجئين، وهو ما يجعل سيناريو إدلب هو الأكثر احتمالا لمستقبل التسوية بين أذربيجان وأرمينيا على المدى المنظور”.
وتُرجّح موافقة أرمينيا على هذا السيناريو في حال استمرار استعادة الجيش الأذري مساحات واسعة من الإقليم، وسط تفوق الجيش الأذري بدعم تركي عسكري.
ويضيف “من بين السيناريوهات المطروحة أيضا استهداف مشاريع تركية عملاقة، بينها خط سكك الحديد (باكو تفليس قارص) وخط نقل الطاقة (باكو جيهان) وخطط طريق الحرير التي تبحثها تركيا مع بكين وموسكو على السواء، في حال الانزعاج الأميركي والإيعاز بتحريك الأحجار هناك”.
المصدر: موقع “الجزيرة نت”