(خاص) ينظر فيها البرلمان… حوالي 40 منظمة حقوقية ترفض مشاريع قوانين تصفها بــ “الخطيرة” والمهددة للحريات
تونس ــ الرأي الجديد (خاص)
عبرت عشرات الجمعيات عن “رفضها واستنكارها” لما وصفته بــ “الخرق الواضح، لأبسط مقومات دولة القانون وتهديد المسار الديمقراطي”، على خلفية مشاريع القوانين التي ينظر فيها مجلس نواب الشعب بداية من اليوم، وعلى امتداد 3 أيام..
وتطرقت هذه المنظمات، في بيان سيصدر يوم غد ــ على الأرجح ــ والذي تنفرد “الرأي الجديد” بنشره اليوم، إلى ملفات قانونية ودستورية عديدة، يطرحها مجلس نواب الشعب للمناقشة، خلال الأيام الثلاثة الجارية (انطلق البرلمان في جلساته اليوم)، على الرغم من ضعفها وهشاشة فصولها، وتعارضها مع حماية حقوق المواطنين وحرياتهم..
وجدّدت الجمعياتي، المنضوية ضمن إطار “الإئتلاف المدني الداعم للعدالة الانتقالية”، رفضها لمشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداء على القوات المسلحة، مشددة على أنه “يمثل خطرا على حقوق وحريات المواطنين والمواطنات”.
واعتبرت الجمعيات، أنّ محاولة تمرير مشروع القانون، قبيل أشهر قليلة من الاحتفال بعيد الثورة العاشر، يمثل تهديدا خطيرا للسلم الاجتماعي، ولتوازن المنظومة القانونية، لكونه ينتصر لمصالح قطاعية ضيّقة، في شكل مجلة جزائية موازية.
وتطرق البيان، الذي حمل عنوان: “عودة برلمانية مفزعة”، إلى تنقيح القانون الأساسي المتعلق بالمحكمة الدستورية، من خلال تخفيض الأغلبية المطلوبة لانتخاب أعضائها، واعتبرت أنّ ذلك “يعدّ خطرا حقيقيا يحدق بإرساء مؤسسات دولة القانون، واستكمال الانتقال الديمقراطي، ويمسّ من استقلالية المحكمة الدستورية”.
وإلى جانب رفضها لمشروع القانون المتعلق بحالة الطوارئ، رفضت الجمعيات التي يبلغ عددها نحو 40 جمعية ومنظمة حقوقية، بشدة، المبادرة التشريعية المقترحة من قبل كتلة الحزب الدستوري الحر..
وقالت المنظمات، أنّ المبادرة المقترحة، “تهدف إلى نسف مسار العدالة الانتقالية من خلال إلغاء المساءلة والمحاسبة الجارية أمام الدوائر القضائية المختصة، للذين ثبت ارتكابهم لجرائم حقوق إنسان بشعة، وجرائم مالية في حق مواطنين، وفي حق الدولة على مر 6 عقود، وإبطال جميع مخرجات هيئة الحقيقة والكرامة، وإلغاء صبغتها الملزمة للدولة التونسية، بما يكرس ثقافة الإفلات من العقاب المنتشرة، ويضرب عرض الحائط حقوق عشرات الآلاف من التونسيين في معرفة الحقيقة، ورد الاعتبار لهم، وحفظ ذاكرتهم والذاكرة الوطنية”.
وفيما يلي نص البيان الهام..
بيان من عدة جمعيات ومنظمات المجتمع المدني
“عودة برلمانية مفزعة”
تونس في 07 أكتوبر 2020
على إثر تواتر الأحداث المهددة لكرامة المواطنين وحقوقهم وحرياتهم، وإزاء قرار مكتب مجلس نواب الشعب المتعلق بإحالة عدة مشاريع قوانين، تتسم بالخطورة على أنظار الجلسة العامة، في وقت قياسي غير مسبوق، وسط غياب أي مبادرات لاستكمال بناء دولة القانون ومؤسساتها، مع تنامي الأزمة السياسية الخانقة، فإن الجمعيات الممضية أسفله، تعبّر عن رفضها واستنكارها لهذا الخرق الواضح، لأبسط مقومات دولة القانون وتهديد للمسار الديمقراطي.
فإذ تجدّد الجمعيات الممضية رفضها لمشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداء على القوات المسلحة، الذي لا يزال يمثل خطرا على حقوق وحريات المواطنين والمواطنات، رغم التعديلات التي تم إدراجها، فإنها تستنكر محاولة تمرير مشروع القانون المذكور أشهر قليلة قبيل الاحتفال بعيد الثورة العاشر، وتعتبر أن المشروع المقدم على أنظار الجلسة العامة، يمثل تهديدا خطيرا للسلم الاجتماعي، ولتوازن المنظومة القانونية، لكونه ينتصر لمصالح قطاعية ضيّقة، في شكل مجلة جزائية موازية، لا تكرّس مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون.
كما يمثّل النص المعروض نسفا لمبدأ وضوح الأحكام الجزائية، لما يحمله من عبارات فضفاضة، وانتهاكا لمبدأ قاعدة التناسب بين الفعل الإجرامي والعقوبة المستوجبة، كما يتعارض مع المبادئ الأساسية لاستخدام القوة من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، ويمثل عقبة أمام إرساء منظومة الأمن الجمهوري، هذا بالإضافة لتقديمه حصانة لقطاع طال انتظار إصلاحه والنأي به عن ظاهرة الإفلات من العقاب، في تضارب تام مع كل المطالب والمقترحات المتعلقة بإصلاح قطاع الأمن.
كما تعتبر الجمعيات الممضية، أن تنقيح القانون الأساسي المتعلق بالمحكمة الدستورية، وتخفيض الأغلبية المطلوبة لانتخاب أعضائها، يعدّ خطرا حقيقيا يحدق بإرساء مؤسسات دولة القانون، واستكمال الانتقال الديمقراطي، إذ تعتبر هذه الجمعيات أن مشروعية المحكمة الدستورية، تتمثّل في استقلاليتها، وأن البتّ في النزاعات الدستورية، يتطلب شروط الحياد والنزاهة والاستقلالية، لما لها من تداعيات على حفظ البلاد واستقرار مؤسساتها، وعليه فإن الجمعيات الممضية، تؤكد على ضرورة الحفاظ على الأغلبية المعززة كشرط لانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، الذي يعد ضمانا لاستقلالية هذه المؤسسة، وتحمل مسؤولية تأخر إرسائها لمختلف الكتل البرلمانية، الممثلة بمجلس نواب الشعب، خاصة في عهدته السابقة .
في هذا الصدد، تبيّن المنظمات الممضية، أن مناقشة هذه النصوص يتزامن مع عرض مشروع القانون المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ على الجلسة العامة. وإذ تذكّر الجمعيات الممضية، أن تمديد وتجديد حالة الطوارئ قد تواصل بصفة غير منقطعة منذ سنة 2015، بما يتعارض أساسا مع مفهوم وطبيعة حالة الطوارئ، وما مثّله من تضييق وانتهاك للحريات الأساسية للمواطنين. كما تجدّد هذه الجمعيات رفضها لمشروع القانون الذي لا يقدّم أي ضمانات لحماية حقوق وحريات المواطنين إذ أن مشروع القانون لم يضمن تشريك المؤسسات الدستورية لرقابة إعلانه وتمديده ولم يقدّم ضمانا فعّالا لتدخّل السلطة القضائية لحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك.
كما تؤكد المنظمات الموقّعة، أن تنقيح المرسوم عدد 116 المتعلق بحرية الاتصال السمعي والبصري، والمقدم من قبل عدة نواب، يمسّ من استقلالية وحياد الهيئة العليا المكلفة بالرقابة، إذ تم تخفيض الأغلبية المنصوص عليها بالمرسوم، لانتخاب أعضاء الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، مما يمثّل تهديدا من شأنه إخضاع المشهد الإعلامي للتجاذبات السياسية، وتردّيه عبر التلاعب بالقواعد القانونية لأجل مصالح سياسية ضيقة.
هذا ويتزامن النظر في هذه المبادرات التشريعية المهددة للمسار الديمقراطي والمتنافية مع مبادئ الثورة مع تصاعد وتيرة الاعتداءات على استقلالية السلطة القضائية من قبل من هم على رأس السلط الأخرى، وفي هذا السياق تعبّر الجمعيات الممضية عن استنكارها لموقف رئيس الجمهورية من عقوبة الإعدام لما يمثله ذلك من تفصي واضح لتعهدات تونس والتزاماتها الدولية في تراجع مخيف لكل الاستحقاقات المكتسبة والمتعلقة بمنظومة حقوق الإنسان وصون كرامة الذات البشرية. كما تدعو السلطة القضائية إلى تحمل مسؤولياتها إزاء استفحال ظاهرة الإفلات من العقاب والدفاع عن استقلالية الهياكل القضائية.
ونظرا للارتباط الوثيق بين كل هذه المسائل ومسار العدالة الانتقالية، فإن الجمعيات الممضية ترفض بكل شدة المبادرة التشريعية المقترحة من قبل كتلة الحزب الدستوري الحر يوم 25 سبتمبر المنقضي، والتي تهدف إلى نسف مسار العدالة الانتقالية من خلال إلغاء المساءلة والمحاسبة الجارية أمام الدوائر القضائية المختصة للذين ثبت ارتكابهم لجرائم حقوق إنسان بشعة وجرائم مالية في حق مواطنين وفي حق الدولة على مر 6 عقود، وإبطال جميع مخرجات هيئة الحقيقة والكرامة وإلغاء صبغتها الملزمة للدولة التونسية على معنى الفصل 70 من القانون 53-2013، مما سيكرس ثقافة الإفلات من العقاب المنتشرة، ويضرب عرض الحائط حقوق عشرات الآلاف من التونسيين في معرفة الحقيقة ورد الاعتبار لهم وحفظ ذاكرتهم و الذاكرة الوطنية.
إن الجمعيات الممضية أسفله تجدّد دعوتها لرئيس الحكومة ومجلس نواب الشعب لتحمل مسؤولياتهم للإسراع بتنفيذ الإصلاحات اللازمة خصوصا تلك التي تتعلق بالمنظومة الأمنية كما تدعو على وجه الخصوص نواب الشعب لرفض مشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداء على القوات المسلحة ولانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية مع الحفاظ على الأغلبية المعززة إعلاء لمبادئ الاستقلالية والحياد واستكمال إرساء بقية الهيئات الدستورية. كما تدعو رئيس الجمهورية للقطع مع العمل بنصوص قانونية غير دستورية متعلقة بالتضييق على الحقوق والحريات والعمل على تبني نصوص أخرى جديدة تحترم الأحكام الدستورية نذكر منها تلك المتعلقة بتنظيم حالة الطوارئ.
إن الجمعيات الممضية تجدّد رفضها لمشاريع القوانين المذكورة وتصديها لكل محاولات التضييق على المكتسبات الحقوقية، وعليه فإنها تدعو السيدات والسادة الصحفيين إلى حضور ندوتها الصحفية المقررة يوم الثلاثاء 6 أكتوبر بداية من الساعة العاشرة صباحا بنزل الأفريكا بتونس العاصمة.
المنظمات الموقعة
الجمعيات المنضوية تحت “الائتلاف المدني الداعم لمسار العدالة الانتقالية”..
الجمعيات الممضية:
* المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
* البوصلة
* الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية
* جمعية الخطّ / انكيفادا
* محامون بلا حدود
* النقابة الوطنية للصحفيين التونسين
* جمعية يقظة من أجل الديمقراطية والدولة المدنية
* أخصائيون نفسانيون العالم -تونس
* جمعية ذكرى و وفاء لشهيد الحرية نبيل بركاتي
* إنترناشيونل ألرت
* الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الاعدام
* المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب
* الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان
* الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات
* جمعية القضاة التونسيين
* نواة
* المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب
* الأورومتوسطية للحقوق
* مركز دعم التحول الديمقراطي وحقوق الانسان
* جمعية إنصاف لقدماء العسكريين
* لا سلام بلا عدالة
* المفكرة القانونية
* سوليدار – تونس