سلمى اللومي تأخذ على عاتقها بناء قطب سياسي جديد.. لمنافسة “اليمين المحافظ” و”الزبونية العلمانية”
تونس ــ الرأي الجديد / صالح عطية
قدمت مديرة الديوان الرئاسي، سلمى اللومي، اليوم، استقالتها إلى الرئيس، الباجي قايد السبسي، الذي قبلها بشكل رسمي، متمنيا لها التوفيق في مهامها القادمة.
وتأتي هذه الاستقالة، برغبة ذاتية من السيدة اللومي، التي اختارت التفرغ للعمل الحزبي، والاضطلاع بدور أساسي في جمع الفرقاء في “نداء تونس”، خصوصا مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي المقرر نهاية السنة الجارية.
وعلمت “الرأي الجديد”، من مصادر قريبة سياسيا من السيدة اللومي، أنّ انشقاق الحزب إلى مجموعتين وقيادتين إثر المؤتمر الأخير، الذي التأم بالمنستير، وحصول شق سفيان طوبال على الأغلبية، مقابل وجود مجموعة قليلة خلف نجل رئيس الدولة، ساهم في اتخاذ سلمى اللومي، قرار الاستقالة.
وقالت مديرة الديوان الرئاسي، في تدوينة على صفحتها على فيسبوك، أن استقالتها من منصبها، تأتي على خلفية سعيها إلى تجميع العائلة الوسطية التقدمية قبيل الانتخابات القادمة.
ومن المرجح، وفق مصادر “الرأي الجديد”، أن تتولى سلمى اللومي، القيام بمهمة التوحيد، بين “نداء الحمامات”، كما أصبح يعرف، أي شق سفيان طوبال، وحركة “مشروع تونس”، وحزب “البديل التونسي”، بالإضافة إلى مجموعة سعيد العايدي، التي تسمى حزب “بني وطني”، إلى جانب تيارات سياسية قريبة من العائلة الدستورية.
ويرمي هذا المسعى، الذي كلفت به سلمى اللومي، إلى تشكيل قطب سياسي كبير، يكون قادرا على إحداث التوازن السياسي مع (حركة النهضة).
ويبدو أنّ المفاوضات بين هذه العائلات السياسية، قطعت أشواطا مهمة في سبيل إيجاد صيغة توحيدية، في انتظار بعض التفاصيل المهمة التي سيكون على سلمى اللومي، التحدّث بشأنها مع رموز هذه الأحزاب، لتشكيل القطب المتوقع.
ويرى مراقبون، أنّ “العائلة الوسطية”، التي يعمل عليها نداء تونس (شق طوبال)، ستكون بمثابة “الضربة الموجعة” لحزب “تحيا تونس”، الذي ظل يراهن على استمرار التشتت داخل العائلة الندائية، بغاية استثماره في استقطاب عديد الأسماء والوجوه، ومزيد إضعاف “نداء تونس”، حتى لا يكون بديلا، أو على الأقل، منافسا جدّيا على تجميع “العائلة الوسطية”.
وبرزت هذه الرغبة في مزيد التشتت داخل الندائيين، من خلال “التلاعب” من قبل رئاسة الحكومة بمسألة الاعتماد الرسمي لحزب النداء، بين القبول بشق طوبال في البداية، ثم الإعلان عن خلاف ذلك، في إطار لعبة خلط الأوراق، وخلق هوامش جديدة من الصراع بين الشقين المتنازعين على “الترخيص الرسمي”، إن صح القول.
وتنتظر السيدة اللومي، مسؤولية جسيمة، باعتبار أنّ الأحزاب المعنية بعملية الائتلاف الانتخابي والسياسي مع “نداء تونس”، ستتنافس فيما بينها، على مواقع محددة، صلب الائتلاف الجديد، المزمع تشكيله، وهي من المسائل المهمة في الائتلافات السياسية والحزبية في المشهد السياسي التونسي، منذ عقود طويلة.
لا شك أنّ الوزيرة المستقيلة، ستجد أمامها عقبات كثيرة من أحزاب في الحكم، ومن خارجه، بغاية إفشال مهمتها الصعبة والمعقّدة.
ويعوّل الندائيون، على ما عرفت به هذه المرأة من صبر، وقدرة على الإقناع، وعلى إذابة التناقضات والتباينات، سيما وأنّ أطراف التفاوض، كانوا جنبا إلى جنب معها صلب نداء تونس، عند التأسيس، وخلال خوض غمار الانتخابات الماضية (2014)..
من المؤكد أنّ اللومي لن تكون في مهمة سهلة أو يسيرة، ونجاحها مرتبط برغبة الأطراف الأخرى في المضيّ باتجاه ائتلاف سياسي يكون منافسا جدّيا لليمين والمحافظين، و”العلمانية الزبونية”.
فهل تنجح اللومي في حسن إدارة هذا البناء الجديد ؟