ماكرون والسيسي وقصة “ثعلب الصحراء” بليبيا… التاريخ ضدّ المصالح
أنقرة ــ الرأي الجديد (مواقع إلكترونية)
قالت صحيفة تركية، إن أنقرة قلبت أحلام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ليبيا وخططه في شرق المتوسط، مشيرة إلى أن عليه قراءة قصة “ثعلب الصحراء” الألماني في الصحراء الليبية، وذلك بعد التقدم الذي أحرزته حكومة الوفاق في ليبيا، والخسائر التي تكبدها حليفه، اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وقالت صحيفة “خبر ترك”، في تقرير، إن عملية إيريني فشلت بإيقاف حركة السفن التركية قبالة سواحل ليبيا، متسائلة: ما الذي يريده ماكرون في حراكه ضد تركيا، الحليف في شمال الأطلسي، والمرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي؟
وأضافت أنه على مدار 17 عاما الماضية، لم تتعارض مصالح أنقرة وباريس في الشرق المتوسط وشمال أفريقيا، لكن مع رغبة ماكرون بتحقيق مصالح شركة النفط الفرنسية العملاقة “توتال” في الدولة الأفريقية، فقد ظهرت على السطح الخلافات الفرنسية مع تركيا التي تدعم حكومة الوفاق الليبية.
مصالح شخصية مع”توتال”
وأشارت إلى أن شركة النفط الفرنسية العملاقة، “توتال”، التي تستفز تركيا في شرق المتوسط، تسعى لتحويل مصر لمركز رئيسي للغاز الطبيعي المسال.
وأوضحت، أن فكرة نقل الغاز المستخرج من شرق المتوسط، عبر محطتين كبيرتين لتسييل الغاز، ثم نقلها إلى البحر الأبيض المتوسط، عبر السفن، أصبحت على جدول الأعمال، ومن خلف الكواليس، فإن لماكرون منفعة شخصية بهذا الأمر، من خلال “توتال”.
وأضافت أنه في الوقت الذي تدافع فيه تركيا عن السلامة الإقليمية لسوريا والعراق وليبيا، فإن شركة النفط الفرنسية العملاقة، التي خسرت نفوذها أمام عمالة الطاقة الأمريكية، لم يعجبها ذلك كثيرا.
خطط تركيا تتضارب مع فرنسا
وأكدت أن خطط تركيا، تتضارب مع فرنسا، لافتة إلى أن أنقرة تسعى لإنشاء شبكة خطوط أنابيب لجمع الغاز الطبيعي من آسيا الوسطى والبحر الأبيض المتوسط وشرقيه، ونقله إلى أوروبا، لتصبح “محور الطاقة”.
ولفتت إلى أن اتفاقات الطاقة التي وقعتها تركيا مع أذربيجان وروسيا وإيران وتركمنستان والعراق، منحها موقعا متقدما بهذا المجال، مشيرة إلى خط أنابيب الغاز الطبيعي “تاناب” المنجز في كانون الثاني/ ديسمبر مع أذربيجان، والذي يسهم بنقل 16 مليار متر مكعب من الغاز الأذري سنويا إلى تركيا وأوروبا، في الوقت الذي استوردت فيه 176 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من روسيا العام الماضي.
وأشارت إلى أنه يضاف لـ”تاناب”، خط “التيار التركي” بسعة 31 مليار متر مكعب، ويزداد هذا الاحتمال (تركيا محور الطاقة) في حال نجحت الشركات التركية في الانتاج بحقول الغاز الموجودة قبالة سواحل قبرص وليبيا، بعد منح طرابلس أنقرة الصلاحية بذلك والمصادقة على تراخيص التنقيب عن النفط.
وذكرت الصحيفة، أن ماكرون الواثق من نفسه، كان أول داعم لحفتر في الصراع الليبي، بل فتح الرهانات عليه قبل السعودية والإمارات.
وأوضحت أن العلاقة بين حفتر وفرنسا التي تحركت طائراتها قبل اجتماع الناتو للإطاحة بالقذافي، كانت مخططة لملء الفراغ ما بعد القذافي.
أحلام ماكرون.. رأسا على عقب
وأشارت إلى أن فرنسا كانت واثقة جدا بلعبتها بليبيا، لكن الخطوات التركية عسكريا وفي مجال الطاقة بليبيا، قلبت أحلام ماكرون رأسا على عقب.
وتابعت بأن اتفاقية المنطقة الاقتصادية الخالصة التي أبرمتها أنقرة مع طرابلس، أفشلت تحالف مشروع “EastMed” بين فرنسا ومصر وإسرائيل وقبرص اليونانية، وإيطاليا في شرق المتوسط.
وأضافت أن مصر انتقلت للخطة “ب”، بعد إدراكها لفشل المشروع، وحولت أنظارها إلى مصر وتحويلها لمركز شحن الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، لافتة إلى أنه يوجد لدى مصر منشآت كبيرة لكن لا يتم تشغيلها وهذا يزيد حماس فرنسا.
وأشارت إلى أن مصر التي لم تتمكن من تحقيق أهدافها من خلال الخطة “أ”، تقوم بطرح خطط احتلال ليبيا بتحريض من فرنسا والسعودية والإمارات.
تهديدات السيسي
ولفتت إلى أنه على الرغم من تهديد رئيس الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي، بالتدخل العسكري، وإشارته إلى أن المنطقة الممتدة من سرت والجفرة حتى الحدود المصري “خط أحمر”، إلا أن الحكومة الليبية مصرة على تحرير “سرت والجفرة” لأنهما مهمتان لمستقبل ليبيا.
وأضافت أن القاهرة في ورطة مع العديد من البلدان في أفريقيا، ومع الحصار الذي يتعرض له الجيش المصري من جبهات عدة، فإن محاولة الغوص في ليبيا وبتحريض فرنسي وإماراتي ضد تركيا، في الواقع ليست سوى محاولة انتحار.
وأكدت الصحيفة أن الجيوش في منطقة الشرق الأوسط، مصممة من أجل غرضين فقط، وهما، قمع أي حراك شعبي محتمل في الداخل (وتجلى ذلك في ثورات الربيع العربي)، وأداء العروض العسكرية في الساحات.
وشددت على أن السيسي لكي يقوم بعملية عسكرية في ليبيا، فإن عليه الحصول على الدعم الجاد وخاصة من الولايات المتحدة، والدول الجارة لليبيا وخاصة الجزائر.
ماكرون و”ثعلب الصحراء” الألماني
وذكرت الصحيفة، أن الجيش الألماني في الحرب العالمية الثانية هلك في الصحارى الليبية، مضيفة أنه “من الجيد للسيسي وماكرون النظر بعناية للتجربة الألمانية”.
وأكدت أن ليبيا هي أهم بوابة إلى القارة الأفريقية، وعلى مر التاريخ، لا يمكن السيطرة على الصحراء الليبية دون دعم القبائل المحلية.
وأضافت أنه على ماكرون قراءة حكاية القائد الألماني الملقب بثعلب الصحراء، إرفين رومل، في ليبيا.
ولفتت إلى أن رومل جنرال هتلر، يلقب بـ “ثعلب الصحراء”، بسبب أفكاره الجنية وتكتيكاته على الجبهة الأفريقية، وقد تعرض لهزيمة كبيرة في حربه ضد قوات التحالف في طبرق عام 1942، في حرب العلمين.
وأشارت إلى أن سبب هزيمة روميل، أنه قاتل الحلفاء، دون الحصول على دعم السكان المحليين والقبائل هناك.
وختمت الصحيفة، بأنه “بغض النظر عن تقنيات القتال الخاصة بك، في بلد مثل ليبيا، فإنك إذا لم تحصل على دعم القبائل فستكون طريقك صعبة”.