فرنسا والإمارات تدفعان السيسي إلى الانتحار أمام قوات الوفاق وتركيا
القاهرة ــ الرأي الجديد (مواقع إلكترونية)
أدى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، زيارة للحدود المصرية الليبية، مؤخرا، وسط طريقة تنفيذ وتغطية إعلامية خاصة واستثنائية، كان خلالها السيسي يرفع فيها من معنويات جيشه، قبيل الدفع به إلى جولة قتال مع عدو خارجي (تركيا والقوات الليبية بالأساس).
غير أنّ الخطاب الحربي للسيسي، عكس ارتباكا واضحا، بعد أن أشار لجيشه بخسائر خليفة حفتر الكبرى، عسكريا ومعنويا.
السيسي اعتبر سرت والجفرة، خطا أحمر، و”سقوطهما” في يد قوات حكومة الوفاق الليبية، “مساس بالأمن القومي المصري، ما يبرر للجيش المصري، التدخل في ليبيا”.
سرت أقرب إلى الحدود التونسية، والمسافة من سرت إلى الحدود المصرية، تناهز الألف كيلومتر…
الجفرة، بقاعدتها العسكرية الجوية، أقرب إلى الجزائر وتونس، منها إلى مصر. فلماذا لم تهدد تونس والجزائر، بأن “الجفرة” و”سرت” خط أحمر؟
ولأن الموقف المصري من الصراع في ليبيا، منحاز وغير نزيه، فإنّ “سرت” و”الجفرة”، تصبحان خطا أحمر فقط، عندما تسقطان في أيدي قوات حكومة الوفاق، أما إذا كانتا تحت سيطرة حفتر، فلا بأس، فهما عندئذ خط أخضر!
السيسي.. والحروب التقليدية
إذا ما سقطت سرت والجفرة (هذه يطالب الروس بقاعدتها الجوية، مقابل التوقف عن دعم حفتر)، وردَّ السيسي بتنفيذ تهديداته، سيكون أمامه خياران: التوغل الأرضي في العمق الليبي، أو الاكتفاء بغارات جوية تنفذها مقاتلات مصرية، ثم تعود إلى قواعدها داخل مصر.
التوغل الميداني، سيكون محرقة عسكرية وسياسية واستراتيجية وأخلاقية. ماذا ومَن سيحارب الجيشُ المصري في صحاري ليبيا الشاسعة القاحلة، ومدنها المترامية الجغرافيا؟ على القادة العسكريين المصريين، أن يذكّروا السيسي بأن زمن الحروب التقليدية ولّى، وأن التاريخ لا يحفظ في الثلاثين سنة الأخيرة، حربا انتهت بحسم عسكري محض، وأن العالم يمضي نحو أنواع جديدة من الحروب.
أما الغارات الجوية، فلا أمل منها، بإمكان سلاح الجو المصري، أن يستمر في قصف ليبيا نصف قرن، ولن يفيده ذلك في شيء.. هنا أيضا، يستحسن بالقادة العسكريين المصريين تذكير رئيسهم، بأن الغارات الجوية مساعِدة في الحروب وليست حاسمة.
السيسي سيجعل من ليبيا، إذا قرر قصفها جوا، ما أصبحت عليه اليمن بفعل الحرب السعودية عليها.. وسيقال ساعتئذ، إن أكبر بلد عربي يحارب بلا جدوى، أضعف بلد عربي.
تركيا.. ومغامرات السيسي
سؤال لا يقل إلحاحا: ماذا عن تركيا؟ هل ستقف متفرجة. هل يتحمل المصري كلفة خوض حرب ضد القوات التركية في ليبيا؟
لابد أن أحدًا ما يدفع بالسيسي إلى الانتحار في هذا المستنقع. هل هي الإمارات التي دفعت بابن سلمان إلى اليمن ثم تخلت عنه لتنفذ أجندة خاصة بها؟ هل هي روسيا؟ ربما الاثنان معًا، الأولى تموّل والثانية تسلّح. دون إهمال دور فرنسي، عندما يحين وقته، يضمن للسيسي تواطئ نصف أوروبا، وحق النقض في الأمم المتحدة، إذا تطلب الأمر.
لحسن حظ مصر والمنطقة ككل، هناك ظروف داخلية وإقليمية متراكمة، لا تخدم مصر، ولا تسهّل تنفيذ المغامرة التي يهدد بها السيسي. ظروف تبدو للوهلة الأولى في غير صالح مصر، لكنها في العمق يمكن أن تحميها من السيسي، إذ قد تفرض عليه التريث قبل خوض مغامراته.
هذه الظروف أبعدت مركز الثقل عن مصر نحو الخليج، وجعلتها بلا تأثير. مصر مأزومة داخليا وخارجيا، وآخر ما تحتاجه حربا جديدة بدايتها معروفة، لكن لا يمكن التكهن بنهايتها. الأزمة مع أثيوبيا بسبب سد النهضة، تستهلك جهد الدبلوماسية المصرية ووقتها.
الأزمة الاقتصادية القاتلة داخليا، الجيش المصري منهك في حرب استنزاف بشبه جزيرة سيناء طالت أكثر مما يجب، ضد عدو هلامي يتجدد باستمرار.
قبل التفكير في حرب بليبيا، يحتاج السيسي إلى تسوية أزماته العالقة، وأبرزها الانهيار الاقتصادي، والثقة المفقودة من شعبه بعد سبع سنوات من الحكم، زادت خلالها أحوال مصر سوءا ومكانتها تراجعا، ثم الحرب الصامتة في شبه جزيرة سيناء، وأيضا الأزمة مع أثيوبيا.
وكان الرئيس الفرنسي، إيمانوريل ماكرون، قد أشار إلى قدرة مصر السيسي، على إيقاف تقدم قوات الوفاق الليبية باتجاه سرت، ما اعتبر مساندة فرنسية واضحة لمصر، بعد أن خسرت باريس، كل أوراقها التقليدية في ليبيا تقريبا..
المصدر: مواقع إلكترونية + موقع “الرأي الجديد”