الملف الليبي: لماذا لا تقترح تونس التحكيم الدولي في غياب تصور دبلوماسي واضح ؟
الرأي الجديد / بقلم صالح عطية
يدخل الملف الليبي، منعرجا لافتا للانتباه ومثيرا أحيانا، بعد التدخل التركي المؤثر في الصراع الذي كان قائما بين حكومة “الوفاق” الليبية، بقيادة رئيسها، فايز السراج، المعترف بها دوليا، ومليشيات اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، المدعومة من الإمارات والسعودية ومصر، بالإضافة إلى روسيا، وفرنسا، المرتبكة في تموقعها الجغرا ــ سياسي في المنطقة.
ومع بلوغ الصراع مرحلة متقدمة من التحكم التركي في اتجاهات النزاع العسكري، تعقدت وضعية الصراع، مع تتالي المبادرات من مصر والمغرب وفرنسا، وبشكل محتشم ومرتبك، من تونس، التي تلتزم الحياد، وتناصر الشرعية الدولية، دون أن تعلن دعمها لحكومة الوفاق، مع كثير من التصريحات التي تعوّم الملف الليبي، بالنظر إلى غياب تصور تونسي لهذا الموضوع..
في غمرة هكذا تعقيدات في الملف الليبي، يطرح أكثر من سؤال أساسي:
ـــ لماذا توقفت المقترحات عند حدود المبادرات التي تحاول أن تكيّف الحلّ وفقا لهواجس بعض الأطراف المعنية بالنزاع الليبي؟
ـــ لماذا لم تسجّل مقترحات وساطة قوية وجادّة بين طرفي النزاع، إذا استثنينا المقترح الجزائري في هذا السياق؟
ـــ ما الذي يفسّر وجود نوع من الصمت الدولي إزاء الصراع في ليبيا، على الرغم من وجود المؤسسة الأممية، ومؤسسات دولية وإقليمية أخرى، كان بإمكانها أن تطرح مبادرات عملية، خصوصا في ضوء خبرتها بشأن النزاعات الداخلية؟
ـــ كيف يفسّر المرء وجود هذه التجاذبات الإقليمية والدولية، بخصوص ليبيا، دون أن تتحد الدول المتصارعة، ولو على الحدّ الأدنى من المكاسب، السياسية واقتسام الكعكة الليبية؟
ـــ لماذا لم يفكّر البعض من المتصارعين في آلية التحكيم الدولي؟
ـــ بل، لماذا لم تدفع الحكومة والدبلوماسية التونسية، باتجاه ربط الحلّ في الملف الليبي بالتحكيم الدولي، خصوصا مع وجود محكمة دولية دائمة للتحكيم ( T.I.P D‘ARBITRAGE )، تحتضنها تونس، وتتولى رئاستها، شخصية تونسية، وتضم بين أروقتها، الكثير من القضاة المتخصصين في التحكيم، وخبراء القانون، ومستشارون على الصعيد الإقليمي والدولي؟
إنها أسئلة، تنتظر إجابات من الدبلوماسية التونسية، ومن مؤسسات الحكم في البلاد، التي تتوفر على هذه الآلية، دون أن تطرق بابها، أو تعتمدها كإحدى الحلول الممكنة والعادلة في مثل هذه النزاعات..
نعتقد أن الفرصة ما تزال متاحة، لكي يلعب التحكيم الدولي، دورا مهما، ربما مكّن تونس من التعويض عن الفرص التي وقع تضييعها طوال السنوات الماضية، في علاقة بالملف الليبي..
فهل من بين من يتصدرون مشهد الحكم اليوم، رجل رشيد، يتلافى ما ضيّعه الآخرون ؟