“الرئيس الشهيد” مرسي في أول كتاب يروي تفاصيل حياته والانقلاب عليه واستشهاده
الرأي الجديد (متابعات)
أصدر المركز المصري للإعلام، كتابا جديدا بعنوان “مرسي الرئيس الشهيد.. فارس الحرية ورمز الصمود”، يقدّم فيه صورة شاملة عن حياة الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، وما وصفه بـ “مواقفه الأخلاقية والمهنية والسياسية، وظروف توليه حكم مصر، وما قدمه من إنجازات، وما أحاط به من صعوبات وتحديات، ثم الانقلاب عليه وإخفائه إلى أن لقي الله شهيدا”.
أيضا يرصد الكتاب، الذي جاء مواكبا للذكرى الأولى لوفاة مرسي، ردود الفعل المحلية والدولية على ظروف اعتقال مرسي، وإهمال حالته الصحية ثم وفاته داخل قفص المحكمة الجنائية، بشكل اعتبره كثيرون “جريمة مُدبّرة”K لم يتم التحقيق فيها حتى الآن.
ويضمّ الكتاب، 15 فصلا تغطي رحلة حياة الرئيس مرسي، من لحظة الميلاد إلى لحظة الوفاة وما بعدها، بما في ذلك تحديات معركة الرئاسة، ومفردات البرنامج الرئاسي (مشروع النهضة)، وتحديات سنة حكم “مرسي”، وما وصفه بـ “خطة اغتياله معنويا”، بجانب إنجازاته ومواقفه، وعلاقات مصر الخارجية في عهده.
وتتناولت فصول الكتاب، ظروف الانقلاب على “مرسي”، والمحاكمات الجائرة التي طالته مع الآلاف من قيادات وأفراد جماعة الإخوان المسلمين والمعارضة عموما، ودور الإدارة الأمريكية وإسرائيل في دعم انقلاب جويلية (3 تموز/ يوليو 2013)، وكذا الموقف الإسرائيلي من رئاسة مرسي.
ويتناول الكتاب بالشرح، ظروف التضييق على “مرسي”، وما وصفه بتعمّد قتله بالإهمال الطبي، ومنع التواصل تماما معه، وتفاعلات وتداعيات ذلك محليا ودوليا، ثم ينتقل إلى الحديث عن المواقف السياسية للإخوان بعد وفاة “مرسي”.
وأخيرا يستعرض شهادات يرى أنها منصفة بحقه من قيادات محلية وعالمية، ويختم بإثبات أشهر أقوال “مرسي” أثناء سنة حكمه.
والكتاب الجديد، هو الإصدار الثاني المطور لكتاب “الرئيس الشهيد.. أيقونة الثورة”، الذي أصدره “المركز المصري للإعلام” في جويلية (تموز/ يوليو 2019).
الإخوان ومشوار السياسة
ويذكر الكتاب أن “مرسي” انتمى للإخوان المسلمين فكرا عام 1977، وتنظيما أواخر عام 1979، وعمل عضوا بالقسم السياسي بالجماعة منذ نشأته عام 1992.
وترشح لانتخابات مجلس الشعب 1995، وعاد للترشح في انتخابات 2000 وفاز فيها، وشغل موقع المتحدث الرسمي باسم الكتلة البرلمانية للإخوان. وفي انتخابات مجلس الشعب 2005 حصل على أعلى الأصوات، بفارق كبير عن أقرب منافسيه، ولكن تم إجراء جولة إعادة أعلن بعدها فوز منافسه بعد تزوير النتيجة.
وكان “مرسي”، من أنشط أعضاء مجلس الشعب، كما كانت له مداخلات قوية ضد الحكومة والوزراء، في وقت لم يكن يسمح فيه لممثلي الحزب الحاكم أو المعارضة بتجاوز الخطوط الحمر.
وقد اختير مرسي، عضوا بلجنة مقاومة الصهيونية بمحافظة الشرقية، كما اختير عضوا بالمؤتمر الدولي للأحزاب والقوى السياسية والنقابات المهنية، وهو عضو مؤسس باللجنة المصرية لمقاومة المشروع الصهيوني.
وشارك في تأسيس الجبهة الوطنية للتغيير مع د. عزيز صدقي عام 2004، كما شارك في تأسيس التحالف الديمقراطي من أجل مصر، والذي ضم 40 حزبا وتيارا سياسيا في 2011، وانتخبه مجلس شورى الإخوان في أفريل (30 نيسان/ أبريل 2011) رئيسا لحزب الحرية والعدالة الذي أنشأته الجماعة.
ويقول الكتاب إن “مرسي شارك، مثل غيره من أحرار مصر، في ثورة 25 يناير (جانفي)، ومهّد لها بنضاله السياسي، وأثناء بدايات الثورة بادرت السلطات الأمنية باعتقاله مع 34 من قيادات الإخوان على مستوى المحافظات لمنعهم من قيادة الثوار”.
أول رئيس منتخب
وقد اُنتخب مرسي، رئيسا لمصر في أول انتخابات ديمقراطية بعد ثورة يناير، وأُعلن فوزه فعليا بتاريخ 24 جوان (حزيران/ يونيو 2012م)، وتولى منصبه رسميا في جوان (30 حزيران/ يونيو 2012م)، ولم يدم حكمه لمصر سوى عام واحد فقط، قبل الانقلاب عليه من وزير دفاعه عبد الفتاح السيسي، في جويلية (3 تموز/ يوليو 2013)، ثم إيداعه السجن وإخفاءه عدّة أشهر إلى أن ظهر في محاكمات وصفت بالجائرة، وظل رهن السجن حتى وفاته في 17 جوان (حزيران/ يونيو 2019).
وكان “مرسي” خامس الرؤساء المصريين بعد ثورة جويلية (تموز/ يوليو 1952)، وأول المدنيين المنتخبين انتخابا حرا مباشرا من شعب مصر في تاريخه كله.
وشهد العام الذي حكم فيه “مرسي” الكثير من الأحداث السياسية الساخنة والمثيرة، التي توّجت في نهاية الأمر بالانقلاب العسكري.
وحول ظروف ترشّحه للرئاسة يقول الفصل الثالث من الكتاب: في 8 أفريل (نيسان/ إبريل 2012)، دفع حزب الحرية والعدالة بالدكتور مرسي، كمرشح احتياطي للمهندس خيرت الشاطر، خوفا من احتمالية وجود معوقات قانونية تمنع ترشح الشاطر، وبالفعل قررت لجنة الانتخابات الرئاسية استبعاد الشاطر وتسعة مرشحين آخرين في 17 أفريل (نيسان/ أبريل)، ومن ثم أصبح محمد مرسي هو المرشح الرسمي لحزب الحرية والعدالة، وقبلت اللجنة أوراقه، ثم خاض الانتخابات.
اغتيال مرسي معنويا
ويشرح الفصل السادس من الكتاب، كيف نال الإعلام المصري من الرئيس المنتخب، وكيف خططت المخابرات والدولة العميقة لاغتياله معنويا، فيوضح أن “آلة الدعاية السوداء كانت له بالمرصاد، في خطة محكمة ومدروسة محليا وإقليميا ودوليا، لإفشال أول تجربة ديمقراطية حقيقية في مصر والإجهاز عليها”.
وبحسب الكتاب بدأت تلك الخطة بـ “الهجوم على مرسي بأقوال وأفعال وممارسات نالت من شخصه وحزبه وجماعته، تضمنت حملة إعلامية ضخمة وشاملة معبأة بشتى صنوف الأكاذيب والافتراءات، ثم اعتداءات ممنهجة على مقار الحزب والجماعة وتوسع أعمال البلطجة ضد مناصريه، ثم التعبئة الواسعة والحشد لتظاهرات 30 جوان (حزيران/ يونيو 2013)، وصولا إلى مشهد الانقلاب”.
ماذا حقق مرسي؟
ويشير الفصل السابع من الكتاب، إلى “تفاصيل إنجازات مرسي في الجوانب السياسية والحقوقية، وضمان الحريات العامة، والجوانب المعيشية والاقتصادية والاجتماعية بشكل عام”.
ويتحدث الفصل الثامن بالتفصيل، عن موقف مرسي من العدوان الإسرائيلي على غزة 2012، وموقفه من القضية السورية، ومشاركته في مؤتمر قمة عدم الانحياز في طهران، ثم زياراته لكل من السعودية والصين وإيطاليا وتركيا وألمانيا وباكستان والهند وقطر والسودان.
وتناول الفصل التاسع بالتفصيل، “ظروف اعتقال مرسي والمحاكمات الجائرة التي لفت له وانتهت بالحكم عليه بـ 85 سنة سجنا وحكم بالإعدام، وهي مجمل الأحكام الصادرة عليه في 4 قضايا صدرت فيها أحكام بحقه، من بين 5 قضايا كان يحاكم فيها”.
رفض إسرائيلي وأمريكي
وبعد ذلك، عرض الكتاب في فصله العاشر للموقف الصهيوني من رئاسة مرسي، فأوضح أنه بمجرد “انتخاب مرسي رئيسا لمصر، أصيبت مراكز صنع القرار في الكيان الصهيوني بالذعر، لتيقنها أن الرئيس مرسي يختلف عن سابقيه، وأنه يقف قلبا وقالبا مع القضية الفلسطينية، لذلك سارع الصهاينة بالتخطيط مع السيسي للانقلاب على الرئيس المنتخب، ومارسوا أقصى الضغوط على الإدارة الأمريكية لتتغاضى عمّا يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في مصر بعد الانقلاب، وهو ما حدث بالفعل”.
كما ألقى الفصل الحادي عشر من الكتاب الضوء على “دور الإدارة الأمريكية في دعم الانقلاب”، مستعرضا ما نشره المدير السابق لمكتب صحيفة “نيويورك تايمز” بالقاهرة، ديفيد كيركباتريك، من معلومات عن تعامل الإدارة الأمريكية، مع عملية إطاحة الجيش المصري بمرسي، والذي قال إن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما دعم مرسي قبل يوم من الإطاحة به، ثم غيّر رأيه بعد ذلك، بعد تأثير وزير خارجيته جون كيري، ووزير دفاعه جيمس ماتيس اللذين كانا يؤيدان موقف الجيش بشدة.
وفي 1 جويلية (تموز/ يوليو 2013)، تحدث الرئيس أوباما للمرة الأخيرة إلى الرئيس مرسي.
وحذَّر الرئيس أوباما من أن الجيش المصري “لم يتلقَ تعليمات” من الولايات المتحدة، حسبما ذكر سجل المحادثات التفصيلي لأحد مساعدي البيت الأبيض، لكنه حثَّ الرئيس مرسي بشكل رئيسي على التوصل إلى حلّ وسط مع معارضيه المدنيين، من أجل أن تغدو لرئاسته “حكومة موحدة بالكاد”.
وبحسب الكاتب الأمريكي، سحق الجيش المصري معارضي توليه الحكم، من خلال سلسلة من عمليات إطلاق النار الجماعية، التي بلغت ذروتها في الرابع عشر من أوت (آب/ أغسطس 2013)، إِذْ قُتِل ما يصل إلى ألف شخص في ميدان رابعة العدوية شرقي القاهرة.
وأشاد الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب ومستشاروه، بالسيسي، باعتباره نموذجا للزعيم العربي، وقال ترامب عندما التقى السيسي لأول مرة: “إنه شخص رائع تولّى الحكم في مصر، وتمكّن بالفعل من السيطرة عليها”.
تفاصيل الأيام الأخيرة
وجاء الفصل الثاني عشر، بعنوان “التضييق على الرئيس وتعمد قتله”، ليكشف أنه بعد اختطاف “مرسي” عشية انقلاب الثالث من جويلية (تموز/ يوليو 2013)، لم يسمح له سوى بثلاث زيارات أثناء احتجازه على مدار 6 سنوات، فقد حصلت أسرته على زيارتين بمحبسه الانفرادي في 2017م، فيما كانت الزيارة الأولى عام 2014.
ويبين كيف تعمّد النظام، حصار مرسي وإهماله طبيا إلى أن توفي في ساحة المحكمة، حيث قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، إن الحكومة المصرية تتحمل مسؤولية وفاة مرسي، نظرا لفشلها بتوفير الرعاية الطبية الكافية أو حقوق السجناء الأساسية.
ويرصد الفصل الثالث عشر، ردود الفعل المحلية والدولية على وفاة مرسي، مبينا أنه مع “وجود إدانات حقوقية لوفاة مرسي بالإهمال الطبي، كان تناول الإعلام الغربي لرحيل مرسي محدودا بتغطيات هامشية، كما كانت ردود الأفعال الغربية الرسمية باهتة وغير مبالية، كما كانت التعازي الرسمية من الدول الإسلامية محدودة”، بحسب ما جاء في الكتاب.
الإخوان بعد مرسي
ويأتي الفصل الرابع عشر، ليلقي الضوء على المواقف السياسية للإخوان بعد وفاة مرسي، حيث أصدروا بيانا، في 29 جوان (حزيران/ يونيو 2019)، تحت عنوان “نجدد عهد الكفاح وندعو الجميع لوحدة الصف”، وجهوا فيه دعوة إلى “كافة القوى الوطنية للعمل على تحقيق وحدة الصف الوطني دعما للعمل المشترك من أجل الخلاص من الحكم العسكري الفاشي، انطلاقا مما أكده الرئيس مرسي: (لن نعطي الدنية من وطننا أو ديننا ولن ننزل على رأي الفسدة)، وقالوا: (لن ندخر وسعًا من أجل تحقيق القصاص العادل لرئيسنا وشهدائنا في محاكمة عادلة وأمام قضاء نزيه)”.
وأخيرا، استعرض الفصل الخامس عشر من الكتاب ما وصفها بـ “شهادات منصفة بحق الرئيس مرسي”، من شخصيات ومؤسسات مصرية وعربية ودولية، ثم انتهى الكتاب بطائفة من أقوال مرسي المعبرة عن نبض الثورة وتمسكه بالشرعية الشعبية وبالديمقراطية حتى آخر لحظة من حياته.