على خلاف كتلة الحزب: علي العريّض يصف “لائحة اعتذار فرنسا من تونس بــ “المضرة بمصالح البلاد”
الرأي الجديد (متابعات)
اعتبر نائب رئيس “حركة النهضة”، علي العريّض، أن مشروع اللائحة المتعلقة بمطالبة الدولة الفرنسيّة بالاعتذار للشعب التونسي عن جرائمها في حقبة الاستعمار المباشر وبعدها، “جاءت في غير وقتها، ودون توفر الشروط، ولا الظروف المناسبة لها، ولا تشارك مؤسسات الدولة، خصوصا رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ووزارة الخارجية فيها”.
وقال علي العريّض، في تدوينة له على موقع “فيسبوك”، أن هذه اللائحة “مضرة بالمصالح العليا لبلادنا في تونس وفِي فرنسا على الأقل”، معبرا عن أمله في قيام رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ووزارة الخارجية، “بما يتعين في الغرض”، وأن ينتبه أعضاء مجلس النواب ورئاسته، إلى مختلف جوانب هذا الموضوع، لإعفاء تونس مما هي في غنى عنه.
وشدّد العريّض، على إبعاد هذه اللائحة من التجاذب السياسي أو المزايدة الحزبية، باعتبارها “مسألة كبيرة وتتعلق بالمصالح العليا للوطن وعلاقاته الخارجية وأمنه القومي، وتتعلق بالماضي والحاضر والمستقبل، وبالتالي فإن طرحه يجب أن يكون في وقته المناسب، وليس قبل أن تتهيأ له الظروف والمستلزمات القانونية والسياسية”، وفق قوله..
وتابع نائب رئيس “حركة النهضة”، بأنه يتوقع أن ينتج عن الموافقة على هذه اللائحة، الإضرار بمصالح تونس وعلاقاتها مع الدولة والمجتمع الفرنسي، و”الزج بهذه العلاقات المتعددة الأوجه في أتون المزايدات والتشويش، علما وأن فرنسا هي أول حريف لتونس، وأول مزوّد لها، وأكبر مستثمر في تونس، ويقيم فيها قرابة المليون تونسي وتونسية”.
ويعقد مجلس نواب الشعب اليوم جلسة عامة، للنظر في مشروع لائحة تتعلّق بمطالبة الدولة الفرنسيّة، بالاعتذار للشعب التونسي عن جرائمها في حقبة الاستعمار المباشر وبعدها، والتي تقدمت بها كتلة “ائتلاف الكرامة”.
وفي ما يلي نص التدوينة:
بسم الله الرحمان الرحيم.
لاشك أن الاحتلال هو أفظع وأبشع جريمة تسلطت على شعوب كثيرة وفي مراحل متعددة من التاريخ. وجرائم الاستعمار لا حصر لها. ورغم تفاوت ضراوتها من محتل لآخر فإن كل احتلال يقترن بجرائم القتل وجرائم التعذيب ونهب الثروات وجرائم الاستغلال والإذلال والدوس على الكرامة.
تونس كان حظها من الاستعمار الفرنسي المباشر ثلاثة ارباع قرن (75 سنة ) من 1881 الى 1956.
وحتى بعد الاستقلال خاضت بلادنا عدة معارك ضد المحتل في الجنوب وفِي الشمال كان آخرها معركة بنزرت في جويليه 1961 والتي أدت الى خروج آخر جندي فرنسي من الجمهورية التونسية في 15اكتوبر 1963 وصار ذلك التاريخ عيدا وطنيا سنويا ـ عيد الجلاء.
بعض الدول طالبت باعتذار رسمي من الدولة التي احتلتها وحصلت عليه، وبعضها طالب ولم يحصل بعد ، وبعضها لم يطالب بعد .
وهذه الدعوة ـ طلب الاعتذارـ لم تكن ولا يجب ان تكون داخلة في التجاذب السياسي أو المزايدة الحزبية لأنها مسالة كبيرة وتتعلق بالمصالح العليا للوطن وعلاقاته الخارجية وأمنه القومي، وتتعلق بالماضي والحاضر والمستقبل وبالتالي فإن طرحه يجب أن يكون في وقته المناسب وليس قبل ان تتهيء له الظروف والمستلزمات القانونية والسياسية.
إن صدق النوايا والمقاصد إذا توفرت لا يكفي وحده في مثل هذه القضايا الكبرى في السياسة الخارجية لأنه لا يعصم من خطأ التقدير السياسي ومن الزج بقضية جدية من هذا الحجم في أتون الصراعات الحزبية من ناحية ومزيد إشغال البلاد عن أولوياتها الاقتصادية والاجتماعية وإضعاف وحدتها الوطنية التي تتعرض الى امتحانات كبيرة وتحويل بوصلتها الى ما يضر ولا ينفع.
إن طرح هذه المسالة اليوم وفي هذه المناخات والأوضاع الوطنية التونسية ـ والفرنسية ـ ودون أي تنسيق واتفاق بين أهم مؤسسات الدولة ـ وحتى المجتمع المدني ـ ودون إعداد قانوني وتقدير سياسي سليم لا أتوقع ان ينتج عنه غير الأضرار بمصالح تونس والتونسيين وعلاقاتنا مع الدولة والمجتمع الفرنسي والزج بهذه العلاقات المتعددة الأوجه في أتون المزايدات والتشويش ، علما وأن فرنسا هي أول حريف لتونس وأول مزوّد لتونس وأكبر مستثمر في تونس ويقيم فيها قرابة المليون تونسي وتونسية الخ…
وفِي ضوء ما سبق وغيره فإني ومن منطلق الغيرة على مصالح تونس أعتبر أن هذه اللائحة جاءت في غير وقتها ودون توفر شروطها ولا الظروف المناسبة لها ولا تشارك مؤسسات الدولة ولاسيما رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ووزارة الخارجية الخ فيها. كما أراها مضرة بالمصالح العليا لبلادنا في تونس وفِي فرنسا على الأقل. وأرجو من رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ووزارة الخارجية القيام بما يتعين في الغرض كما آمل ان ينتبه أعضاء مجلس نوابنا الموقر والحكماء من أعضائه فضلا عن رئاسته الى مختلف جوانب هذا الموضوع لإعفاء تونس مما هي في غنى عنه.