بعد حسم “الوفاق” معارك طرابلس.. تحركات سياسية دولية لإنهاء الحرب في ليبيا
الرأي الجديد (مواقع إلكترونية)
على وقع التطورات العسكرية في ليبيا وإعلان حكومة الوفاق استعادة السيطرة على العاصمة طرابلس بالكامل، يشهد الملف الليبي تحركات سياسية، حيث يقوم رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج بزيارة إلى تركيا، في حين يزور اللواء المتقاعد خليفة حفتر القاهرة، إضافة لزيارات لوفود إلى روسيا وأوروبا.
فمن أنقرة بعث فائز السراج رسائل للدول التي وصفها بأنها داعمة للعدوان على طرابلس قائلا “إن رهانكم قد خسر والتاريخ لن يرحم”.
وأضاف السراج، في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن المعركة مستمرة إلى حين السيطرة على كامل التراب الليبي.
ومن جهته أكد أردوغان أن دعم تركيا للشعب الليبي والحكومة الشرعية سيستمر، مناشدا المجتمع الدولي أن يدعم حكومة الوفاق المعترف بها دوليا.
وصرح الرئيس التركي بأن أنقرة تدعم المبادرات الدولية لتحقيق السلام في ليبيا مشيرا إلى اتفاق بين حكومتي البلدين على ضرورة أن تكون هناك مرحلة سياسية جديدة في ليبيا تحت رعاية الأمم المتحدة.
وبدأت أنقرة تقديم الدعم العسكري لحكومة السراج في نوفمبر الماضي، بعد توقيع اتفاقية تعاون عسكري واتفاق لترسيم الحدود البحرية يمنح تركيا حقوق تنقيب في البحر المتوسط، وهو ما عارضته اليونان ودول أخرى.
وساهم دعم تركيا لحكومة الوفاق خلال الأشهر الماضية في صد هجوم حفتر على طرابلس، والذي تقف خلفه الإمارات وروسيا ومصر، وانتهى الأمر باستعادة قوات الوفاق السيطرة على كامل الحدود الإدارية في العاصمة بما فيها مطار طرابلس بعد معارك طاحنة أدت إلى طرد مليشيات حفتر من جنوب المدينة.
مباحثات موسكو
العاصمة موسكو شهدت هي الأخرى اجتماعا بين وفد من المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق مع الجانب الروسي في وزارتي الخارجية والدفاع، لبحث آخر التطورات المتعلقة بالملف الليبي.
واتفق الجانبين على ضرورة إخراج جميع أفراد مرتزقة شركة فاغنر الروسية من ليبيا خلال اليومين القادمين، وتنسيق الجهود بين الطرفين سياسيا واقتصاديا وعسكريا إضافة إلى النظر مجددا في قضية الروسيين المعتقلين في طرابلس.
وتحتجز السلطات الأمنية في حكومة الوفاق مكسيم شوغلي وسامر سويفان المتهمين بالتجسس، إضافة إلى أن الحكومة المعترف بها دوليا تتهم الجانب الروسي بدعم قوات حفتر بريا عبر إرسال المرتزقة من شركة فاغنر للقتال في جنوب طرابلس وإرسال مقاتلات حربية مؤخرا لقوات حفتر رغم نفي موسكو هذه الاتهامات.
روسيا والوفاق
وقال أحمد معيتيق النائب بالمجلس الرئاسي، عقب انتهاء الاجتماعات مع الجانب الروسي “لدينا قناعة اليوم أن روسيا شريك مهم في استقرار ليبيا”.
وأكد في تصريحات صحفية، “سنشهد خلال الفترة القادمة الكثير من خفض التصعيد العسكري بفضل الدبلوماسية الروسية، وقد أكد لنا الجانب الروسي أن الحل العسكري ليس حلا للأزمة الليبية”.
وبشأن قضية المعتقلين الروسيين في طرابلس، أفاد معيتيق “سيخرج بيان واضح من مكتب النائب العام لتوضيح ملابسات القضية”.
تغيير متوقع
ومن وجهة نظر المحلل السياسي أحمد الروياتي، فإن هناك تغييرا متوقعا في الموقف الروسي “بسبب أن مصالح روسيا تتجاوز وضع كل بيضها في سلة واحدة”.
ويشير أحمد الروياتي، إلى أن مظاهر التغيير بدأت منذ انسحاب قوات فاغنر من محاور طرابلس بعد عجزها طوال ثمانية أشهر عن الدخول إلى العاصمة أمام صمود قوات حكومة الوفاق.
ويرى الروياتي، بأن هذا الانسحاب لمرتزقة فاغنر يقف وراءه عمل سياسي داخلي ودولي رتب لتقاسمات معينة ارتضتها روسيا، التي تعلم أن ليبيا ليست ملعبها أمام النفوذ الأميركي والغربي الأوروبي.
وبحسب المحلل السياسي فإن “روسيا تعلم أن باستطاعتها المناورة بالملف الليبي لحساب ملفات دولية أخرى وبعض المصالح الاقتصادية في ليبيا، وهو اعتقد أنه تحقق لها في كواليس إدارة الأزمة عن طريق تركيا وبمباركة الولايات المتحدة”.
واستبعد المحلل السياسي، أن “يسمح داعمو حفتر بانهيار مشروعه بشكل تام بعد كل هذه الاستثمارات التي ضحت لأجله مشيرا إلى أن الحلفاء الإقليميين وتحديدا مصر والإمارات سيعودون إلى إنتاجه وتدويره بالطريقة التي تتلاءم مع المتغيرات”.
ولفت أحمد الروياتي، إلى أن حلفاء حفتر سينقلون الحرب لحماية الحقول والموانئ النفطية وقاعدة الجفرة العسكرية، لعمل دفاعي متقدم في الوشكة قرب سرت لكسب أوراق وابتزاز سلطات حكومة الوفاق سياسيا واستنزاف قواتها عسكريا ومحاصرتها اقتصاديا وفرض واقع جديد.
توجه جديد للتقارب
وبدوره أكد الكاتب والمحلل السياسي عبد الله الكبير، أن ثمة توجها في الموقف الروسي للتقارب مع حكومة الوفاق الوطني بعد فشل مغامرة حفتر العسكرية والتحيز الأميركي لمواجهة التمدد الروسي في ليبيا.
وأضاف عبد الله الكبير، بأن “انتصار قوات حكومة الوفاق على الأرض غير المواقف الدولية، وما تشهد بعض العواصم من لقاءات ومشاورات هو للبحث والتنسيق في بلورة الحل السياسي”.
ووفق الكاتب السياسي الليبي، فإن حفتر بات خارج حسابات أي مفاوضات ويجرى البحث عن بديل له، مشيرا إلى أن أي دولة ستفرض حفتر على طاولة الحوار يعني فشلها في هذا الهدف قبل أن تبدأ.
ويقوم زير الداخلية بالحكومة الليبية، بجولة على بعض العواصم الأوروبية منها باريس وروما، وتتزامن مع محاولات فرنسية لتسريع فرض هدنة في ليبيا.
واتفق وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان، ونظيره الإيطالي، لويجي دي مايو، في روما، على أن مستقبل ليبيا يجب أن يحدده الليبيون وليس مصالح قوى خارجية.