هل تنبأ مسلسل كرتوني أميركي بمقتل “فلويد” واحتجاجات أمريكا ؟
الرأي الجديد (مواقع إلكترونية)
ما زال حادث مقتل جورج فلويد -العامل الأميركي من أصل أفريقي- على يد ضابط شرطي أبيض البشرة، واعتقاله وتعنيفه قبل أيام بسبب 20 دولارا مزوّرة، يحتل مساحة كبرى بين أخبار المواقع الإلكترونية ووسائل الإعلام، متخطيا أخبار مستجدات فيروس “كورونا”، وذلك لما تبعه من ردود أفعال تنوعت بين الثورة على الظلم والعنف، والسرقة والشغب.
* سيمبسون يتنبأ من جديد
لكن سرعان ما بدأ جمهور منصات التواصل الاجتماعي، يتداولون بعض الصور على اعتبارها مشاهد متفرّقة من المسلسل الشهير “عائلة سيمبسون”، تثبت أن صُنّاعه تنبأوا بمقتل جورج فلويد، وما تبعه من احتجاجات وأعمال شغب أيضا، وهو الأمر الذي على غرابته لم يستنكره أحد لما عرف عن المسلسل، من تفاصيله الكثيرة والعجيبة التي قدّمها صُناعه قبل سنوات وتحققت.
وأشهر هذه التنبؤات، ما حدث أخيرا من ظهور فيروس” كورونا”، وموت لاعب كرة السلة كوبي برايت على متن مروحية، وقبلهما الصفقة التي جرت بين شركة “والت ديزني”، وشركة “تونتي فرست سينتشوري فوكس”، بل حتى تولي ترامب الرئاسة. ولهذا كان من السهل على الجمهور تصديق أن المسلسل، تنبأ بما يجري حاليا، هل هذا هو ما حدث حقا؟
* الادعاء الأول
الصورة الأولى التي تناقلتها المواقع الفنية باعتبارها نبوءة العمل بمقتل فلويد، ظهرت فيها ليزا سيمبسون، بينما تحمل لوحة كتب عليها “العدالة لجورج”، فيما تقف بجوار شرطي يركع على عنق رجل أسود، ما يشبه الطريقة التي لقي بها فلويد حتفه.
وقد نسبت الصورة للحلقة 146 من المسلسل والتي جاءت باسم (The Day Violence Died)، وبالبحث اتّضح أن حلقة “يوم مات العنف” هي الحلقة الثامنة عشرة من الموسم السابع من “عائلة سيمبسون”، والتي صدرت بمارس 1996، ولا علاقة لمحتواها بمقتل جورج فلويد.
تلاه ادعاء آخر، بأن الصورة تعود للحلقة الثالثة عشرة من الموسم السابع من المسلسل، والتي تحمل اسم (Justice for George Simpsons)، وبالعودة إلى رقم الحلقة المذكورة وجد أنها بعنوان (Two Bad Neighbors)، وفيها ظهر جورج دبليو بوش الرئيس الأميركي، بعد أن انتقل للسكن بجوار هومر، الذي يقرّر الانتقام من الرئيس بسبب سلوكه السيء تجاه ابنه، ممّا يعني أن لا تشابه بينها وبين الأحداث الحالية أيضا.
وقالت وكالة “فرانس برس”، بالتصريح بأن الصورة المنتشرة على الإنترنت ما هي إلا رسمة تعود للفنان الإيطالي والمصمم الكرتوني “يوري بومو”، الذي شارك الصورة مع جمهوره عبر حسابه على “إنستغرام”.
وقد علّق الفنان على لوحته، بأنه رغم اعتياده مشاركة جمهوره رسومات مبهجة وملوّنة، فإنه قرّر -هذه المرة- استغلال جماهيريته العريضة لتسليط الضوء على قضية فلويد نظرا لأهميتها، لعلّ لوحته تزيد الوعي بها، مستغلا كذلك ما يمثله سيمبسون لدى محبيه، وشعبيته الطاغية لديهم.
* الادعاء الثاني
أما الادعاء الثاني فنسب إلى حلقة بعنوان (Marge in Chains) التي قيل إنها الحلقة الرابعة للموسم الرابع، وتمّ التنبؤ خلالها بأعمال الشغب والنهب التي جرت في الولايات المتّحدة الأميركية منذ أيام قليلة.
وبمراجعة بسيطة اتّضح أن الحلقة التي تحمل ذلك الاسم، هي الحادية والعشرون من الموسم المذكور وليس الرابعة، وفيها قبض على “مارج”، بسبب اتهامها بالسرقة من أحد المتاجر بعد أن نسيت دفع ثمن أحد المشتريات.
وقد استرعت الحلقة الانتباه، خاصّة بعد أن أعاد الجمهور مشاهدتها خلال اليومين السابقين إثر تداول اسمها بالصحف، وهو ما استحقته عن جدارة إذ احتوت أحداثها على انتشار لفيروس ونحل قاتل، بالإضافة لتلاعب بالأسعار، وظلم تتعرض له قاصر، وأخيرا الكثير من أعمال الشغب.
* الادعاء الثالث
صورة أخرى انتشرت على “الفيسبوك”، ظهر فيها كما لو أن صُنّاع العمل قد تنبؤوا قبل أكثر من عشرين عاما بحريق مركز شرطة “مينيابوليس”، وهي الصورة التي عرضت خلال الحلقة السادسة من الموسم الحادي عشر من مسلسل “سيمبسون” والتي تدعى (Hello Gutter, Hello Fadder).
وببعض التدقيق، يمكن القول إن أحداث الحلقة كان من ضمنها حريق مبنى شرطة بالفعل، لكن الفارق أن الحريق لم يكن بسبب أي مظاهرات أو أعمال شغب أو حتى جريمة قتل.
وإن كانت فكرة الحريق قد تشابهت في ذاتها، إلاّ أن ذلك لا ينفي حقيقة كون المزاعم خلف الحريقين لم تأتِ متطابقة.
* نبوءة أم مصادفة أم قبح الواقع؟
على ذلك، وبالرغم من التشابه بين الواقع المعاش وعشرات الأحداث التي سبق أن تناولها مسلسل “عائلة سيمبسون” قبل سنوات طويلة مضت، ممّا يجعل الظاهرة تستحق الوقوف عندها والتأمل ولو للحظات، فإن هناك قطاعا من الجمهور يرى أن صُنّاع العمل مجرد بشر عاديين، غير قادرين سواء على السفر عبر الزمن، أو التنبؤ بأي شيء في المستقبل.
وعلّلوا هذا التشابه بين الأحداث، بأن العالم الذي نعيش فيه صار مكانا مضطربا بما يكفي، وقاسيا للدرجة التي جعلت أكثر الكوابيس الساخرة التي شهدها الجمهور صغارا واستهزؤوا بها على اعتبارها شبه مستحيلة، تتحوّل إلى حقيقة!.