“ميدل إيست آي”: انخفاض أسعار النفط سيضع دول الخليج في خطر
الرأي الجديد (مواقع إلكترونية)
حذر تقرير نشره موقع “ميدل إيست آي” الإخباري البريطاني، من أن دول الخليج تقف على مفترق طرق، وأن حكامها يواجهون خطرا مع استمرار تلقي المنطقة صدمات اقتصادية.
وجاء في التقرير الذي أعده الصحفي المستقل بول كوشرين، أن انخفاض أسعار النفط ونازلة فيروس “كورونا” المستجد، كشفا السياسات غير الحكيمة وأثارا المخاوف من انزلاق المنطقة في دوامة العنف.
ولفت معد التقرير إلى أن السعودية، أقدمت قبل قرابة شهرين من تفشي فيروس “كورونا” في العالم، على مناورة جريئة بخفض أسعار النفط. ورغم علم السعوديين بأن هذا الخفض سيدفع أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها، فإنهم لم يتوقعوا تراجعا هائلا في الطلب على نحو ما حدث بالفعل، جراء توقف عجلة الاقتصاد العالمي عن الدوران.
ووصف الاقتصاديون تأثير ذلك على اقتصادات منطقة الشرق الأوسط “بالصدمة المزدوجة”.
ففي الأسبوع الماضي، هوى سعر نفط غرب تكساس الوسيط، إلى ما دون الصفر للبرميل للمرة الأولى في التاريخ، مما كان له تداعيات اقتصادية أخرى على منتجي النفط الخليجيين – وإن بدرجة أقل – وهو ما اعتبره بول كوشرين “صدمة ثالثة”.
انهيار الأسعار
وفي تصريح لموقع “ميدل إيست آي”، قال مايك لينش من شركة “سير إنيرجي” الاستشارية إن “السعوديين بعدما تبين لهم مدى فداحة جائحة فيروس كورونا، توقعوا لها أن تسير من سيئ إلى أسوأ، إلا أنها مضت من الأسوأ إلى الأفظع لأنهم لم يتصوروا حدوث انهيار في أسعار النفط كالذي حدث الأسبوع الماضي”.
ونقل الموقع البريطاني، أيضا عن كيت دوريان، المديرة الإقليمية للشرق الأوسط ودول الخليج بمجلس الطاقة العالمي، وصفها لتلك التطورات بأنها “نوع جديد غير مسبوق من الصدمة”.
وأضافت دوريان، أن بعض دول الخليج في وضع أفضل من غيرها، لكن من الصعب التكهن بالكيفية التي يمكن لأي منها تجاوز هذه المرحلة. وقالت “أنظر إلى السعودية، وإلى الحرب في اليمن، والأعمال التجارية التي ستخسرها. إنها فوضى”.
وكانت السعودية قد زادت إنتاجها من النفط في مارس الماضي، ليبلغ 13 مليون برميل في اليوم.
وبموجب اتفاقية أبرمت مطلع أفريل الماضي بين الدول المنتجة للنفط، وافقت الرياض على خفض الإنتاج بمعدل 3.3 ملايين برميل في اليوم، للحؤول دون إغراق السوق بنفط رخيص، وضمان استمرار منتجي النفط الصخري الأميركي بالعمل في القطاع النفطي.
ونجم عن هذا الوضع الجديد، أن امتلأت الخزانات الأرضية حول العالم عن آخرها بالنفط، وأُعيدت ناقلات نفط إلى الخدمة لاستخدامها كمستودعات بعد أن كانت على وشك أن تُحال إلى التقاعد.
ولا تزال السعودية، وفق تقرير الموقع الإخباري البريطاني، تستخرج النفط من خمسة حقول ضخمة لا تزال تنتج منذ حوالي 70 عاما.
البنية التحتية
على أن حدوث مزيد من تدني أسعار النفط سيجعل مثل تلك الحقول غير مجدية من الناحية الاقتصادية، مما سيؤثر على المنتجين في منطقة الخليج الذين تدافعوا لاستخراج ما باستطاعتهم من نفط، من أجل جني أكبر قدر من الدولارات التي هم في أمسّ الحاجة إليها، وفق التقرير.
وأشار كوشرين في تقريره، إلى أن مشاريع البنية التحتية في قطاع النفط، إما أُلغيت وإما جُمِّدت في كل دول الخليج، في حين تنخرط شركات النفط العالمية في مراجعة عملياتها بغية تقليصها.
وهناك خطر آخر يتمثل في إقدام الدول على فرض إغلاق صحي لكبح تفشي فيروس كورونا المستجد، مما يعني حرمان عمال النفط من أداء أعمالهم في الحقول والمصافي ومرافق البنية التحتية المرتبطة بها.
ومن المتوقع أن تتقلص أرباح قطاع الطاقة العالمي بنحو 60 بالمائة بسبب تراجع الطلب على الذهب الأسود.
واعتبر موقع “ميدل إيست آي”، أن السعودية بالذات في وضع صعب، حيث جرى تحميلها مسؤولية عدم استقرار أسواق النفط نتيجة زيادة إنتاجها في مارس الماضي.
ويرى كريستيان كوتس أولريخسن، الباحث في قضايا الشرق الأوسط بمعهد بيكر للسياسات العامة بجامعة رايس الأميركية، أن السعوديين أخطؤوا التقدير عندما ظنوا أنهم لن يلاموا -ولو جزئيا- على انهيار أسعار النفط بسبب تراجع الطلب.
مسؤلية محمد بن سلمان
ويضيف أن اللوم قد يقع في نهاية المطاف على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مثلما يتحمل مسؤولية الآثار الاقتصادية على المملكة وعلى خطط تنويع اقتصادها.
وقد ظلت اقتصادات دول الخليج تترنح حتى قبل جائحة فيروس “كورونا”، في وقت حذر فيه صندوق النقد الدولي في تقرير صادر في فيفري الماضي، من أن صافي ثروات المنطقة قد يصبح سلبيا في أقل من 14 سنة.
وتقول لوري هايتايان خبيرة النفط والغاز بمعهد حوكمة الموارد الطبيعية في نيويورك، إن تقرير صندوق النقد الدولي أشار إلى أن دول الخليج قد تصبح فقيرة بحلول عام 2027، أي بعد سبع سنوات من الآن، إذا بلغ سعر برميل النفط 20 دولارا.
وحتى لو ارتفع سعر البرميل إلى 30 دولارا، بحسب هايتايان نفسها، فإن ذلك نذير خطر للمنطقة.
وعزا صندوق النقد الدولي تلك النظرة المستقبلية المقلقة إلى الضعف الذي يعتري تنفيذ إستراتيجيات تنويع الاقتصاد الواردة في رؤية 2030، والتي يهدف محمد بن سلمان من ورائها، إلى تقليل اعتماد السعودية على النفط.
المصدر: موقع “ميدل إيست آي”