بعد سيطرة حكومة السراج على مواقع استراتيجية في الغرب: ماذا خسر الجنرال حفتر ؟؟
طرابلس ــ الرأي الجديد / رضا هنيدي
باتت حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا، تسيطر على مدن الساحل الغربي الليبي، بعد معارك ضارية جرت الاثنين والثلاثاء مع قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، تمكنت خلالها من طردها خارج هذه الربوع.
وتكون “حكومة الوفاق” بذلك، قد بسطت نفوذها على الشريط الساحلي الغربي بالكامل، الذي يصل العاصمة طرابلس بكل من مدن، صرمان وصبراته والعجيلات ورقدالين وزلطن والجميل، مرورا بمدن ومناطق ساحلية أخرى، وصولا للحدود التونسية في أقصى الغرب.
وتكتسي مدن الساحل الغربي، أهمية استراتيجية كبيرة..
فمن الناحية العسكرية، تمكنت “الوفاق” من قطع أذرع قوات حفتر في معظم المناطق الغربية للبلاد، باستثناء طرهونة..
ومن الناحية الاقتصادية، عادت حكومة السراج، للسيطرة على حقول إنتاج النفط والغاز في هذه المنطقة، والتي ظلت رهينة لقوات اللواء المتقاعد منذ سنوات.
حفتر والساحل الغربي: قصة احتلال
تفيد التقارير الأمنية، أنّ مدن الساحل الغربي، لم تكن كلها تحت سيطرة قوات حفتر، فمدينة زوارة مثلا، ظلت تدين لـ “حكومة الوفاق” بالولاء، لكن مدن صرمان وصبراته والعجيلات ورقدالين وزلطن والجميل، خضعت لحفتر في أكتوبر من العام 2017، حين تقدمت قواته صوب الساحل الغربي، بهدف كسب مزيد من الأرض، في محاولة منه لتغيير اتفاق الصخيرات، الذي يقصيه من تولي أي منصب سيادي في الحكومة.
ومثلت المادة الثامنة في اتفاق الصخيرات، طيلة السنوات الماضية، حجر عثرة أمام تطبيق الاتفاق، حيث اعتبرت من قبل حفتر وبرلمان الشرق (طبرق)، مقدمة لإقصائه عن المشهد.
وتنص المادة، على تولي المجلس الرئاسي لحكومة “الوفاق” لجميع المناصب السيادية والعسكرية، بمجرد توقيع الاتفاق السياسي، بما في ذلك منصب القائد العام للجيش.
مدن الساحل.. أهمية عسكرية
ومثلت سيطرة الوفاق على تلك المدن، ضربة كبيرة لحفتر، ولتواجده في الغرب الليبي. إذ أنّ هذه المدن، وخاصة منها، صبراته وصرمان والعجيلات، كانت شوكة في خاصرة قوات الوفاق، فهي تمثل عمقا لحفتر في الغرب، وشكلت خزانا بشريا له، إذ يتم عبرها إمداده بالمقاتلين والأسلحة والعتاد.
ويمكن القول، إن المنطقة الغربية، لا تمثل فيها لقوات حفتر، وجودا مهما، بعد طرده من هذه المناطق الاستراتيجية، ما عدا مدينة طرهونة، التي ما زالت قواته تتواجد فيها حتى الآن، وهي الحاضنة الوحيدة له في الغرب”.
ويرى مراقبون وخبراء عسكريون، أنّ تحرير هذه المدن، مهم جدا، باعتبارها ستمثل قاعدة لانطلاق هجوم وشيك على قاعدة “الوطية” الجوية، القريبة من مدن الساحل، والتي تتمركز فيها قوات حفتر.
وكانت قوات حفتر، استخدمت قاعدة “الوطية”، منطلقا لتنفيذ طلعات جوية وهجمات على طرابلس، قبل أن تتمكن حكومة “الوفاق” قبل نحو أسبوعين من تحييدها، بفعل هجوم مباغت نفذته عليها، دمرت خلاله طائرات مقاتلة، وأسرت عشرات من قوات حفتر، بينهم مرتزقة كانوا يتمركزون فيها.
مدن ذات أهمية قصوى
ولم تقتصر أهمية مدن الساحل الغربي على الجانب العسكري فقط، بل إن السيطرة عليها تحمل أبعادا، ديمغرافية واقتصادية وسياسية بالغة الأهمية، بحسب ما يؤكدة محللون عسكريون.
وقال العربي الرقاد، المحلل الأمني في ليبيا لــ “الرأي الجديد”، أن مدن الساحل، التي تمتد حتى معبر راس جدير الحدودية مع تونس، في أقصى الغرب، تعتبر من أهم المناطق التي سيطرت عليها الوفاق، بعد أن تم تحييد قاعدة “الوطية”، وقطع الإمداد عن قوات حفتر المتمركزة في المنطقة الغربية.
ومعلوم أنّ هذه المدن ذات أهمية اقتصادية وسياسية وأمنية كبيرة، حيث يقع فيها “مجمع مليتة الصناعي” الاستراتيجي، والذي يتم عبره تصدير الغاز الطبيعي نحو أوروبا، وهو ما سوف يعطي حكومة “الوفاق”، مكانة سياسية ودبلوماسية مهمة، ويضعها في مكان جيّد أمام داعمي قوات حفتر.
وضم مجمع مليتة، مرافق معالجة للنفط والغاز، وخزانات للنفط الخام والمنتجات السائلة الأخرى، فضلا عن احتوائه على مرافق لتوليد الطاقة، ويتبع المجمع لشركة مليتة للنفط والغاز، والتي تعتبر من أهم وأكبر الشركات النفطية الليبية.
يذكر أن هذه التطورات تأتي في سياق عملية “بركان الغضب” التي أطلقتها القوات العسكرية لحكومة “الوفاق” الليبية، ردا على عمليات قصف قوات حفتر للأحياء والمنشآت المدنية في طرابلس، ما تسبب في سقوط عشرات الضحايا.