مجلة بريطانية: الصين تخرج من أزمة “كورونا” خصما أقوى
لندن ــ الرأي الجديد / سمير العادل
يتوقع خبراء ومفكرون، والمختصون في مجالات الإستراتيجيا، أن تكون للصين أهمية أكبر في المستقبل، وبخاصة بعد انقشاع غيوم فيروس “كورونا”.. وتفيد التوقعات المتداولة في الغرب خلال الأيام القليلة الماضية، أنّ الصين ستخرج أقوى من هذه الأزمة، وستكون خصما أشدّ على الولايات المتحدة وأوروبا..
وقال الكاتب ويليام هاغ، إن أزمة فيروس كورونا بدت وكأنها تعمل لصالح الميزة الجيو سياسية للصين.
فبعد ستة أشهر من الآن، سيكون للبلد الذي وُلد فيه الفيروس، والذي تستّر على خبر انتشاره في البداية، العديد من الفرص ليكون أقوى. ويضيف هاغ في مقال نشرته له صحيفة “ذي ديلي تلغراف” البريطانية، أنه من المرجح أن يتعافى الاقتصاد الصيني بسرعة أكبر من أي دولة في الغرب، ويرى أن الشمولية نفسها التي أدت إلى التستر والإنكار في البداية، سمحت بقمع الفيروس بشكل لا يرحم بمجرد الاعتراف بخطورته.
وتمكنت الصين من حصر العدوى في مناطق معينة، كما تشير البيانات الأولية إلى انتعاش سريع في إنتاجها الصناعي.
وأضاف الكاتب أن الغياب الاستثنائي للقيادة العالمية من الولايات المتحدة هو سبب آخر سيجعل من الصين قوة كبرى، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفض حتى تشجيع الولايات على العمل معا ضد فيروس كوفيد-19، علاوة على تنظيم أي استجابة دولية منسّقة.
لحظة حاسمة
ووفق الكاتب، فإن أحد الأسباب التي جعلت قادة مجموعة العشرين سيتغرقون وقتًا طويلاً لعقد مؤتمر عبر الفيديو هو أن البيت الأبيض حال دون منع السعودية من استضافتها. وفي كل لحظة عالمية حاسمة منذ عام 1945، كانت الدول في كل قارة تتطلع إلى الولايات المتحدة للقيادة، غير أن العالم تفاجأ بسخرية الولايات المتحدة من الأزمة وعدم وجود محاولة واضحة لقيادة استجابة دولية موحدة.
وأكد الكاتب أن الصين ستستفيد من العصر الجديد لدولة المراقبة التي ستُطبق في أنحاء كثيرة من العالم في الأشهر القادمة. وستستنتج عشرات الدول أن الطريقة الوحيدة لإعادة تحريك اقتصاداتها هي عزل الأفراد المصابين، الأمر الذي يتطلب تكنولوجيا اقتحامية وانتهاكا للخصوصية. ولا شك في أن الصين ستكون المزوّد للأنظمة والبرمجيات والبيانات بسرعة وعلى نطاق واسع.
وأفاد الكاتب أن قدرة المنتجين الصينيين على توريد أجهزة التنفس الاصطناعي وغيرها من المعدات الطبية إلى المملكة المتحدة وأماكن أخرى أمرٌ مرحب به، لكن الكثير من الجهود لمساعدة الدول الأخرى لم تسر بسلاسة.
ويشير إلى أن الحكومة الهولندية صرحت بأن 600 ألف قناع وجه مصنوع في الصين كانت معيبة، وأن إسبانيا ووجدت أن عشرات الآلاف من مجموعات الاختبار الصينية كانت غير دقيقة. وفي حين أن مثل هذه المشاكل يمكن أن تكون مجرد نوايا حسنة سارت على نحو خاطئ، فلا يمكن قول الشيء نفسه عن الجهود المتعمدة لتحويل اللوم عن أصول الفيروس إلى الآخرين.
أضرار وسلاسل
ويقول الكاتب إنه يبدو من المرجح أن الفيروس سيقتل عددا أكبر من الناس، ويسبب أضرارا اقتصادية أسوأ بكثير، ويحدث تغييرات غير مرغوب فيها في الحياة في أوروبا وأميركا الشمالية والدول ذات الدخل المنخفض أكثر من الصين نفسها.
ويضيف أن أزمة كوفيد-19 هي تذكير هام بأن العديد من الشركات العالمية تعتمد بشكل كبير على سلاسل التوريد في الصين، وأن الأمن الغربي يتطلب قيادة تكنولوجية من الولايات المتحدة.
ويضيف أن الولايات المتحدة لا تستطيع حل مشاكل العالم من دون الصين. إذا أرادت منع تغير المناخ الكارثي وتعزيز الصحة العالمية وحماية التنوع البيولوجي وإنقاذ المحيطات ووقف الانتشار النووي واستعادة الاقتصاد العالمي المزدهر، فهي بحاجة إلى الصينيين وهم بحاجة إلى الأميركيين.
المصدر : صحيفة “ديلي تلغراف” البريطانية