ماذا يجري داخل قصر قرطاج؟ الجنرال الحامدي يكشف تفاصيل استقالته من رئاسة الجمهورية..
تونس ــ الرأي الجديد / صالح عطية
بعد أن انفردت “الرأي الجديد”، يوم 21 مارس 2020، بنشر خبر استقالة الجنرال محمد صالح الحامدي، من خطة مستشار الأمن القومي برئاسة الجمهورية، وكشفت “الرأي الجديد”، حينها أسباب الاستقالة التي تكتّمت عنها رئاسة الجمهورية، قرّر الجنرال محمد صالح الحامدي، الخروج عن صمته لتوضيح أسباب استقالته من رئاسة الجمهورية.
وفي هذا السياق، أكد الجنرال، محمد صالح الحامدي، أنه “أصبح مستشارا لا يستشار داخل القصر الرئاسي”، مشيرا إلى أنه تمّ تغييبه عن كلّ الاجتماعات التي تهمّ الأمن القومي، قائلا: “أصبحت الأنشطة التي هي من صميم مشمولاتي تُبرمج بدون إشراكي، ولا أعلم بها إلا في اللحظات الأخيرة، ويقع استدعائي لحضورها كبقية المدعوين، وأحيانا أخرى لا أعلم بها إلا عبر وسائل الإعلام”.
وأوضح الجنرال، أن “كافة العراقيل والتضييقات والمضايقات والتعلاّت”، وضعت أمامه “للحيلولة دون مقابلة الرئيس قيس سعيّد بصفة مباشرة”، مبرزا أنه “قام بإعلامه بهذه الممارسات في عديد المناسبات”، وعبّر عن “عدم استعداده للقبول بهذا الوضع”، قبل أن يضيف: “بكل أسف لم يتغير شيء”.
وكان الجنرال الحامدي، قدم استقالته إلى رئيس الجمهورية، يوم 10 مارس الماضي، وأعاد تقديمها مجددا إلأى قيس سعيّد، يوم 16 من نفس الشهر، وانتظر صدور بلاغ رسمي عن رئاسة الجمهورية، غير أنّ ذلك لم يحصل، فاضطر لإعادة تقديمها مجددا، وإخراجها للعلن، حتى يتبين الرأي العام، الخيط الأبيض من الخيط الأسود، كما يقال..
وتعدّ هذه الاستقالة الثالثة، المعلن عنها بعد استقالة رئيس الديوان، طارق بالطيب، واستقالة رؤوف بالطبيب، المستشار السياسي للرئيس، قيس سهيّد، وإقالة مدير التشريفات والبروتوكول، طارق الحناشي، ليطرح السؤال الأهم، وهو: ما الذي يجري داخل القصر الرئاسي؟ وكيف تتم 3 استقالات وإقالة لشخصيات اختارهم الرئيس بنفسه منذ بداية عهده بالقصر الرئاسي؟ وهل كانت استقالتهم برغبة من الرئيس، أم بضغط من بعض الأطراف داخل القصر الرئاسي؟ وإلى أي مدى يمكن أن نتحدث عن صراعات مواقع داخل قصر قرطاج؟ وماذا عما يتردد من وجود دور للعائلة (زوجة الرئيس وشقيقه وصهره) فيما يجري من استقالات وإقالات ومحاولة لعزل الرئيس، أو إبعاد مستشاريه عنه، كما هي حال الجنرال الحامدي؟
أسئلة تطرح نفسها بقوة، في انتظار إجابة رئاسة الجمهورية عن هذا الموضوع وغيره من الملفات التي تحتاج إلى إيضاحات أساسية..
وفيما يلي نصّ رسالة الجنرال محمد صالح الحامدي كاملة:
“بسم الله الرحمان الرحيم
أنا أمير اللواء متقاعد محمد الصالح حامدي ،
يؤسفني أن أعلن اليوم بنفسي عن إستقالتي من خطة مستشار أول للأمن القومي بعدما انتظرت لمدة 15 يوما و ذلك احتراما مني لمؤسسة الرئاسة.
لقد لامني الكثير ممن أعرفهم وممن لا أعرفهم على الإستقالة في هذا الظرف العصيب الذي تمر به البلاد وأنا أتقبل لومهم
و أود أن أُوضّح لهم و للرأي العام الظروف التي دفعتني لهذا وأترك لهم الحكم:
أولا: أن العلاقة على الصعيد الشخصي بيني وبين سيادة الرئيس كلها تقدير واحترام متبادلين.
ثانيا : لقد تقدمت باستقالتي لأول مرة يوم 10 مارس 2020 وذلك في اليوم الموالي مباشرة لانعقاد أول جلسة لمجلس الأمن القومي تحت إشراف السيد رئيس الجمهورية.
وآخر مرة كانت يوم 16 مارس حيث قبلها سيادة الرئيس وانتظرت صدور بلاغ رسمي حتى يوم 20 من نفس الشهر ولمّا لم يحصُل ذلك قابلت السيد الرئيس وأعلمته بمغادرتي.
ثالثا: فيما يتعلق بأسباب الإستقالة ، أقول مع مراعاة مقتضيات واحب التحفظ أنه حصلت لديٌ القناعة بأنني أصبحت المستشار الذي لا يُستشار…ربما وجودي كان مزعجا للبعض.
بدأ يحدث هذا مباشرة بعد التحويرات التي حصلت في تركيبة الديوان وخاصة في مستوى رئاسته في أواخر جانفي 2020.
فمنذ تلك الفترة، أصبحت الأنشطة التي هي من صميم مشمولاتي تُبرمج بدون إشراكي ولا أعلم بها إلا في اللحظات الأخيرة ويقع استدعائي لحضورها كبقية المدعوين وأحيانا أخرى لا أعلم بها إلا عبر وسائل الإعلام .
كيف يمكن تفسير عدم دعوتي للحضور على سبيل المثال لا الحصر عند استقبال السادة وزراء الدفاع والداخلية !!؟؟
بماذا يُبَرَّرُ عدم حضوري لما دُعيت السيدة وزيرة الصحة بالنيابة مع اندلاع أزمة “كورونا”!!؟؟
أليس الأمن والدفاع والأمن الصحي من عناصر الأمن القومي ؟؟!!
أنا لا يهمني إذا حضر غيري ولكن أعتبر عدم حضوري أمرا غير منطقي وغير مقبول.
هذا، كما أصبحت تُوضع أمامي كل العراقيل والتضييقات والمضايقات و التعلاّت، للحيلولة دون مقابلة السيد الرئيس بصفة مباشرة.
أعلمت سيادته بهذه الممارسات في عديد المناسبات وعبرت له عن عدم استعدادي للقبول بهذا الوضع ،لكن وبكل أسف لم يتغير شيء.
وأخذا بعين الإعتبار لما سبق وأشياء أخرى وبحكم ما تربّيْت عليه طيلة 40 سنة بالمؤسسة العسكرية من:
– انضباط واحترام لمؤسسات الدولة
– ضرورة التحضير المسبق لأي عمل وتجنب الإرتجال والتسرع
– وجوب أن يتحمٌل من أُسندت له مهمة مسؤوليته كاملة في جميع مراحلها :قبل ، أثناء ، وبعد
هذا كما أني لم أتعوٌد عن التنازل عن صلاحياتي لأي كان والسكوت عن الخطأ مهما كلفني ذلك ، فقد وجدت نفسي مضطرا على تقديم إستقالتي والإصرار على ذلك خاصة وأن هذا ما اتفقت عليه مع السيد رئيس الجمهورية حين التقيته لأول مرة.
Je ne peux pas faire le figurant.
حفظ الله تونس وشعبها”