كيف تفاعلت منصات التواصل الاجتماعي في العالم مع “كورونا” ؟؟
عواصم ــ الرأي الجديد
أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي أحد أبرز الفواعل في إدارة أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد أو كوفيد -19، وتزايد هذا الدور بصورة كبيرة بعد إجراءات الحجر المنزلي الاحتياطي أو حظر التجوال التي اتخذتها العديد من الحكومات حول العالم، فأصبحت هي المتنفس الرئيسي لجميع الأفراد، ليس فقط كوسيلة للتواصل وتنفيس الهموم، بل أيضًا كوسيلة للحصول على المعلومات.
ويحاول هذا التقرير تحديد أبرز اتجاهات المغردين والمعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي حول أزمة انتشار وباء كورونا المستجد، وتحديد حجم المشاركات العالمي والإقليمي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأبرز الاتجاهات والأفكار السائدة عبر المنصات الاجتماعية المختلفة.
وقد تمّ الاعتماد في إعداد هذا التقرير على إحدى الأدوات المنهجية البرمجية التي تقوم بتحليل مواقع التواصل الاجتماعي من خلال المصادر العلنية، وهي برنامج Talkwaker الذي يقوم بتحليل اتجاهات المستخدمين عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة من خلال كلمات مفتاحية محددة. وقد راعت الدراسة سياسات الخصوصية التي اعتمدها كل مستخدم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اقتصرت فقط على المعلومات التي سمح المستخدمون بأن تكون معلنة ومتاحة للجميع، ولم يتم رصد تعليقات وتغريدات الحسابات والصفحات التي اعتمدت إعدادات شخصية تُقيّد إمكانية مشاهدة تعليقاتها أو تغريداتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.
واعتمد التقرير على عدة كلمات مفتاحية للبحث عن التفاعل حول فيروس كورونا، كانت باللغة الإنجليزية (coronavirus OR covid OR “covid 19) وباللغة العربية (كورونا، كوفيد، كوفيد-19)، وقد تم اعتماد فترة زمنية لإجراء البحث تمتد خلال الفترة من 1 يناير حتى 25 مارس 2020.
خصائص الاهتمام الدولي:
1- عدد المنشورات: إذ انتشر الاهتمام بالفيروس على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل أسرع من انتشاره في الواقع، حيث بلغعدد المصابين بالمرض عالميًّا حتى يوم 25 مارس حوالي 454 ألف حالة، فإن عدد المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي الواردة حول المرض باستخدام كلمات مفتاحية للبحث حول كورونا هي (coronavirus OR covid OR “covid 19) قد بلغ أكثر من 466 مليون منشور، وشهدت تفاعلًا من المستخدمين تجاوز 5 مليارات مرة، سواء تعليقات أخرى لا تحتوي على إحدى هذه الكلمات، أو إعجابات، أو إعادة تغريد، أو غيره من التفاعلات.
2- ذروة الاهتمام: كان أكثر الأيام تغريدًا حول العالم هو يوم 13 مارس 2020، حيث تجاوز عدد التعليقات في هذا اليوم وحده أكثر من 27.3 مليون تعليق ومنشور. ويرجع ذلك إلى أن منظمة الصحة العالمية قد أعلنت في اليوم السابق أن كورونا أصبح جائحة عالمية رسميًّا، وهو ما أثار الذعر في كثيرٍ من ردود الفعل على مواقع التواصل.
3- أكثر الدول تفاعلاً: كانت أكثر الدول التي وردت منها تعليقات حول فيروس كورونا هي الولايات المتحدة الأمريكية، بإجمالي عدد منشورات تجاوز 177 مليون منشور. وكان ذلك مؤشرًا أوّليًّا على أن الولايات المتحدة سوف تحتل المركز الأول قريبًا من حيث عدد الإصابات، وهو ما تحقق بالفعل في اليوم التالي يوم 26 مارس، حيث كان عدد الإصابات في الولايات المتحدة 82,404 إصابة مؤكدة و1000 حالة وفاة.
واستحوذت إسبانيا على المركز الثاني بعدد منشورات تجاوز 35 مليون منشور، يقترب منها بصورة كبيرة البرازيل بأكثر من 26 مليون منشور، وهو ما يثير تكهنات حول عدد الإصابات المستقبلية المحتملة في البرازيل التي لا يزيد فيها عدد الإصابات عن 3000 حالة حتى يوم 26 مارس. وجاءت المملكة المتحدة في المركز الرابع بأكثر من 20 مليون منشور، تليها فرنسا بأكثر من 19 مليون منشور، ثم تايلاند بأكثر من 16 مليون منشور، ثم الهند بأكثر من 13 مليون منشور. أما إيطاليا فقد جاءت في المركز الثامن بحوالي 11 مليون منشور، وقد يرجع انخفاض أعداد المشاركين إلى حجم الكارثة التي تعيشها إيطاليا، وحالة الاكتئاب العام التي يمر بها معظم السكان التي دفعتهم إلى عدم التغريد أو الانخراط في محادثات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما جاءت دول أخرى متنوعة بنسبة 29.2%.
4- اللغات المستخدمة: كانت أكثر اللغات المستخدمة في التعليق هي الإنجليزية بنسبة 57.1%، ويرجع ذلك إلى أن الولايات المتحدة هي أكثر الدول المغردة، كما أن عددًا كبيرًا من المغردين يستخدمون اللغة الإنجليزية في التغريد. تليها أيضًا اللغة الإسبانية بنسبة 18.2% والتي يغرد بها كل من إسبانيا ومعظم دول أمريكا اللاتينية. ثم البرتغالية بنسبة 6% والتي تُعتبر اللغة الرسمية للبرتغال وأيضًا للبرازيل التي تعتبر من أكثر الدول حديثًا عن الفيروس في مواقع التواصل الاجتماعي. ثم الفرنسية بنسبة 4.6%، تليها التايلندية بنسبة 3.7%، ثم الإيطالية بنسبة 2.1%.
5- الشرائح العمرية: كانت الفئة العمرية من 25 – 34 عامًا هي أكثر الفئات اهتمامًا بالحديث عن كورونا بنسبة 47.4%، وهي الفئة الشابة التي تمتلك حسابات بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي أيضًا الفئة المسئولة التي تعول أسرًا ويهمها معرفة الأخبار المثارة حول الفيروس ومشاركتها مع الآخرين، تليها الفئة العمرية من 18 -24 عامًا وذلك بنسبة 34.8%، وهي الفئة التي تتحمل قدرًا أقل من المسئوليات الاجتماعية، تليها الفئة العمرية من 35 – 44 عامًا وذلك بنسبة 13%، أما الفئة العمرية الأكبر من 45 عامًا فقد جاءت في مراتب أقل من حيث مشاركتها على مواقع التواصل. فمثلًا كانت مشاركة الفئة العمرية من 45 – 54 عامًا بنسبة 3.9%، والفئة العمرية من 55 – 64 جاءت في مرتبة ضعيفة جدًّا بنسبة 0.8%، في حين كانت الفئة العمرية أكثر من 65 عامًا هي الأقل على الإطلاق بنسبة 0.1%.
6- أبرز الهاشتاجات: يوضح الشكل التالي أبرز الهاشتاجات التي استحوذت على اهتمام المغردين عالميًّا، وكانت الأكثر استخدامًا عند الحديث حول أزمة فيروس كورونا المستجد، والتي كان في مقدمتها هاشتاج #Coronavirus وهاشتاج #Cocid19
مؤشرات التفاعل العربي:
1-عدد المنشورات: يتضح أن هناك اهتمام كبير من المغردين في المنطقة العربية بكورونا باستخدام كلمات مفتاحية هي (كورونا، كوفيد، كوفيد-19) للبحث عمّا يُثار من تفاعلات حول فيروس كورونا المستجد، فقد بلغ عدد التغريدات الواردة خلال فترة الدراسة حوالي 25.1 مليون منشور، وشهدت تفاعلًا من إعجابات وردود ومشاركات بلغ 159.9 مليون مرة.
2-إجراءات احتواء الفيروس: أثار إغلاق دور العبادة لأغراض وقائية بعد صدور فتاوي من الجهات الدينية المعنية تحث على اتخاذ هذا الإجراء اهتماماً كبيراً في عددٍ من الدول العربية، حيث كان يوم 15 مارس 2020 أكثر الأيام التي شهدت تفاعلًا من المغردين، فقد بلغ عدد التغريدات الواردة خلال هذا اليوم أكثر من 1.2 مليون منشور، وقد شهد هذا اليوم على مستوى العالم العربي إعلان العديد من الدول عدم إقامة الصلاة في المساجد، وهو أمر تفاعل معه الكثير من المغردين في المنطقة العربية.
3- حجم التفاعل المناطقي: كان أكثر الدول التي جاءت منها تعليقات بمواقع التواصل الاجتماعي هي المملكة العربية السعودية بنسبة 24.5%، تليها مصر بنسبة 12.5%. وعلى الرغم من أن عدد الإصابات في مصر أقل من دول عربية أخرى، إلا أنها صاحبة أكبر تعداد سكاني في المنطقة وأكبر عدد من المغردين على مواقع التواصل، ثم جاءت الكويت بنسبة 11.3%، ثم الإمارات بنسبة 7.3%، ثم العراق بنسبة 4.6%، ثم لبنان بنسبة 4.5%، ثم المغرب بنسبة 3.1%، تليها عمان بنسبة 3%، ثم قطر بنسبة 2.9%، ودول أخرى بنسبة 26.3%.
4- صعود الاهتمام الشبابي: كانت الفئة العمرية من 25 – 34 هي أكثر الفئات العمرية اهتمامًا بالحديث عن فيروس كورونا المستجد، وذلك بنسبة 50.7%، وهي الفئة العمرية الشابة والأكثر من حيث التعداد في الوطن العربي. تليها الفئة العمرية من 18 – 24 بنسبة 31.6%. ثم الفئة العمرية من 35 – 44 وذلك بنسبة 14.2%. وكان ترتيب الفئات العمرية الأكبر من 45 عامًا هو الأقل من حيث المشاركة.
كان أكثر الهاشتاجات تداولًا في التعليقات المكتوبة باللغة العربية هو هاشتاج #كورونا، يليه هاشتاج #فيروس_كورونا، ويليه عدد آخر من الهاشتاجات يوضحها الشكل التالي:
وفي النهاية، فقد حاولت هذه الدراسة إلقاء نظرة عامة على مستويات وأنماط التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد، وذلك بالاعتماد على كلمات مفتاحية للبحث، سواء باللغة الإنجليزية أو العربية، وذلك خلال فترة زمنية محددة امتدت من 1 يناير حتى 25 مارس 2020، واعتمدت في ذلك على إحدى أدوات التحليل الكمي الرقمي عبر برنامج Talkwaker، وحاولت تقديم مؤشرات كمية وإحصائية لها دلالاتها الكيفية التي يمكن أن يستفيد منها الباحثون في إعداد دراسات أخرى مستقبلية.
المصدر: موقع “العربي21”