قوات حفتر تتكبد خسائر متلاحقة في حربها ضد الحكومة الليبية
طرابلس ــ الرأي الجديد (مواقع إلكترونية)
تواجه قوات حفتر خسائر متلاحقة في مختلف محاور ومناطق القتال في المنطقة الغربية، لا سيما العاصمة طرابلس مقر حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، بفعل تراجع أداء مليشياته أمام القدرات النوعية التي تمتلكها القوات الحكومية المدعومة من تركيا.
وبعد وصول هجومها على طرابلس ذروته في نهاية 2019، بدعم من مرتزقة شركة فاغنر الروسية، انكسر هذا الهجوم مع مطلع 2020، وتراجعت مليشيات حفتر إلى الوراء بعد أن خسرت مواقع حساسة جنوبي طرابلس.
وعقب تحييد سلاح الطيران من سماء العاصمة، فقدَ حفتر أهم نقطة قوة وتفوق أمام قوات حكومة الوفاق، المعترف بها دوليا، خاصة بعد تنصيب منظومات دفاع جوي بطرابلس، وإسقاطها طائرة عسكرية تابعة لحفتر من نوع “ميغ 23″، في 7 ديسمبر الماضي، وأسرِ طيارها عامر الجقم، الذي انطلق بها من قاعدة الوَطْيَة الجوية لقصف أهداف في العاصمة.
لذلك لجأت مليشيات حفتر إلى قصف أحياء طرابلس بصواريخ غراد وقذائف المدفعية، وحتى بعد إعلان الناطق باسمها أحمد المسماري، في 22 مارس الجاري، الموافقة على هدنة دعت إليها الأمم المتحدة وعدة دول، للتفرغ لمواجهة فيروس كورونا، واصلت هذه المليشيات قصفها للعاصمة.
وأوقعت هذه الهجمات عشرات القتلى والجرحى من المدنيين بينهم أطفال، بعد ثلاثة أيام فقط من الهدنة، مما يعكس فشل حفتر في السيطرة على مليشياته، وبالأخص جماعة الكانيات (اللواء التاسع ترهونة).
اقتحام قاعدة الوطية
والأربعاء الماضي، تعرضت مليشيات حفتر إلى نكسة غير مسبوقة منذ وقف إطلاق النار، في 12 جانفي الماضي، عندما اقتحمت قوات الوفاق قاعدة الوطية الجوية الاستراتيجية (140 كلم جنوب غرب طرابلس)، ولم تنسحب منها إلا بعدما أسرت 27 عنصرا من مليشيات حفتر، بينهم طيارون وتقنيون، بهدف شل نشاطها وليس السيطرة عليها.
وفي نفس اليوم، أطلقت قوات الوفاق عملية “عاصفة السلام”، التي تمثل مرحلة جديدة بعد عملية “بركان الغضب”، والتي كان دورها الرئيسي الدفاع عن العاصمة، في حين أن العملية الجديدة، هدفها الانتقال إلى مرحلة الهجوم بعد الدفاع.
وشملت الهجمات مختلف المحاور جنوبي طرابلس (مثل الأحياء البرية والكزيرما والطويشة والرملة، ووادي الربيع والزطارنة)، ولكن الهجوم الرئيسي والمفاجئ كان على قاعدة “الوطية”، مركز غرفة عمليات المنطقة الغربية التابعة لمليشيات حفتر.
ولم تكتف قوات الوفاق بأسر عناصر حفتر في قاعدة الوطية، وقتل عدد منهم وتدمير عدة آليات وطائرة على الأرض، بل أعادت في اليوم التالي الإغارة عليها جوا، بعد أن تراجع نشاط سلاح جو الوفاق في الأشهر الأخيرة.
وكرر طيران الوفاق القصف الجوي، لليوم الثاني على التوالي، حيث أقرت صفحات موالية لحفتر بمقتل 3 عناصر مسلحة من قبيلتي الرجبان والرياينة.
وبذلك شكل اقتحام قوات الوفاق لقاعدة الوطية، أحد أكبر انتصاراتها منذ هجومها على مدينة غريان (100 كلم جنوب طرابلس)، في 26 جوان 2019، والتي اتخذتها مليشيات حفتر منذ هجومه في أفريل 2019 مركز عملياتها الرئيسية للسيطرة على طرابلس.
كما شمل الهجوم مناطق موالية لحفتر واقعة بين بلدة سوق الخميس (45 كلم جنوب طرابلس) ومدينة ترهونة (90 كلم جنوب شرق طرابلس)، وفي منطقة الهيرة، شمال غريان، مما يعني أن ميدان المعركة اتسع بشكل غير مسبوق منذ إعلان وقف إطلاق النار في 12 جانفي الماضي.
هجوم في “أبو قرين”
وفي محاولة لرفع معنويات عناصره بعد أن كادوا يفقدون غرفة عمليات المنطقة الغربية بقاعدة الوطية، هاجمت قوات حفتر منطقة أبو قرين، التي تعد خط الدفاع الأول عن مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس)، التي تملك أقوى الكتائب عددا وعدة وأكثرها تنظيما.
وانطلقت مليشيات حفتر من منطقة الوشكة، غرب مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس)، وهاجمت كتائب الوفاق في أبو قرين، التي لا تبعد عن مصراتة سوى 110 كلم جنوبا، ومنها تنعطف شرقا على الطريق الساحلي باتجاه سرت، حيث لا تفصلها عن الوشكة سوى أقل من 50 كلم، وهي منطقة الاشتباك الحالية، التي تقع بها عدة قرى مثل القداحية وزمزم والهيشة.
ولأن أبوقرين لا توجد بها منظومات دفاع جوي للطرفين، فقد تدخلت الطائرات المسيرة بفعالية في هذه المنطقة المفتوحة وشبه الصحراوية رغم قربها من البحر، وقتل في هذه المواجهات العشرات من قوات حفتر (130 عنصر بحسب بعض المصادر)، على رأسهم اللواء سالم درياق، قائد غرفة عمليات سرت الكبرى، ونائبه العميد القذافي الصداعي، بالإضافى إلى العقيد علي سيدا التيباوي، قائد الكتيبة 129، وضباط آخرين سواء في قصف بالمدفعية الثقيلة والطائرات المسيرة لمواقعهم خاصة بالوشكة، أو خلال الاشتباكات مع كتائب مصراتة في مناطق القداحية وزمزم والهيشة وأبوقرين.
ليبيا و”كورونا”
ورغم أن اجتياح فيروس كورونا للكوكب، غطى على الكثير من الأحداث، ومن بينها الحرب في ليبيا، إلا أن تصاعد القتال في الأيام الأخيرة، رغم موافقة الطرفين على هدنة كورونا، أعاد الملف الليبي إلى طاولة الأضواء الدولية.
حيث اجتمع أعضاء مجلس الأمن الدولي، الخميس، وطالبوا بوقف فوري للقتال، وأعربوا عن قلقهم من التصعيد الحاد للأعمال العدائية على الأرض، ومن انتشار كورونا المحتمل في ليبيا.
بينما حذر وزير الخارجية في حكومة الوفاق محمد سيالة، بذات اليوم، وفي رسالة إلى مجلس الأمن، من وقوع كارثة إنسانية جراء استمرار قصف ميليشيات حفتر، للمنشآت المدنية بطرابلس.
الأمين العام الأممي أنطونيو غوتيريش، هو الآخر أعرب، الجمعة الماضي، عن أسفه لخرق الهدنة في ليبيا، خلال اجتماع عقده عبر دائرة تليفزيونية مع رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة تيجاني محمد، ورئيس مجلس الأمن الدولي السفير الصيني جيانغ جيون، ورئيسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأممي مني جول، ومندوبي عدد من الدول بالأمم المتحدة.
ولكن هل يكفي القلق والمناشدات الدولية لوقف القتال في ليبيا، وبالأخص اعتداءات حفتر المستمرة على المدنيين، بينما يُطل كورونا برأسه في البلاد، بعد تسجيل أول حالة إصابة في الداخل، الأسبوع الماضي، مما قد يهدد بانهيار المنظومة الصحية المنهكة أصلا من مخلفات الحروب.
المصدر: (عربي 21)