يومين على انتهاء المهلة الدستورية: هل ينجح الفخفاخ في تجاوز أزمة تشكيل الحكومة ؟
تونس ــ الرأي الجديد (مواقع إلكترونية)
لم يبق أمام الفرقاء السياسيين في تونس إلا 48 ساعة كما تشير المهل الدستورية، لبحث مخرج للأزمة الحكومية التي دخلت فيها البلاد، والتوصل إلى اتفاق حول التشكيلة الحكومية وتقديمها للرئيس قيس سعيد، وتحديد موعد لجلسة عامة بالبرلمان لمنح الثقة لها، أو الدخول في المجهول.
وتزايدت المخاوف من الدخول بالمجهول بعد التضارب الواسع الذي أحدثه غموض التشريع الدستوري الذي ينظم هذه الحالات، واختلاف الأحزاب وخبراء القانون الدستوري حوله، وكذلك رئيس البلاد ورئيس البرلمان ورئيس حكومة تصريف الأعمال بهذا الخصوص.
وبرغم هذه الصعوبات، ما يزال هناك أمل في إنقاذ الوضع، وأنّ شيئاً ما قد يرشح من كواليس المشاورات المحمومة التي جرت أمس الإثنين، وستتواصل اليوم الثلاثاء.
وتكشف مصادر مطلعة على سلسلة المشاورات التي شهدها قصر الرئاسة في قرطاج، ومبنى البرلمان في باردو، وقصر الضيافة الذي يتحرك فيه الرئيس المكلف إلياس الفخفاخ، أنه جرى بحث عدة سيناريوهات قد تمكن من إنقاذ الوضع المتأزم.
وتذكر مصادر حزبية، أنّ الاقتراحات التي تم بحثها تسير في الاتجاهات التالية: أولا إقناع حزب “قلب تونس” بالمشاركة المحدودة حالياً في الحكومة على أن يتم تدعيمها فيما بعد، وكذلك ائتلاف “الكرامة”، وإدخال تعديلات على التشكيلة الحكومية كانت قد طالبت بها “حركة النهضة” من بينها ما يتعلق بحيادية بعض الوزارات.
غير أنّ هذا الأمر يصطدم بصعوبة جمة، كشف عنها نبيل القروي رئيس حزب “قلب تونس”، حيث أشار، في تصريح صحافي إثر لقائه بنواب كتلة حزبه بالبرلمان، إلى أنّ وجود “قلب تونس” في المعارضة لا يقلقه، مبدياً في الآن ذاته انفتاحه على أيّ دعوة من الفخفاخ للتفاوض ولكن شريطة أن تكون الدعوة في العلن.
وأوضح القروي قائلاً “عندما يدعونا الفخفاخ إلى الحوار سنستجيب لذلك، ولكن شرط أن تكون الدعوة في العلن”، متابعا “وإذا قرر الفخفاخ توسيع حزام حكومته وقرر إدخال قلب تونس فسنسهّل عليه الأمر”.
وتشير مصادر، إلى إمكانية تصويت حزب القروي على حكومة الفخفاخ حتى إذا لم يشارك فيها، وهو معطى جديد مفاجئ مطروح داخل الحزب حالياً، ويجري بحثه، على أن يتوضح أكثر، خلال اليومين المقبلين، بحسب تطورات الأوضاع.
وقالت المصادر إنّه تم بحث سيناريو آخر في الكواليس، وهو أن يتم التصويت لحكومة الفخفاخ حالياً تفادياً للفراغ ولحلّ البرلمان ولكل التعقيدات الدستورية الممكنة التي قد تنتج عن سقوط الحكومة، على أن يتم سحب الثقة منها فيما بعد وبحث تشكيل حكومة جديدة، ولكن هذا السيناريو غير محبذ لدى “حركة النهضة” و”قلب تونس”، لانّ أحداً لا يضمن كيف ستسير الأمور فيما بعد إذا تم التصويت لصالح الحكومة.
وأضافت المصادر أنّ الفخفاخ وداعميه، كانوا ينتظرون أن تذهب “حركة النهضة” إلى التصويت لصالح الحكومة دون المشاركة فيها كما قال رئيسها راشد الغنوشي منذ أيام، إلا أن “حركة النهضة” غيرت موقفها “بعدما بلغها من ترتيبات تحاك ضدها” بحسب المصادر، وهو ما لخبط كل الحسابات وأعاد توزيع الأوراق.
وخرجت قيادات “حركة النهضة”، أمس الإثنين، تتهم صراحة حزب “تحيا تونس” بمحاولة التأثير على حزب “قلب تونس” وإقناعه بدخول الحكومة مقابل خروجها، وهو ما نفته قيادات من الحزب الأول.
وبرز صراع دستوري، أمس الإثنين، بين “حركة النهضة” والرئاسة، حيث أكد الرئيس سعيد أكثر من مرة أنّ الفرضية الوحيدة إذا سقطت حكومة الفخفاخ هي الذهاب إلى حل البرلمان، إلا أنّ “حركة النهضة” تصرّ على أنّ البرلمان والسلطة التشريعية هو السلطة الأصلية الأولى في الدستور ويمكنها أن تقرأ فصوله بشكل مختلف عما يراه الرئيس.
ويخشى كل من “حركة النهضة” و”قلب تونس” أن تستمر حكومة تصريف الأعمال التي يقودها يوسف الشاهد إلى ما لا نهاية، لأنّ الدستور لا يحدد للرئيس موعداً محدداً لحل البرلمان وإنما يترك المجال مفتوحاً، ولعل هذا ما دفع “قلب تونس” إلى التفكير في منح الثقة لحكومة الفخفاخ حتى إذا لم يشارك فيها.
ويبدو في كل الحالات أنّ اليوم الثلاثاء سيكون محدداً لمعرفة مصير الأزمة وتداعياتها، وستكون المشاورات حاسمة لتوضيح مواقف مختلف الأطراف.
المصدر: (العربي الجديد)