إقصاء تونس من مؤتمر برلين: السفير التونسي في ألمانيا يعلّق
برلين ــ الرأي الجديد (مواقع إلكترونية)
عبرت تونس عن “استغرابها الكبير ومفاجأتها” بقرار “إقصائها” من مؤتمر برلين، الذي أعلنت الحكومة الألمانية عقده الأحد المقبل لبحث الأزمة الليبية.
وكشف السفير التونسي لدى ألمانيا، أحمد شفرة، في حوار مع قناة “DW” الألمانية، عن تفاصيل الموقف التونسي من الأزمة الليبية، ودواعي استغراب تونس من الموقف الألماني بشأن عقد مؤتمر برلين، وعما Yذا كان هنالك “فيتو” على مشاركة تونس؟.
واعتبر أحمد شفرة، أن إقصاء تونس لا يتناسب مع وضعها حاليا كعضو (غير دائم) في مجلس الأمن الدولي، لافتا إلى وجود اتفاق تم بين تونس وألمانيا على العمل سويًّا للتعاطي مع مختلف الملفات الإقليمية والدويلة المطروحة.
فيما يلي نص الحوار:
كيف تلقت تونس الصيغة التي أعلنت بها ألمانيا عن عقد مؤتمر برلين وخصوصا عدم مشاركة تونس فيه؟
باستغراب كبير تلقينا البيان الذي صدر بشأن مؤتمر برلين المخصص للأزمة الليبية وعدم مشاركة تونس فيه. وقد فاجأنها هذا الأمر بشكل كبير لأن تونس هي أكبر بلد مهتم بالوضع في ليبيا وهي أكثر بلد متضرر مما يجري في هذا البلد الجار. لقد تلقينا الأمر باستغراب ودهشة كبيرة، وما أثار دهشتنا أكثر كونه يأتي من ألمانيا الشريك الذي تربطه بتونس علاقات جيدة وممتازة وقائمة على الثقة، وهي علاقات عريقة إذ كانت تونس سنة 1965 الدولة العربية الوحيدة التي لم تقطع علاقاتها بألمانيا(الغربية آنذاك).. ولذلك نستغرب اليوم أن تكون تونس البلد الوحيد الذي يتم إقصاؤه ومن طرف من؟ من طرف ألمانيا!.
من الواضح أن القرار يثير استغرابكم، لكن ألم تسبقه أي اتصالات وحيثيات تجعلكم تفهمون خلفياته، خصوصا أن هنالك اتصالات عالية المستوى تمت في الأسابيع الأخيرة بين تونس وبرلين؟
فعلا تمت اتصالات بين الجانبين وعلى أعلى مستوى، وهنالك مساعٍ حثيثة جرت منذ انطلاق المسار التحضيري لمؤتمر برلين. فقد سعت تونس لحث ألمانيا وتحسيسها بأهمية دور دول الجوار، باعتبارها أكثر الدول المتضررة من الأزمة الليبية. وقامت الديبلوماسية التونسية بنشاط كبير على جميع المستويات. ولا أكشف سرا عندما أقول بأن اللقاء الذي جمع فخامة الرئيس قيس سعيد بوزير خارجية ألمانيا السيد هايكو ماس، الذي كان أول مسؤول أجنبي كبير يستقبله الرئيس التونسي بعد تسلمه مهامه، وفي لقائهما كانت حصة الأسد من المحادثات حول الملف الليبي، وأعتقد أن الجانب الألماني كان مدركا لأهمية هذا الملف بالنسبة لتونس وللرأي العام التونسي بالخصوص.
هل وصلتكم من الجانب الألماني أي توضيحات حول هذه المسألة، سواء قبل الإعلان الأخير عن عقد مؤتمر برلين أو بعد الإعلان؟
لحد الآن لم نفهم ولم نتفهم هذا الموقف، ولم نفهم أي توضيحات أو مبررات بشأن إقصاء تونس، وما قدم للجانب التونسي غير مقنع. لأن دور تونس وما تحظى به من ثقة لدى الليبيين، أمر معروف. كما أن أطرافا ودولا عديدة دعت إلى إشراك تونس في مسار برلين، باعتبرها دولة جوار. ومن المهم التنويه هنا إلى أن جانبا كبيرا من التحديات الإقتصادية والأمنية التي تواجهها تونس، مصدرها ليبيا. ولذلك فان تونس تدفع أكبر قدر من الثمن جراء الوضع المتردي والمتدهور في ليبيا.
والجانب الألماني نفسه يدرك أن تونس وفرت له كل الإمكانيات، مثل ظروف العمل والتشجيعات والحوافز لوكالة التعاون الألماني GIZ على الشأن الليبي من تونس.
كما أن إقصاء تونس لا يتناسب مع وضعها حاليا كعضو (غير دائم) في مجلس الأمن الدولي، وهنالك اتفاق تم بين تونس وألمانيا على العمل سويًّا للتعاطي مع مختلف الملفات الإقليمية والدويلة المطروحة.
ولا أخفي خشيتي من أن تكون لهذا الموضوع تداعيات لدى الرأي العام التونسي.
ماذا تقصدون بذلك؟
نحن لا نريد أن يتسبب الموقف الألماني وإقصاء تونس من مؤتمر برلين، في المسّ بصورة ألمانيا وما تحظى به من تقدير وإحترام كبيرين في تونس. وأريد ان أوضح هنا بأن الشأن الليبي في تونس ليس فقط شأن السياسيين بل هو شأن عام يهتم به الرأي العام التونسي بشكل واسع، لأنه ملف هام جدا بالنسبة للتونسيين.
نحن نواصل محاولاتنا وتضيح الأمور، ولكننا فعلا مستغربون جدا مما يجري.
هل تعتقد أن هنالك طرفا ما أو أطراف في داخل ليبيا أو في خارجها بالمنطقة، لديه فيتو على مشاركة تونس في مؤتمر برلين، وقد يكون وراء ما حدث؟
لا اعتقد أن ألمانيا بمركزها وبموقعها وبمكانتها تخضع لمثل هذه الضغوط. لو أن الأمر يتعلق ببلد آخر لقلت لك أمرا آخر، لكن هذه ألمانيا التي تريد أن تلعب دورا. وهذه ألمانيا التي شجعناها في تونس خلال زيارة وزير الخارجية هايكو ماس، من أجل أن تلعب دورا نظرا لما تتميز به من مكانة ودور كبيرين.
وصراحة لا نريد أن نعتقد بأن هنالك ضغوطا على ألمانيا من أي طرف كان، ولا نتصور أنها يمكنها أن تخضع لمثل هذه الضغوط.
وهنالك بعد آخر يتعين التنويه إليه، وهو أن ألمانيا تريد وتشجع على عالم متعدد الأقطاب، في العلاقات الدولية، ها إننا نجدها الآن تقصي طرفا مهما وفاعلا في الملف المطروح إقليميا ودوليا.
هل تعتقد أن تونس تدفع ثمن موقفها في الأزمة الليبية؟
لا أتصور أن بلدنا يدفع ثمن موقفه لأنه يتمسك بالشرعية الدولية والحل السلمي. هنالك شرعية دولية ونحن ملتزمون بها وبما أقرته الأمم المتحدة بشأن الأزمة الليبية. وإذا كان التمسك بهكذا موقف يؤدي إلى دفع ثمن، فعلى الدنيا السلام. لكن أود التأكيد بأن نهج التمسك بالشرعية الدولية خيار ثابت في الديبلوماسية التونسية.