تفاصيل الساعات الأخيرة قبل مقتل سليماني.. الخيانة وراء الإغتيال..
بريطانيا ــ الرأي الجديد (مواقع إلكترونية)
كشف مصدر مقرب مطلع من حزب الله اللبناني، عن أن قائد فيلق القدس، الجنرال الإيراني قاسم سليماني، تعرض للخيانة حتى اغتيل، ويقول موقع “ميدل إيست آي” البريطاني إن أحد قادة حزب الله اللبناني، كشف تفاصيل خط سير رحلة سليماني في الـ 36 ساعة الأخيرة من حياته.
وتشير الكاتبة سؤدد الصالحي في تقريرها بالموقع، إلى أن السليماني كان يخضع للمراقبة عن كثب منذ اللحظة التي وصل فيها إلى دمشق، قادما من طهران الخميس الماضي، الثاني من جانفي 2020، وحتى لحظة اغتياله في بغداد فجر اليوم التالي الجمعة.
ويشير إلى أن سليماني وصل إلى مطار دمشق صباح الخميس الماضي، وأنه لم يلتقِ أحدا في العاصمة السورية أبدا، بل انتقل مباشرة من الطائرة إلى سيارة أقلته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، حيث التقى هناك بالأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.
ويضيف القائد في حزب الله – الذي اطلع على المباحثات بين سليماني ونصر الله – أنهما ناقشا آخر التطورات في العراق لساعات عدة، خاصة ما تعلق منها بالغارة الجوية الأميركية التي استهدفت مؤخرا كتائب حزب الله العراقي في العراق وسوريا، والهجوم على السفارة الأميركية في بغداد قبل أيام.
وقال الرجل إن الهدف من المحادثات كان المساعدة في تنسيق عمل الفصائل المسلحة التي تدعمها إيران بالمنطقة، وذلك كي يتم تجهيزها لأي مواجهة محتملة مع الولايات المتحدة.
لقاء نصر الله
بعد زيارته لنصر الله في بيروت لوقت قصير، عاد سليماني إلى دمشق في الليلة ذاتها تحت تدابير أمنية مشددة.
ويضيف المصدر ذاته، أنه عندما وصل سليماني إلى مطار دمشق، ركب على متن طائرة “أجنحة الشام” في رحلتها المتجهة إلى بغداد، وذلك من ضمن الركاب العاديين، مشيرا إلى أنه كان من المفترض للرحلة أن تنطلق في تمام الساعة 8:20 دقيقة مساء، بيد أنها تأخرت لسبب مجهول حتى الساعة 10:28 دقيقة، وذلك بحسب البيانات العامة لشركة الطيران.
ويشير إلى أن أبو مهدي المهندس، نائب رئيس قوات الحشد الشعبي العراقية شبه العسكرية، الموجود في بغداد، تلقى أنباء في الوقت ذاته تقريبا، تفيد بأن سليماني قد يهبط في الأراضي العراقية قريبا، ولم تتضمن المعلومات سوى اسم شركة الطيران، وموعد الوصول.
ويضيف المصدر أن المهندس – الذي يعد إحدى أكثر الشخصيات نفوذا في العراق، وهو أهم رجال إيران في البلاد – عادة ما يتنقل في أنحاء بغداد بسيارة مكشوفة، غير أن الحال كان مختلفا في هذه المرة.
في مطار بغداد
استدعى المهندس بدلا من ذلك محمد رضا مساعده المقرب والمسؤول عن تشريفات الحشد الشعبي في المطار، وأمره بقيادة السيارة إلى بوابة المطار والاستعداد لوصول ضيف مهم.
ويشير الموقع إلى أن مطار بغداد الدولي يخضع لتدابير أمنية مشددة منذ عام 2003، وتدير الأمن داخله شركة “جي4 أس” البريطانية تحت إشراف أجهزة المخابرات والأمن القومي العراقية، في حين أن قوات مكافحة الإرهاب العراقية، هي المسؤولة عن تأمين محيط المطار ومجاله الجوي والطرق المؤدية إليه بالتعاون مع الولايات المتحدة.
ويضيف الموقع أن التدابير الأمنية تلزم الركاب العاديين بالمرور عبر حواجز أمنية عدة، منتشرة على طريق بطول 10 كيلو مترات، أثناء دخولهم وخروجهم، ويمتد من ميدان عباس بن فرناس وحتى آخر نقطة، يمكن للسيارات الشخصية بلوغها، حيث تقع صالات المغادرة.
كبار الزوار
أما المسافرون والمسؤولون الذين يتنقلون مع حاشيتهم فيسمح لهم بالعبور من طريق كبار الزوار، والذي لا يتطلب سوى إعلام الحاجز الأمني بهوية المسافرين وتفاصيل السيارة ورقم لوحتها.
ويضيف، أن أي معلومات تصل إلى ذلك الحاجز الأمني تجري مشاركتها على الفور مع أمن المطار والأمن القومي والمخابرات وشركة “جي 4 أس” بالطبع.
ويؤكد التقرير أن أبو مهدي المهندس اتخذ إجراءات أمنية مشددة للقاء سليماني، وأن المهندس – منفذ الرغبات الإيرانية – يعتبر أخطر رجل في العراق من جانب الولايات المتحدة وخصومه العراقيين على حد سواء.
ويشير التقرير إلى أن الأميركيين تتبعوا المهندس طوال سنوات، وأنه لم يكن يخفى على أحد أنه لم يكن برفقة رضا في السيارة سوى المهندس.
معلومات ومستقبلون
وينسب الموقع إلى قادة قريبين للمهندس قولهم، إنه كان من المعروف جيدا أيضا أن قائد الحشد الشعبي لم يستقبل أحدا في المطار غير سليماني.
ويضيف التقرير أن مصدرا أميركيا على اطلاع على آخر التطورات، صرح بتلقي الأميركيين معلومات تفيد بأن سليماني كان في طريقه إلى بغداد، وأن المهندس كان سيستقبله في المطار، وأنه سيصطحبه إلى منزله في المنطقة الخضراء المحصنة جيدا.
ويضيف الموقع أن ثلاثة مسؤولين أمنيين عراقيين والعديد من قادة الحشد الشعبي أكدوا هذه الخطة.
وعودة إلى رحلة سليماني، هبطت الطائرة الساعة 12:32 بعد منتصف الليل بتوقيت بغداد وفقا للمعلومات العامة التي توفرها شركة أجنحة الشام للطيران.
وحرص المهندس على عدم ترك سليماني ومرافقيه الاثنين – وأحدهما صهره – في الانتظار، بل حرص والوفد المرافق له، على الانطلاق سريعا وعدم تعرضه للانكشاف، في حين تعامل مسؤولو الأمن الوطني مع وثائق السفر الخاصة بسليماني ومرافقيه، وتولوا أمر الحقائب.
استهداف صاروخي
وتشير الكاتبة، إلى أن المهندس يعتبر صديق سليماني وأقدم حلفائه، وأنه رافقه بعد حفل استقبال صغير مع سيارتين كانتا مجهزتين لاصطحابه إلى منزل المهندس في المنطقة الخضراء ببغداد.
غير أن طائرة أميركية مسيرة كانت تحلق وتستعد لقصفهما، وما هي سوى دقائق معدودة حتى لقي الرجلان حتفهما في الغارة.
وتضيف الكاتبة أن الحافلة الصغيرة من طراز “هيونداي ستاركز” والسيارة من “تويوتا أفالون” لم تكونا قد ابتعدتا كثيرا قبل أن تهز الانفجارات الثلاثة الحدود الغربية للعاصمة العراقية بغداد. وأفادت تحقيقات أمنية أولية بأن ثلاثة صواريخ موجهة كانت قد استهدفت السيارتين.
وقد استهدف الصاروخ الأول حافلة هيونداي ستاركز الصغيرة التي كانت بعيدة نحو 100 أو 120 مترا عن العربة الأخرى، في حين أخطأ صاروخ ثان سيارة التويوتا التي حاولت الإسراع بعيدا عن الحدث، لكن صاروخا ثالثا قصفها.
واستغرقت السلطات العراقية ساعات عديدة لتحديد هوية الضحايا الذين تعرض بعضهم للحرق تماما، بيد أن الموقع ينسب إلى مسؤولين أمنين القول، إنه كان من السهل تحديد هوية سليماني، وذلك من الخاتم المميز الكبير ذي الحجر الأحمر الغامق الذي كان يضعه في يده اليسرى.
قائمة مطلوبين
ويشير التقرير إلى أن سليماني والمهندس كانا على قائمة المطلوبين للولايات المتحدة منذ سنوات، وأنهما كانا يتجنبان استخدام التقنيات الحديثة، وأنهما التزما بتدابير أمنية مشددة.
وكان عدد الأشخاص الذين يمكنهم الوصول إلى هذين القائدين محدودا جدا، وأنهما كانا يبذلان جهودا كبيرة للتخفي أثناء التنقل.
وقال قائد مقرب من المهندس لموقع ميدل إيست آي – شريطة عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية – إن “هذه هي تدابيرهما الأمنية المثالية، فقد كانا يسافران دائما دون تحديد تاريخ مسبق وبدون الإعلان عن وجهتهما، وكانا يستخدمان خطوط طيران عادية، ولا يمران عبر القنوات الرسمية المعتادة من أجل ختم جوازات سفرهما في المطارات.
وأضاف أنهما كانا لا يستخدمان هواتف ذكية، وأنهما يتنقلان بسيارات عادية مع أقل عدد ممكن من الناس، وكان من الصعب تعقبهما إجمالا، لكن مطاري دمشق وبغداد يعجان بالمصادر الاستخباراتية الموالية لأميركا، ولهذا وقعا في المصيدة.
نقاط دخول
وينسب التقرير إلى مسؤولين عراقيين مطلعين على تحركات سليماني القول، إنه كان يستخدم نقاط دخول عدة إلى العراق.
ويضيف الموقع أن سليماني كان في بعض الأحيان يهبط في مطار بغداد الدولي، كما حدث أول أمس الجمعة، وأنه كان في أحيان أخرى يصلي في النجف، أو يجتاز معبر المنذرية الحدودي إلى محافظة ديالى، قادما من إيران على بعد 120 كلم شرق بغداد.
ويشير التقرير إلى أن سليماني بدأ مؤخرا بشكل متزايد، بالهبوط بالطائرة في منطقة كردستان شمال العراق، وذلك قبل أن يرتحل بالسيارة جنوبا إلى بغداد.
المصدر : “ميدل إيست آي”