هل تشهد “النهضة” خلافات أو انشقاقات قبيل انعقاد مؤتمرها الحادي عشر ؟
تونس ــ الرأي الجديد (متابعات)
يقترب موعد المؤتمر العام لحركة “النهضة”، وسط خلافات بين قيادات بارزة فيها، ومخاوف من حدوث انشقاقات، ما يثير تساؤلات عن طبيعة الصراع داخل الحزب.
ويتوقع أن تعقد حركة النهضة صاحبة أكبر عدد من المقاعد في البرلمان، مؤتمرها الحادي عشر في ماي العام المقبل، وسط صراعات داخلية “قوية” بين شق رئيس الحركة ومكتبها التنفيذي، وشق مجموعة معارضة من رموزها وقيادييها.
وبرزت منذ المؤتمر العاشر للحركة في ماي 2016، أسماء عديدة تنتقد إدارة راشد الغنوشي، بينها منسق عام الحركة السابق عبد الحميد الجلاصي، ووزير الصحة الأسبق والقيادي الطلابي المعروف خلال الثمانينيات عبد اللطيف المكي.
وأثارت استقالة أمين عام الحركة زياد العذراي نهاية نوفمبر الماضي، حجم الخلافات والصراعات داخل النهضة.
خلافات لا انشقاقات
من جهته، قال الباحث في الفلسفة السياسية المعاصرة، رياض الشعيبي، إن استقالة العذاري ليست بالحجم الكبير، الذي يمكن أن يتسبب في انشقاق داخل النهضة.
واعتبر رياض الشعيبي، أن العذاري ليس له امتداد قوي داخل النهضة، وليس له تأثير أيضا، وإنما استعمل وظيفيا في إدارة مرحلة ودُفِع للاستقالة عندما انتهى دوره، وفق تقديره.
وأوضح رياض الشعيبي، “في مرحلة التوافق كانت حركة النهضة تحتاج لبعض الوجوه، التي يمكن تسويقها كوجوه منفتحة على المنظومة القديمة، ويمكن أن يقبل بها الغرب”.
وتابع الباحث، “ولذلك لا عجب أن زياد العذراي صعد بشكل صاروخي من مجرد عضو في الحركة إلى أمين عام؛ باعتباره وجها يمكن تسويقه في إطار الخطة السياسية التي كانت تعمل عليها النهضة”.
من جانبه، قلّل الباحث في علم الاجتماع هشام الحاجي، من أهمية استقالة العذاري “لأنه دخيل على الحركة وهياكلها ألقى به الغنوشي في غمار الأمانة العامة؛ سعيا وراء التشبيب وخدمة صورة الحركة داخل الحكومة، ولكنه غادر في ظرف جعل الكثيرين يعتبرون استقالته هي رد فعل شخصي، أكثر منه موقفا سياسيا يجْمَع حوله أو ينضم به إلى المجموعة التي تعارض الغنوشي”.
صراع على القيادة
وشدّد الباحث رياض الشعيبي، على أن “للصراع داخل حركة النهضة أوجها أخرى بعيدة عن استقالة العذاري المعلنة حديثا”.
وقال الشعيبي، “هناك اليوم صراع داخل النهضة بين تياٍر يسمي نفسه إصلاحيا ويضم مجموعة من القيادات الشبابية، التي تطالب بتغيير قيادي وإداري داخل الحركة، من دون أن ترتقي إلى مستوى الخط السياسي المتمايز عن الخط الرسمي لحركة النهضة”.
أما التيار الثاني، فيسمي نفسه بالشرعية، وهو الذي انتصر في المؤتمر العاشر لحركة النهضة وتمثله رئاسة الحركة ومكتبها التنفيذي ومؤسساتها الرسمية.
واعتبر الشعيبي أن “الصراع هو على تغيير القيادة والإدارة، ولا وجود لرؤية سياسية متمايزة فيما يحدث داخل النهضة”.
“وحدة الحركة”
ويستبعد الباحث في علم الاجتماع هشام الحاجي، أن يؤدي الصراع داخل حركة النهضة إلى انقسام كبير، موضحا: “إلى الآن، نجحت حركة النهضة في إدارة خلافاتها وتباين مواقفها”.
وأضاف هشام الحاجي، “تقريبا لم يتسرب من هذه الخلافات للإعلام إلا الجزء اليسير والمقبول من الناحية السياسية من قبل أبناء الحركة عمّا يجري داخلها من رؤى وتجاذبات أصبحت متناقضة”.
وتابع الحاجي، “ولكن مقارنة ببقية الأحزاب، نجحت النهضة في المحافظة على أكثر من الحد الأدنى في التماسك التنظيمي، واستطاعت ترحيل الخلافات وهذه الرؤى المتباينة إلى المؤتمر المقبل”.
وأكد الباحث في علم الاجتماع، برغماتية شقي النهضة “فالمجموعة الملتفة حول رئيس النهضة والمجموعة التي تلتف حول الشق المعارض له، حافظتا على التماسك وبقيتا براغماتية في المحافظة على الدور الوطني للنهضة، وهو دور مهم لتجنب الخطوة التي لو وقع تخطيها لوقع بالأكيد الانشقاق”.
المؤتمر المقبل
وحول مخاطر انقسام كبير للحركة جراء الصراع الدائر، أعرب رياض الشعيبي عن اعتقاده بأنه “آن الأوان لتولي رئيس الحركة رئاسة مجلس النواب (البرلمان)، ما سيخفف إلى حد ما هذا الصراع”.
وأضاف الشعيبي “ربما تستطيع أجنحة الحركة أن تجد التسويات المناسبة التي تستطيع من خلالها الإعداد لمؤتمرها المقبل”.
وتوقّع الباحث، أن “يفرز المؤتمر المقبل طاقما قياديا ممثلا لكل هذه الحساسيات المتنافرة داخل النهضة”.
إلا أن الحاجي يقول إن المؤتمر سيكون بالنسبة للغنوشي “محطة للحسم، خاصة أن له، أولا، رؤية سياسية قد تختلف مع معارضيه. وثانيا، له اعتبارات وحسابات بعضها يرتبط بشخصه وتاريخه وبعضها يرتبط بالمحيط القريب منه”.
ويتابع الحاجي، بالنسبة للتيار المناهض للغنوشي: “يريد من رئيس الحركة احترام القانون ومغادرة رئاسة الحركة”.
ويخلص الحاجي إلى أن “كلا الطرفين يمتلك أوراقا مهمة ويمتلك حضورا في هياكل الحركة ومؤسساتها”.
ولفت هشام الحاجي، إلى أنه “من الصعب التكهن بمصير الغنوشي بعد المؤتمر القادم، معبرا عن عدم اقتناعه بأن “الغنوشي سيقبل المغادرة بسهولة”.
ورجّح الحاجي أن “يقر المؤتمر المقبل منح استثناء للغنوشي، هذه الشخصية التي رافقت وتزعمت الحركة في أغلب الفترات منذ تأسيسها”.
المصدر : (عربي 21)