سيناريوهات تشكيل الحكومة الجديدة بين تفكير “النهضة” وضغوط “التيار” و”حركة الشعب”
تونس ــ الرأي الجديد / حمدي الناجح
تسعى حركة النهضة إلى إجراء مشاوراتها بشأن تشكيل الحكومة الجديدة، وسط تباين واسع بين الأحزاب السياسية البرلمانية، على غرار حركة الشعب، و”التيار الديمقراطي”، حول الشخصية الأنسب لخلافة يوسف الشاهد في رئاسة الحكومة.
ويرى مراقبون، أن نتائج الانتخابات، تقتضي تحمّل النهضة المسؤولية بمفردها في الحكم، من خلال تعيين رئيس حكومة من داخلها، حتى لا يتكرر ما عاشته البلاد طيلة الأعوام الماضية، من ضعف في أداء منظومة الحكم، ورمي كرة المسؤولية بين الأطراف الحاكمة، وهو ما أثّر على الشأنين الاقتصادي والاجتماعي.
في مقابل ذلك، يرى آخرون، أن تعيين حركة النهضة رئيس للحكومة من داخلها، من شأنه أن يعطّل مسار تشكيل الحكومة، لأنّ بعض مكونات البرلمان قد لا توافق على خيار “النهضة”، حتى وإن اقترحت عليها مناصب وزارية، وهو ما سيؤدي إلى عدم منح الحكومة الثقة أمام البرلمان بأغلبية 109 صوتا، وهو التمشي الذي قد يذهب في أقصى الحالات، بعد مرور 4 أشهر دون تشكيل الحكومة، إلى تطبيق مقتضيات الفصل 89 من الدستور، وهو حل مجلس النواب من قبل رئيس الجمهورية، والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة.
حركة النهضة تصر..
وأكدت حركة النهضة في مناسبات عديدة، تمسكها بتعيين رئيس للحكومة من داخلها..
فقد شدّد القيادي فتحي العيادي على أن رئيس الحكومة القادمة سيكون من حركة النهضة، وأن هذا القرار سيطرح على طاولة اجتماع مجلس شورى حركة النهضة، الذي يجتمع اليوم لبحث السيناريو الأمثل ــ في نظرها ــ لتعيين رئيس للحكومة.
وقال العيادي، في تصريح تلفزي، أن حركة النهضة ستعرض على الأحزاب والمنظمات برنامجا دقيقا مستمدا من الثورة “وأن من أراد الالتحاق بها فمرحبا به، ومن أراد الالتحاق بعبير موسي في المعارضة فله ذلك”.
وأضاف القيادي، أن النهضة لا تخشي إعادة الانتخابات في حال اقتضى الأمر ذلك مشددا على أن إعادة الانتخابات ستمنح شرعية أكبر للحركة، على حد قوله.
حركة الشعب … و”حكومة الرئيس”
في مقابل ذلك، جدّد الأمين العام لحركة الشعب، زهير المغزاوي، في تصريح إعلامي، موقفه الرافض لحكومة ترأسها أو تقودها حركة النهضة، معتبرا أن مآلها الفشل، وفق تعبيره.
وشدّد زهير المغزاوي، على أن الفكرة التي تدافع عنها حركة الشعب، “هي كيف تستفيد البلاد من شبه التفويض الشعبي لرئيس الجمهورية”، قائلا “نقترح حكومة الرئيس لإنقاذ تونس ولنستغل الحالة الإيجابية من تفويض شعبي للرئيس لمصلحة البلاد، لمصلحة كل التونسيات والتونسيين”.
وأوضح المغزاوي، أنه خلافا لما يروج، فإن الدستور يمنح الحق لرئيس الجمهورية، تشكيل الحكومة في صورة فشل النهضة في ذلك.
وأضاف الأمين العام، أن محاولات فرض الشروط والتخويف من قبل النهضة بإعادة الانتخابات في صورة الفشل في تشكيل الحكومة، لن تجدي نفعا، مؤكدا أن الكلفة ستكون عليها، وليس على “حركة الشعب”.
شروط التيار الديمقراطي
من جانب آخر، أكد القيادي بحزب “التيار الديمقراطي”، غازي الشواشي، في تصريح سابق لــ “الرأي الجديد” إن “التيار الديمقراطي” سيضع شروطه المتمثلة في تعيين وزراء له بكل من وزارات الداخلية والعدل والإصلاح الإداري، وتعيين رئيس حكومة مستقل لا ينتمي لأي حزب حاكم، بالإضافة إلى برنامج واضح مسبقا، على طاولة المفاوضات حول تشكيل الحكومة.
وتابع الشواشي، “طالبنا بهذه الوزارات لأننا نرى مكافحة الفساد من خلالها”، مشددا على “رفضه لتشكيل حكومة محاصصة حزبية”، مؤكدا “أن البلاد غير مستعدة لوجستيا وماديا ومعنويا لإعادة الانتخابات، كما أنه ليس هنالك أي ضمان في أن تفرز الانتخابات المقبلة نفس النتائج”.
وتابع غازي الشواشي، “لهذه الأسباب يجب على الأطراف التي فازت بالانتخابات أن تسعى لتشكيل الحكومة وعدم الذهاب لانتخابات مبكرة، لأن ذلك ليس من مصلحة تونس”.
وفي السياق ذاته، أكد الأمين العام لحزب “التيار الديمقراطي”، محمد عبو في تصريح سابق، استعداد حزبه لإعطاء ثقته في الحكومة المقبلة، دون المشاركة فيها، وهو ما اعتبرته حركة النهضة، “تهربا من المسؤولية”.
ويبدو أنّ من بين السيناريوهات التي تفكّر فيها حركة النهضة، تشكيل حكومة من المستقلين ومن الكفاءات الوطنية من خارج البلاد، ووضع الطبقة السياسية أمام أمر واقع يفرض عليها، المصادقة على تشكيلها، وذلك وفق برنامج تتم متابعة تنفيذه على امتداد عامين، ثم يقع تقييمه، واللجوء إلى تعديل حكومي لاحقا، إن لزم الأمر، وهو السيناريو الذي يضمن للنهضة، تجنّب ضغوط بعض الأحزاب، وقيادة المرحلة، بأخف الأضرار الاجتماعية المتوقعة، في صورة ترأسها الحكومة، وقيادة الفترة القادمة.