معادلة جديدة بين إيران وإسرائيل: العين بالعين.. مساحة للتهدئة.. و”النووي” أكبر رابح
طهران ــ الرأي الجديد (تقرير)
لم تكشف إيران رسميا عن حجم الخسائر التي تسببت فيها الضربة الإسرائيلية، لكنها تؤكد أنها أدت إلى “حد أدنى من الأضرار”، وأن معظم الأهداف الجوية تم اعتراضها.
ويشير محللون إلى أن القدرات العسكرية الإيرانية، لم تتضرر بشكل كبير، ولم تلغ الضربة قدرة طهران على الرد القوي الذي يبقى مطروحا دائما على الطاولة.
بشكل عام، جاءت الضربة الإسرائيلية محسوبة ومتناسبة ودون خسائر كبيرة وتترك مساحة للتهدئة -وفق المحللين-، كما تترك هامشا لإيران للمناورة في الرد وتأجيله أو تعليقه، حسب الظروف والمجريات.
هل تكون إيران ملزمة بالردّ ؟
وتبعا لحجم الضربة الإسرائيلية “المحدودة”، لن تكون إيران ملزمة بالرد السريع، ومن المرجح أن تترك ذلك كورقة ردع وضغط على إسرائيل، ضمن حسابات التحركات والمفاوضات الدبلوماسية، في وقت تشير فيه التقارير إلى أن الولايات المتحدة أبلغت طهران -عبر وسيط- بضرورة تجنب الرد، وأنها ستزيد من جهودها في الأيام المقبلة للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في غزة ولبنان.
وتضع إيران ضمن حساباتها أن ردها هذه المرة، يمكن أن يضعها أمام تهديدات أكبر، إذ سترفع الضغوط الأميركية على نتنياهو بعدم مهاجمة المنشآت النووية والبنى التحتية الحيوية، وهو ما قد يجرها إلى صراع عسكري مستمر مع إسرائيل وربما الولايات المتحدة.
وتدرك إيران أيضا أن إسرائيل تتعرض لخسائر فادحة في جنوب لبنان، وتعاني من حرب استنزاف شديدة، حيث استعاد حزب الله توازنه العسكري، وفشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق أي اختراق بري، وهو ما يخفف عنها أعباء التدخل المباشر.
ومن المهم لإيران -حسب محللين- تجنب “الفخ” الإسرائيلي والانجرار إلى صراع عسكري شامل بمشاركة أميركية، والعودة إلى مسار تسوية الملف النووي مع الغرب -خصوصا بعد تراجع نتنياهو مرة أخرى عن استهداف المنشآت النووية- بغاية تخفيف العقوبات أو رفعها، وتتبنى عدة أطراف في إيران هذا الطرح.
فسحة إيرانية هامة
وكانت إسرائيل قد استغرقت أسابيع في دراسة الرد على إيران، وكما فعلت إيران سابقا قد تستغرق وقتا في دراسة الرد المضاد -إن حصل- وهو ما يتيح لها مجالا لترتيب أوراقها السياسية بالمفاوضات مع الولايات المتحدة، أو العسكرية بما يشمل أيضا “محور المقاومة”، الذي ما زال قائما رغم حرب إسرائيلية تجاوزت العام.
ويذهب بعض المحللين إلى أن إيران لن تكون معنية بالرد كثيرا في المرحلة الحالية، وقد تتيح لها فسحة من الوقت لتذهب إلى إعادة صياغة العقيدة النووية، ودراسة إمكانية تحقيق اختراق في مجال الأسلحة النووية، بما قد يوفر لها “الردع النهائي” ضد إسرائيل وكذلك الولايات المتحدة.
ومن المؤكد أن الهجوم الإسرائيلي بحجمه وطبيعته لم يحسم الصراع القائم في المنطقة، لكنه أبعدها نسبيا عن انفجار إقليمي كان وشيكا، وخفف من “توتر” إيران التي لديها حسابات وترتيبات تتجاوز مسألة الرد الفوري، كما حقق لإسرائيل العالقة في حروبها بعضا من أهدافها.