وثائق سرية تكشف استغلال فرنسا للثروة التونسية.. التفاصيل
تونس ــ الرأي الجديد
كشفت هيئة الحقيقة والكرامة، عن وثائق وحقائق حول الاستغلال الفرنسي للثروات الباطنية (التعدينية) التونسية منذ فترة الاحتلال قبل عام 1956 حتى اليوم.
وتكشف الوثائق، التي تم عرضها بالتقرير النهائي للهيئة، أن السلطات الفرنسية قامت بوضع تشريعات، عشية إقرارها استقلال تونس، ما يسمح لها باستغلال الثروات التعدينية التونسية، وضمان وضع يدها على تلك الثروات.
ومنحت فرنسا بموجب هذه التشريعات، 10 شركات نفطية حقوق استغلال الحقول النفطية والمناجم، وعقود استغلال ورخص تنقيب عن النفط والغاز، واستغلال الملح، لمدة 99 سنة، مع إعفاء هذه الشركات من الضرائب والإتاوات، وأبرزها شركة “سيرابت وايراب”، وشركة “كوتيسال” التي تستخرج الملح في منطقة الجريد جنوبي تونس سعر متدني.
وكشفت الهيئة، أن هذه الاتفاقيات تؤكد حرص فرنسا على إبقاء صلاحيات استعمارية في دولة مستقلة، كما لم تضمن الحقوق الدنيا لحماية مصلحة تونس، مشيرة إلى أن الدولة التونسية لم تقم منذ فترة الاستقلال بمراجعة هذه الاتفاقيات وتحسين مردوديتها، أو منح عقود الاستكشاف إلى شركات أخرى بشروط أفضل على غرار ما قدمته شركة “إيني الإيطالية”.
كما تبيّن الوثائق أن اتفاقية الاستقلال الداخلي، التي وقعها الرئيس السابق الحبييب بورقيبة مع السلطات الفرنسية في مارس عام 1956، تضمنت فصلين لم يتم إلغائهما في اتفاقية الاستقلال التام، وتتضمن تمتع فرنسا، في إطار “حمايتها لمصالحها الاستعمارية”، بالتزام الدولة التونسيّة “بمنح حق الأفضلية للمشاريع الفرنسية في رخص التنقيب والاستثمار، وعدم قدرة الدولة التونسيّة على تغيير آجال العقود والاتفاقيات ورخص التنقيب الاستثمار الممنوحة للشركات الفرنسية إلا بموافقة الطرف الفرنسي”.
وتشير الوثائق المنشورة في تقرير هيئة الحقيقة ولكرامة، إلى أن فرنسا ظلت تحصل على امتيازات استغلال الثروات الباطنيّة التونسيّة بطريقة مجحفة، واستغلال الأراضي التونسية لنقل البترول من الجزائر دون منح تونس أية حقوق، حيث قامت شركة “ترابسا” الفرنسية سنة 1958، بمد أكثر من 510 كيلو متر من قنوات نقل البترول من منطقة “عين أميناس” الجزائرية إلى ميناء الصخيرة، ثم تولت الشركة الفرنسية “ترابسا”، التفاوض باسم الحكومة التونسية مع السلطات الجزائرية بشأن حقوق مد أنابيب النفط على التراب التونسي، ولم تُطالب الحكومة التونسيّة قيمة عوائدها من عملية نقل البترول، أو وضع آليات تضمن لها التأكد من الكميّة المنقولة لتكون أساسا للإتاوات المدفوعة.
كما أشارت الوثائق، إلى أن مرابيح استغلال الثروات الباطنيّة التونسية من قبل الشركة الفرنسية المذكورة، بلغ أربعة ملايين طن سنويا منذ الخمسينات.
وانتقد تقرير هيئة الحقيقة والكرامة، عدم محاولة الحكومات التونسية المتعاقبة تأميم الثروات أو ضمان الحد الأدنى من الحقوق على ثرواتها الطبيعة، وضعف القدرة التفاوضيّة للحكومة التونسيّة مع الشركات الأجنبية مقارنة بالجزائر، بسبب القيود التي فرضتها الاتفاقيّة النهائية للاستقلال على الحكومة التونسية، ما سبب لتونس خسائر كبيرة حيث بلغ إنتاج الحقول النفطيّة التونسية خلال سنة 1971، 4 ملايين طن، وفق التقرير.
يذكر أن السفارة الفرنسية في تونس، كانت قد أصدرت بيانا، في شهر ماي من العام الماضي، أكدت فيه احترام فرنسا للسيادة التونسية ووقوفها إلى جانب تونس في وجه التحديات الاقتصادية، قائلة إن الشراكة الفرنسية التونسية على الصعيد الاقتصادي، تختلف بشكل كبير ولم تعد تخضع لمنطق الماضي.