انقلاب الغابون: الصراع الأمريكي الفرنسي على هذه الثروات والاحتياطات الضخمة
ليبريفيل (الغابون) ــ الرأي الجديد
تعد دولة الغابون، التي أطاحت مجموعة عسكرية فيها، بالرئيس علي بونغو، الذي صعد إلى السلطة، من العام 2009، من الدول الأفريقية الغنية بالعديد من الثروات والتنوع الجغرافي والعرقي، خاصة وأنها تطل على المحيط الأطلسي، وهي إحدى المستعمرات الفرنسية الهامة سابقا في أفريقيا، قبل نيلها الاستقلال.
وتقع الغابون غرب القارة الأفريقية، وتحدها من الشمال كل من الكاميرون وغينيا الاستوائية، ومن الشرق والجنوب جمهورية الكونغو، أما إطلالتها الغربية فهي على المحيط الأطلسي، وتقابل سواحلها جزر ساو تومي وبريتنسيبي.
وتعتبر من الدول الاستوائية، وتشهد ارتفاعا بدرجات الحرارة والرطوبة على مدار العام، ومعدلات هطول مطري كبيرة، وتغطي البلاد طبقة من الغابات الاستوائية الكثيفة، التي تحتوي على 3 آلاف نوع من النباتات وخاصة شجرة الأوكومي، التي تشكل موردا اقتصاديا هاما، والعمود الفقري لصناعة الأخشاب في البلاد، بسبب صلابتها.
وتمتلك الغابون ثروة حيوانية برية كبيرة، من أنواع من الفيلة، والطيور الاستوائية، والقرود والغوريلات والظباء. وتضم محمية برية كبيرة، وسط البلاد، تم تصنيفها والمواقع الأثرية، كمواقع للتراث العالمي التابعة لليونسكو.
المجموعات العرقية
تضم الغابون العديد من العرقيات والقوميات، ويتحدث سكان البلاد لغات (البانتو)، التي تصنف إلى 10 مجموعات لغوية، ومن العرقيات التي تتكون منها البلاد، مجموعة “مين” وتعيش على طول السواحل الشمالية، وكذلك الفانغ بمحاذاة جنوب الكاميرون وغينيا الاستوائية، ويشكلون أكثر من ربع سكان البلاد، إضافة إلى أكبر المجموعات العرقية، وهي “السيرا” و”النزيبي” و”المبيتي”، ويقدرون بثلث سكان البلاد.
الغابون : بلد التنوع العرقي
ومن بين العرقيات الأخرى الأقزام، وهم بضعة آلاف، وقبيلتا “بينغا” و”سيكي”، في أقصى الشمال الغربي، و”كوتا” و”تيكي” في الشرق، و”فيلي” على طول الساحل الجنوبي الأقصى للبلاد.
وبسبب المد الاستعماري في البلاد، ضعفت اللغات الأصلية مثل البانتو، ولم يكن لها نماذج مكتوبة، وساهم المبشرون المسيحيون، في إدخال اللاتينية إلى الغابون، لكن الفرنسيين، قصروا استخدام اللغات الأصلية على التعليم الديني، لكن في الحياة العامة واليومية، أدخلت اللغة الفرنسية بكثافة، وتعد الغابون من الدول التي يتحدث سكانها بالكامل اللغة الفرنسية.
الانتماءات الدينية والتعداد السكاني
وفقا لإحصاءات السكان، تعتنق الغالبية العظمى من السكان في الغابون، الديانة المسيحية، ويمثل الروم الكاثوليك أكثر من النصف منهم، ومن بين الكنائس الناشطة في البلاد، الكنيسة الإنجيلية، والكنيسة السبتية، إضافة إلى تعداد صغير للمسلمين في البلاد، كما يوجد دين محلي يدعى “بويتي”، يعتنقه أفراد قبيلة فانغ.
النفط الغابوني أسال لعاب الغرب
ووفقا لأحدث الإحصاءات السكانية، يبلغ تعداد السكان في البلاد، 2.443.951 نسمة، بمعدل نمو منخفض سنويا يقدر بنحو 1.953 بالمائة.
ويتفوق تعداد الذكور على الإناث في الغابون، ويبلغ عددهم 1.242.332 بنسبة 50.833 بالمائة، في حين يبلغ تعداد الإناث، 1.201.623 بنسبة 49.167 بالمائة.
والمجتمع في الغابون من المجتمعات الشابة، وتبلغ فئة الشباب ما نسبته ثلاثة أرباع السكان، ويبلغون أقل من 30 عاما من العمر، ويبلغ متوسط الأعمار للسكان أكثر من 50 عاما.
اقتصاد الغابون
ترتبط الغابون بصلات اقتصادية مع أسواق الولايات المتحدة وأوروبا، والداخل الأفريقي، لكنه الارتباط الأكبر مع القوة الاستعمارية السابق، في مجالات الاستثمار وجلب الفنيين الأجانب، وهي فرنسا..
وتعد الزراعة مساهما ضعيفا في اقتصاد الغابون، رغم أنها تستهلك ثلث القوى العاملة، لكن السكان يتجهون نحو التعليم العالي والعمل في المدن، والهجرة من الريف، وخاصة فئة الشباب.
الخشب الأجود في العالم
وعلى مدار العقود الماضية، تراجعت جهود تنشيط زراعة الكاكاو والبن، في حين نشطت صناعات زيت النخيل، والصيد التجاري للأسماك في البحر، وقدمت مساهمات كبيرة في الاقتصاد.
وتعد الغابون من أكبر منتجي المنغنيز حول العالم، فضلا عن استغلال ثروات اليورانيوم ومعالجته، كما تمتلك مخزونا من الماس والذهب، واحتياطيات كبيرة من خام الحديد عالي الجودة في شمال شرق البلاد.
ودخل النفط منذ اكتشف في الغابون أواخر الستينيات، كرافد أساسي للاقتصاد، ولعبت عائدات النفط، دورا كبيرا في تطوير البنية التحتية للبلاد، والتوسع بخدمات التعليم والصحة، وتسبب في تضاعف الميزانية على مدار عقود، وبات يمثل أكثر من 70 بالمائة من صادرات البلاد.
الحقبة الاستعمارية
بدأ التمدد الاستعماري تجاه ما يعرف اليوم في الغابون، عام 1844، عبر جلب فرنسا مبشرين كاثوليكيين، للتأثير على شعب مبونغي، وتشكلت في السنوات اللاحقة، مستوطنة صغيرة، من العبيد المحررين في منطقة أطلق عليها “ليبريفيل”، والتي باتت عاصمة الغابون لاحقا.
وفي حقبة الخمسينيات والستينيات من القرن التاسع عشر، توسعت السيطرة الفرنسية على طول الساحل، وأنشئت العديد من المدن، وتم ضم أراضي الغابون إلى الكونغو الفرنسية عام 1886.
وفي عام 1910، أصبحت الغابون واحدة من المستعمرات الأربع، ضمن ما يعرف باتحاد أفريقيا الاستوائية الفرنسية، وجرى ترسيم حدودها، وعقب حراك رافض للاستعمار، نالت الغابون حكما ذاتيا عام 1958، وبعد إبرام اتفاقيات مع فرنسا، حصلت على الاستقلال، في 17 أوت 1960.