تونس تحت أنظار “نادي باريس”… الإرتهان “الموجع والمهين”
قالت وكالة الأنباء الفرنسية إنّ دائني نادي باريس، اجتمعوا في العاصمة الفرنسية الأربعاء 21 جوان، في وقت تعقد فيه قمة “من أجل ميثاق مالي عالمي جديد”، التي تسعى إلى تعزيز التعاون بين الدول في مواجهة تغير المناخ والأزمات العالمية، فضلا عن مناقشة أزمة الديون والتمويل المبتكر والضرائب الدولية.
وكشفت الوكالة إلى أنّ تونس من بين البلدان المثقلة بالديون، في إشارة إلى إمكانية أن يُطرح ملفها على طاولة مناقشات نادي باريس.
وفاقم العطب الاقتصادي الذي تعيشه تونس من الدعوات المحذرة من الذهاب إلى نادي باريس، خاصة بعد تعثر المفاوضات بين الحكومة وصندوق النقد الدولي حول حزمة إنقاذ بقيمة 1.9 مليار دولار.
وترفض السلطات حتى الآن شروط صندوق النقد الدولي المتمثّلة في إعادة هيكلة 100 شركة عامة مثقلة بالديون، ورفع الدعم عن سلع أساسية والطاقة، حيث دأب الرئيس قيس سعيّد على التصريح بأنّه لن يقبل “الإملاءات الخارجية” التي تفقر الشعوب.
ورغم أنّ فرضية لجوء تونس إلى نادي باريس مستبعدة في الوقت الراهن، إلا أنّّ تقارير تؤكّد أنّ استمرار الأزمة المالية المدفوعة ببطء رافعات الإنتاج، وتآكل مدّخرات العملة الأجنبية، إضافة إلى تعذّر الاتّفاق مع المؤسسة الدولية المانحة، قد يدفع السلطة إلى التوجه نحو جدولة ديونها.
حجم كبير للمديونية
وتشكّل نسبة المديونية الخارجية في تونس نحو 90% من الناتج المحلّي الإجمالي، أي أكثر من 41 مليار دولار أمريكي.
وفي هذا الإطار، يقول محلّلون إنّ فضاء الخيارات المطروحة أمام حكومة الرئيس قيس سعيّد التي عجزت عن إدارة الأزمة وخلق حلول جذرية لمواجهة تدهور الأوضاع بدأ يضيق، وستجد نفسها مكرهة على اللجوء إلى نادي “نادي باريس” قصد استكشاف بعض الحلول للأزمة المعقدة.
وأظهرت دراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في فيفري الماضي، أنّ 52 بلدا من بينها إثيوبيا وغانا وباكستان وسريلانكا وتونس وزامبيا مثقلة بالديون وتواجه خطر التخلف عن السداد. ووفق الدراسة التي نقلت فحواها وكالة فرانس برس، فإنّ نصف هذه الدول تنفق 20% من ميزانيتها لسداد الفائدة على ديونها.
وحسب ذات المصدر، فإنّ من بين البلدان النامية التي كان لديها أعلى ديون في العام 2021 بالنسبة إلى ناتجها المحلي الإجمالي؛ فنزويلا (240,5 %) والسودان (181,9 %) وإريتريا (176,2 %) ولبنان (150,6 % والرأس الأخضر (142,3 %) وسورينام (125,7 %) وجزر المالديف (124,8 %).
وتتمّ جدولة ديون تلك الدول من قبل النادي بتوصية ضرورية من صندوق النقد الدولي، ولا بد أن تكون الدولة عضوا في الصندوق، وأن تكون قد أبرمت اتفاقا معه قبل جدولة ديونها، وتكون مجبرة على العديد من الإجراءات التقشفية وبعض الإصلاحات الأخرى.
مخاوف بشأن تونس
ويتخوّف المراقبون من أنّ توجّه تونس إلى نادي باريس (مؤسسة غير رسمية)، يعني إذعانها لشروط صندوق النقد الدولي من بوابة المؤسسة الدائنة، أي أن الملف التونسي سيرحل إلى القطاع الخاص.
وكان البنك الدولي أشار في ديسمبر الماضي، إلى أن ديون الدول الأكثر فقرا أصبحت الآن في أيدي القطاع الخاص.
واعتبر عديد الخبراء التونسيون، أنّ التوجّه إلى نادي باريس يعني قبول الشروط المجحفة للمانحين، وفرض إصلاحات موجعة ستكون لها كلفة اقتصادية، وخاصة اجتماعية، كالدعوة للتخفيض في الأجور، وخوصصة المؤسسات العمومية، والتقليص من النفقات في الشأن الاجتماعي، إلى جانب نفقات الدعم.
رئيس نادي باريس
وفي وقت سابق، حذّرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، من أنّ استمرار الأزمة المالية وعدم استجابة تونس لبرنامج إصلاح موثوق به، سيدفعها نحو نادي باريس لمعالجة الديون، قبل العودة إلى الاستدانة من المؤسسات المالية الدولية.
ويؤكد مراقبون أنّ الالتجاء إلى نادي باريس، يعدّ الخطوة التي تسبق إعلان إفلاس الدول، لكن المخاطر الحقيقية تكمن في “رائحة الأجندات السياسة”، التي تفوح من تلك الاتفاقات التي تدار في غرف ضيقة.
ويذهب أصحاب هذا الطرح، إلى أنّ انضمام الكيان الإسرائيل إلى النادي في 2014 يؤشر إلى وجود محركات سياسية تدفع الجهة الدائنة إلى أن تكون أداة بيد قوى إقليمية تعمل على تغيير الوضع الجيواستراتيجي القائم عن طريق صفقات إدارة الديون.
ولا يستبعد مراقبون وخبراء، أن يكون للكيان الاسرائيلي المحتلّ، تأثير في إعادة جدولة ديون الدول النامية، بما يخدم مصالحه (التطبيع أساسا)، أي أنّه سيعمد إلى ابتزاز هذه الدول عن طريق شراء الديون.