ماذا وراء ترشح راشد الغنوشي للانتخابات التشريعية ؟
تونس ــ الرأي الجديد / حمدي بالناجح
علمت “الرأي الجديد” أن ترشح رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي على رأس قائمة “تونس 1” للانتخابات التشريعية، جاء بمبادرة شخصية منه، وقبل مناقشة الموضوع صلب المكتب التنفيذي.
وكانت الأخبار المتداولة من حول حركة النهضة وحتى داخلها، تفيد بأنّ رئيس الحركة كان ينوي الترشح للانتخابات الرئاسية، ولم يستبعد شخصيا ترشحه في آخر تصريح له على قناة حنبعل.
فلماذا اختار رئيس حركة النهضة، الترشح للتشريعية ؟
في قراءة أولية لدلالات هذا الخيار، يمكن للمرء أن ينتهي إلى جملة من الملاحظات، أهمها:
ـــ أنّ الغنوشي، أدرك بأنّ حظوظه في الترشح للرئاسية، تبدو ضعيفة، بعد أنّ أكدت عمليات سبر للآراء عديدة، أجريت خلال السنوات الأربع الماضية ــ على الأقلّ ــ أنّ شعبيته لا تتجاوز 7 إلى 8 بالمائة، بما يجعل حظوظه في الفوز بالرئاسية، ضعيفا للغاية، خصوصا أمام الموقف الإقليمي والدولي الراهن، الرافض لوجود الإسلام السياسي، في صدارة الحكم في البلدان العربية، وبخاصة في دول “الربيع العربي”.
وكانت عمليات سبر الآراء، التي نشرت خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، أعطت الأسبقية لمرشحين آخرين، على غرار مرشح حركة “قلب تونس”، نبيل القروي، والمرشح المستقل، قيس سعيّد، بالإضافة إلى ارتفاع عدد المرشحين، وهو ما يزيد من صعوبة الوصول إلى قرطاج.
يضاف إلى ذلك، أنّ غالبية قيادات حركة النهضة، من خارج “المجموعة” المحيطة بــ “الشيخ”، ليست مرتاحة لترشحه للرئاسية، على اعتبار ضعف نوايا التصويت له، كما بيّنته عمليات سبر الآراء، ما قد يضع الحركة في مأزق سياسي وشعبي لا تحسد عليه.
ـــ الإعلان عن ترشح رئيس حركة النهضة للانتخابات التشريعية، تحيل على رهان “الشيخ”، على مقعد رئاسة البرلمان، في ضوء توافقات سياسية مع منظومة “السيستام”، تعطي لحركة النهضة رئاسة مجلس نواب الشعب، فيما تولى “السيستام” رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، ضمن “قسمة” جرى ترتيبها منذ فترة.
ـــ على أنّ قرار الترشح للانتخابات التشريعية، الذي ما يزال إلى الآن، في طور المبادرة الشخصية، تتحكم فيه حسابات المؤتمر القادم لحركة النهضة، الذي يفترض أن لا يكون فيه “الشيخ”، مرشحا لقيادة الحزب، وفقا لما ينص عليه القانون الداخلي للحركة.
وبالتالي، فإنّ تقديم الترشح للتشريعية، من شأنه إبقاء رئيس الحزب في السباق القيادي للحركة في المرحلة المقبلة، إذ من غير المعقول ــ منطقيا على الأقل ــ أن يكون الرجل في قيادة مجلس نواب الشعب، دون أن يكون المحدد الأول للقرار السياسي والتنظيمي لحركته.
ولا شكّ أنّ هذا المعطى، سيخلط الأوراق الحزبية الداخلية، في علاقة بهوية القيادة في المرحلة المقبلة وتوجهاتها، وقبل ذلك، الصراعات والتجاذبات التي ستطرح على خلفية هذا القرار / المبادرة، التي لا يشكّ اثنان في أنّ المكتب التنفيذي سيصادق عليها في أول اجتماع له، طالما أنّ غالبية أعضائه، من “القريبين” لرئيس الحركة.
وكان الناطق الرسمي باسم حركة النهضة، عماد الخميري، صرح اليوم لوكالة “الأناضول”، “إن القانون الأساسي للحركة، يقول إن رئيس الحركة يبقى دائما مرشح الحزب في استحقاقات الانتخابات الكبيرة سواء كانت تشريعية أو رئاسية”، مضيفا أنّ ترشح رئيس الحركة على رأس قائمة تونس 1، للانتخابات التشريعية، “إمكانية واردة ولكن ليست نهائية إلى حد الآن”.