“مركز كارتر”: فشل الانتخابات في تونس يؤكد رفض الشعب للعملية السياسية لقيس سعيّد
ــ المشاركة غير المسبوقة في الانتخابات انتكاسة للتجربة التّونسيّة في الانتقال الديمقراطي
تونس ــ الرأي الجديد / سندس عطية
قال “مركز كارتر لمراقبة الانتخابات” أن الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية التونسية التي أجريت يوم 29 جانفي “فشلت مجدّدا في حثّ الناخبين على الاقتراع، ممّا يؤكّد رفض الشعب التونسي للعملية السياسية التي استهلّها رئيس الجمهورية يوم 25 جويلية 2021”.
ووصف المركز المشاركة الشعبية بــ “الضعيفة وغير المسبوقة للمرّة الثانية في غضون شهرين”، وفق ما جاء في البيان الذي تلقت “الرأي الجديد” اليوم نسخة منه.
ودعا مركز كارتر، إلى “انخراط جميع الأطراف المعنيّة التونسية في حوار وطني شامل وشفاف لإحياء مسار الانتقال الديمقراطي المتعثّر في البلاد والتوصّل إلى توافق” حول مخرجات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في تونس.
واعتبر أنّ “مشاركة الناخبين المحتشمة”، والتي تقدر بحوالي 11% في كلتا الدورتين، تعدّ “انتكاسة للتجربة التّونسيّة في الانتقال الديمقراطي، الذي خرج عن مساره بتولّي رئيس الجمهورية التحكم في جميع أدوات السلطة”، وفق تعبيره.
وشدد على أنّ “شيطنة معارضي التغييرات” التي أدخلها رئيس الجمهورية على القوانين والدستور، واستهداف مختلف مؤسّسات الدولة من قبل رئيس الجمهورية، “تقويضا للهياكل التي تقوم عليها الدولة الديمقراطيّة الحقيقيّة”.
وفيما يلي نص البيان…
“تونس العاصمة في غرّة فيفري 2023 — فشلت الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية التونسية التي أجريت يوم 29 جانفي مجدّدا في حثّ الناخبين على الاقتراع، ممّا يؤكّد رفض الشعب التونسي للعملية السياسية التي استهلّها رئيس الجمهورية يوم 25 جويلية 2021.
تؤكّد المشاركة الضعيفة غير المسبوقة للمرّة الثانية في غضون شهرين مجددا على ضرورة انخراط جميع الأطراف المعنيّة التونسية في حوار وطني شامل وشفاف لإحياء مسار الانتقال الديمقراطي المتعثّر في البلاد والتوصّل إلى توافق بشأن حلول للمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
تعكس نسبة مشاركة الناخبين المحتشمة، والتي تقدر بحوالي 11% في كلتا الدورتين، انتكاسة للتجربة التّونسيّة في الانتقال الديمقراطي الذي خرج عن مساره بتولّي رئيس الجمهورية التحكم في جميع أدوات السلطة في جويلية 2021.
وينبغي للقادة السياسيين وقادة المجتمع المدني، فضلا عن أعضاء مجلس نواب الشعب المنتخَبين حديثا، أن يسعوا نحو التوصّل إلى توافق واسع لإعادة البلاد إلى المسار الديمقراطي.
وعلى الرغم من تصريحات رئيس الجمهورية بأن الإجراءات التي اتخذها كانت ردا على فشل مجلس نواب الشعب في معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي عصفت بالبلاد منذ ثورة الياسمين في 2011، إلاّ أنّ العملية غير الشاملة غيّرت دستور البلاد الذي تمّ إقراره في 2014.
كما تعتبر شيطنة معارضي هذه التغييرات واستهداف مختلف مؤسّسات الدولة من قبل رئيس الجمهورية تقويضا للهياكل التي تقوم عليها الدولة الديمقراطيّة الحقيقيّة. عزّزت التعديلات الدستورية التي دخلت حيز النفاذ في أوت 2022 صلاحيات الرئيس وقلّصت تلك المتصلة بالسلطة التشريعية، وهو ما يدعو إلى مراجعتها.
يرحب مركز كارتر بالمبادرة الجديدة التي أطلقتها أكبر نقابة عماليّة في تونس الاتّحاد العام التونسي للشغل والرّابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان والهيئة الوطنيّة للمحامين بتونس والمنتدى التّونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية من أجل المشاركة في حوار وطني.
وإضافة إلى ذلك، يعكف عدد من أعضاء مجلس نواب الشعب المنتخَبين حديثا على تشكيل ائتلاف برلمانيّ يركّز على برنامج إصلاح يشمل تعديل دستور 2022، ودعم إرساء فوري للمحكمة الدّستورية، وتعديل القانون الانتخابي والنظام السياسي والمرسوم 54 الذي يحدّ من حرية التعبير.
يجدّد “مركز كارتر” توصياته التي قدّمها إثر الدّورة الأولى للانتخابات ويحثّ البرلمان المنتخَب حديثا، على الانضمام إلى الجهات الفاعلة التي باشرت بمبادرة الحوار الوطني وتناول القضايا التالية على وجه الاستعجال:
ــ الحاجة إلى وضع قانون انتخابي جديد يعيد تأسيس هيئة انتخابية مستقلة،
ــ مراجعة وتنقيح النظام الانتخابي لتسهيل وضع سياسات وطنية فعّالة،
ــ وضع سياسات تتناول مسائل مهمّة من قبيل الفساد وإصلاح قطاع الأمن والإدارة العمومية،
ــ إعادة التوازن بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية،
ــ تعزيز التوعية المدنية وتحسيس الناخبين لإشراك عامّة الشعب في مشاورات وإصلاحات الحوار الوطني التي سيكون له تأثير على حياتهم اليومية،
ــ تعزيز الأحزاب السياسية وتوطيد أواصر الديمقراطية الداخلية للأحزاب، ممّا يؤدّي إلى تمثيلية أكثر فاعلية للأحزاب السياسية، بما في ذلك تمثيلية المرأة والشباب والفئات المهمشة.
يستحقّ الشّعب التّونسي حكومة شفّافة تسعى إلى معالجة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية الملحّة التي أدت إلى اندلاع الثورة. يجب على قادة تونس الاستجابة لهذه التطلعات وإعادة تونس إلى المسار الديمقراطي الذي شرعت فيه منذ سنة 2011.