“المعهد العربي للديمقراطية” يعقد ندوة لمناقشة مسار العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية في تونس
تونس ــ الرأي الجديد
“المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية.. أي كلفة لفشل المسار؟”.
ذاك هو عنوان اللقاء التاسع من “لقاءات المصير الديمقراطي” التي ينظمها المعهد العربي للديمقراطية، الذي يرأسه الدكتور خالد شوكات.
الندوة تلتئم يوم غد الجمعة بداية من التاسعة والنصف صباحا ب، بحضور عدد من الشخصيات السياسية والمثقفين والإعلاميين والنشطاء السياسيين.مقر المعهد بالعاصمة (شارع الحرية).
ويعتقد في أوساط المراقبين والمتابعين للشأن التونسي، أنّ انتكاسة الانتقال الديمقراطي في تونس، إنما يعود أحد أسبابها، إلى فشل الطبقة السياسية ونخب البلاد في إدارة ملف المصالحة الوطنية، وأحد روافدها الأساسية، العدالة الانتقالية.
وجاء في الورقة التمهيدية لندوة “المعهد العربي للديمقراطية”، أنّ المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، “ركن ركين في البناء الانتقالي”، باعتبارهما شرطان للحكم على المسار في فشله ونجاحه، إذ لا يجب أن ننسى أن “ما يميز الانتقال الديمقراطي عن غيره من أساليب التغيير السياسي، هو ضرورة التزام الأطراف المساهمة في القرار بإجراء العدالة الانتقالية على نحو يفضي في النهاية إلى إرساء المصالحة الوطنية”، وبما يضمن طي صفحة الماضي بطريقة رشيدة وبناءة والتفرغ لمواجهة التحديات المستقبلية في سياق من التوافق والوحدة الوطنيين.
وأشارت الوثيقة، إلى أنّ الانتقال الديمقراطي، يختلف في وسائله وأهدافه عن طرق التغيير السياسي التقليدية، وهو يقوم على توافق الجديد مع القديم، بعد إجراء العدالة الانتقالية، وعلى قاعدة المصالحة الوطنية، مشيرة إلى أنّ المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، لم يكونا سالكين، بل عرفا طيلة العشرية الماضية، العديد من التحديات والمطبات والتعثرات في تونس.
وفيما يلي نص الوثيقة التأطيرية لندوة يوم غد الجمعة…
“لعل أحد أهم أسباب انتكاسة مسار الانتقال الديمقراطي في تونس، فشل النخب المؤتمنة على الديمقراطية في إدارة ملفي المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، وكالهما ركن ركين في البناء الانتقالي، باعتبارهما شرطان للحكم على المسار في فشله ونجاحه، إذ لا يجب أن ننسى أن ما يميز الانتقال الديمقراطي عن غيره من أساليب التغيير السياسي، هو ضرورة التزام الأطراف المساهمة في القرار بإجراء العدالة الانتقالية على نحو يفضي في النهاية إلى إرساء المصالحة الوطنية، وبما يضمن طي صفحة الماضي بطريقة رشيدة وبناءة والتفرغ لمواجهة التحديات المستقبلية في سياق من التوافق والوحدة الوطنيين.
إن الانتقال الديمقراطي هو آلية حضارية جديدة بالمعنى التاريخي لعملية انتقال السلطة، عقب الانتفاضات والثورات الشعبية، يختلف في وسائله وأهدافه عن طرق التغيير السياسي التقليدية من قبيل الثورات الإيديولوجية أو الانقلابات العسكرية والأمنية، ففي هذه الأساليب الأخيرة يحاول الجديد إقصاء القديم على نحو راديكالي وشامل، ليحل محله بالتمام والكمال، بينما تقوم فلسفة الانتقال الديمقراطي على توافق الجديد مع القديم بعد إجراء العدالة الانتقالية وعلى قاعدة المصالحة الوطنية… هكذا تفاهمت القوى الديمقراطية في تشيلي مثال مع نظام الديكتاتور بيونيشيه الذي منح عضوية مجلس الشيوخ مدى الحياة، وهكذا شغل ديكليرك منصب نائب الرئيس إلى جانب الزعيم التاريخي نيلسون مانديلا بعد تفكيك النظام العنصري في جنوب إفريقيا، وهكذا أيضا سمح لجميع الأحزاب الشيوعية أو الاشتراكية الحاكمة سابقا بالمشاركة في بناء الحكم الديمقراطي الجديد بعد انهيار المنظومة الشرقية السوفيتية.
ولئن تبنت تونس منذ الوهلة الأولى بعد سقوط نظام الرئيس بن علي مسارا للانتقال الديمقراطي فان موضوعي المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية لم يكونا سالكين، وقد عرفا طيلة العشرية العديد من التحديات والمطبات والتعثرات، فعلى صعيد المصالحة الانتقالية ظهرت “نزعة إقصائية” واضحة وقوية في المشهد السياسي حيث جرى حل التجمع الدستوري الديمقراطي الحزب الحاكم السابق سريعا، ولم تسمح له السلطات الانتقالية ألسباب ما تزال غامضة من إعادة بناء نفسه كما جرى في عديد الدول التي شهدت مسارات مشابهة، تماما كما جرى سجن وملاحقات لعديد من قيادات النظام السابق وبما سبب مرارة وردود أفعال سلبية لدى الكثير من أبناء العائلة الدستورية، أما على صعيد العدالة الانتقالية فقد كانت تجربة لجنة الحقيقة والمصالحة متعثرة لم تكشف الحقيقة ولم تجبر الضرر ولم تساعد على المصالحة.
ولا شك أن عديد العوامل الداخلية والخارجية قد لعبت دورا سلبيا في عدم تحقق معالجة ناجحة للملفين، وقفت ورائها أطراف خططت منذ البداية لإفشال المسار الديمقراطي، ولكن هل يتوقف هذا الأمر على هذه العوامل، أم أن النخب تتحمل جزء من المسؤولية وعليها القيام بالنقد والتقييم والمراجعة، والنظر في إمكانية استئناف العمل على هذين المسارين، من باب السعي إلى استئناف المسار العام برمته؟”..