ليست تونس فقط… إعلاميون عرب يدعون إلى “إعلام جديد” داعم لثورات الربيع العربي
إسطنبول ــ الرأي الجديد
دعا إعلاميون وباحثون وخبراء إلى “ضرورة تجديد وتطوير وسائل الإعلام الداعمة لثورات الربيع العربي، وإنهاء حالة الفوضى الإعلامية، والاستعانة بالكوادر المهنية والمتخصصة وذات الكفاءة، ومواكبة التكنولوجيا الإعلامية بتقنياتها وتطبيقاتها الحديثة، والانفتاح على الآخر”، مؤكدين أن “المعركة الحقيقية الفاصلة اليوم هي معركة الإعلام”.
جاء ذلك في ندوة عقدها مركز “حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية”، مساء الاثنين، بمدينة إسطنبول التركية.
حاجة إلى إعلام جديد
المستشار الإعلامي السابق لحزب البناء والتنمية المصري، خالد الشريف، تحدث عن أهمية الإعلام، قائلا: “حاجتنا إلى الإعلام ماسة، فهو السلطة العليا واليد الطولى في صناعة الحدث والتاريخ، وهو سلطة رابعة على المجتمع والحياة، وقوة ناعمة تتنافس في استثمارها وتطويرها أمم الأرض كلها لتحقيق مصالحها وفرض رؤيتها على الشعوب”.
وأضاف: “كان من أبرز الأحداث التي لعب فيها الإعلام دورا كبيرا تجاوزَ قوة الجيوش والسلاح والاقتصاد ما جرى في ثورات الربيع العربي؛ فقد استُخدِم الإعلام فيها -بوسائله التقليدية والحديثة- سلاحا فتاكا في مواجهة الطغاة وجيوشهم واستخباراتهم”.
ولفت الشريف، الذي أدار الندوة، إلى أنه “لا يعد من مبالغة أن نقرر أننا نعيش اليوم مرحلة الدولة الإعلامية الواحدة، التي ألغت الحدود وأزالت السدود، واختزلت المسافات والأزمان واخترقت التاريخ، وتكاد تلغي الجغرافيا، حتى بات الإنسان يرى العالم ويسمعه من مقعده”.
الإسلاميون والإعلام
وأوضح الشريف أن “من أهم التحديات التي تواجه الإعلام الإسلامي أن وعي الإسلاميين المعاصرين بأهمية الإعلام ودوره جاء متأخرا إلى حدٍّ ما، ولم يواكب التطور التقني والمهني للطوفان الإعلامي المعاصر”.
وتابع: “من العقبات والتحديات التي تواجه الإعلام الإسلامي قيود السلطات الرسمية في بعض الأقطار الإسلامية، ومنها عقبات التمويل، واقتصاره غالبا على المؤسسات الخيرية، وغياب الخطط والاستراتيجيات المتكاملة التي تتبناها مجموعات مهنية متعددة المهام تطرح هي نفسها الجهود الفردية والرؤى الأحادية”.
وذكر الشريف أن “الإعلام الإسلامي يواجه أيضا ندرة في البحوث والدراسات المتعلقة بحيثياته، ومشكلة في التنسيق بين العلماء والدعاة وبين رجال التربية والمثقفين، ليأتي مشروع الإعلام الإسلامي متكاملا في موضوعه يلبي احتياجات ورغبات كل الشرائح المستهدفة دينيا وتربويا وثقافيا واجتماعيا”.
واستدرك قائلا إن “عرضنا لسلبيات الإعلام الإسلامي وإشكالياته لا يعني إخفاقه في أداء المهمة الموكلة إليه؛ فقد أثبت وجوده في الساحة الإعلامية بقوة، لكنه يعاني من عثرات كبيرة، وهو في النهاية جهد بشري فيه خير كثير، ووجود الخلل في مؤسساته لا يعني أنه مستسلم لها”.
من جهته، تحدث الكاتب والإعلامي التركي، توران قشلاقجي، عن تجربة الفضائيات الإسلامية، بما لها وما عليها، مُشيدا بتجربة شبكة “إسلام أون لاين” و”الإسلام اليوم”، باعتبارهما موقعين إلكترونيين هامين أشرف عليهما الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الدكتور يوسف القرضاوي، والداعية السعودي الشيخ سلمان العودة”.
بدوره، طالب نقيب الصحفيين السودانيين، الصادق الرزيقي، بضرورة إيجاد مظلة حقوقية للإعلاميين العرب في تركيا، وتدشين مراكز تدريب للشباب العربي في دول مختلفة.
طفرة كبيرة
ونوّه الإعلامي السوري ومدير مكتب الجزيرة السابق في بلجيكا، أحمد كامل، إلى أن “الإعلام أحدث طفرة كبيرة في حياة الناس، بعد أن شهد تطورا كبيرا في التقنيات، بعد أن أصبح كل فرد يمتلك فضائية بنفسه في الإعلام الجديد دون أي تكلفة مادية”.
وفي كلمة له، لفت الفنان المصري وجدي العربي، إلى أن “الفن له تأثير كبير في حياة الناس، حيث يمكنه أن يقلب الحقائق في بعض الأحيان”، مشيدا بـ”تجربة قطر في الإعلام”.
وقال الإعلامي الرياضي، علاء الدين خالد: “نحن نشهد ثورة هائلة في الإعلام والاتصال، وعلينا مواكبة ذلك لحظة بلحظة”، منوها إلى “أهمية مواقع التواصل الاجتماعي في تطوير الاتصال الإعلامي، وجعل الجمهور هو البطل، وصاحب تحديد أولوية الأخبار وإبرازها لنجوم كُثر أصبحت لهم قوة نافذة من خلال منصات التواصل الاجتماعي”.
وأشار إلى أن “لاعب كرة القدم، قائد منتخب البرتغال، كريستيانو رونالدو، له متابعون تخطى عددهم 700 مليون شخص على حساباته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، وهو يجني من التغريدة الإعلانية الواحدة على إنستغرام مليون دولار”.
تحديات أساسية
فيما انتهت الندوة إلى مجموعة من التوصيات، كان أبرزها ضرورة “الاعتراف بأن الإعلام الإسلامي قد تأخر كثيرا، وهو يواجه التحديات، ولهذا فهو ما زال يصارع من أجل البقاء، فضلا عن امتلاك القدرة على التأثير ومواكبة العصر، وفق تزاحم إمبراطوريات الإعلام الكبرى وديناميكياتها الأسطورية”.
وأشار المشاركون في الندوة إلى أن “الإعلام الإسلامي، الذي يصطدم بسلطة الاستبداد والديكتاتورية، ما زال يعاني أيضا الفارق الهائل بين إمكاناته الوليدة وبين سيطرة العولمة على مجمل المجال الإعلامي والثقافي والفكري، بل وكادت تغلق المجال تماما”.
وقالوا إن “أم الحقائق التي يجب أن تكون حاضرة اليوم ونحن بصدد التجديد الإسلامي عامة والتجديد الإعلامي على وجه الخصوص، هي أن المشكلة في مجال الإعلام، كما كل المشكلات التي تعاني منها أمتنا وانعكست بشكل سلبي على حضورها وحضارتها، ترجع للعطب الذي أصاب آليات التغيير في مجتمعاتنا، والذي يرجع بدوره لغياب مشروع التغيير”.
وأردفوا: “إذا كان للإعلام هذه الأهمية، فلا يقل عن ذلك توافر إمكانيات التطوير والتجديد الدائم، حتى يستطيع مزاحمة أشد المجالات تعقيدا وأكثرها تأثرا بالتقنيات الجديدة، لهذا فلا يمكن للمشروع الإعلامي الناجح أن يحقق شيئا مما يصبو إليه إذا لم يكن لديه قدرة على مسابقة التقنيات الحديثة، ويزاحم في مجالات الإعلام الجديد والرقمية المتجددة، ويوفر كل عوامل الاحتراف فيه”.
واختتموا: “إذا كان الكلام عن الجديد مهما، لا سيما ونحن بصدد التجديد؛ فالأهم منه هو الأجيال الشابة الجديدة التي بحكم تكوينها واستعدادها هي الأقدر على التعامل مع الفرص الجديدة، ولهذا يجب العمل على أن تصقل مهاراتها الإعلامية، وتتبوأ المواقع الأهم والأكثر تأثيرا؛ فالقادم هو عالمهم وليس عالمنا، وهم الأولى بالتعامل معه بحكم دورات الحياة وسننن التداول وجينات المستقبل”.