مستشار رئاسي تونسي سابق: منح تبون الشرعية لقيس سعيّد “تدخّل مرفوض تماما”
تونس ــ الرأي الجديد (مواقع إلكترونية)
انتقد المستشار السابق في الرئاسة التونسية للشؤون الدولية، أنور الغربي، تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، التي قال فيها إن الرئيس قيس سعيد يمثل الشرعية في تونس، معتبرا ذلك تدخلا غير مقبول في الشؤون الداخلية لتونس.
وثمّن أنور الغربي، موقف الرئيس الجزائري الداعم لتونس، لكنه استغرب بشدة أن يتم اقتران ذلك بقول الرئيس تبون أن “قيس سعيد يمثل الشرعية في بلاده، وأن الجزائر تتعامل مع الشرعية وستكون سندا لتونس”.
وقال الغربي: “إن كان السيد تبون يقصد شرعية نتائج انتخابات 2019 وما أفرزته فإني أذكره بأن نفس الانتخابات أفرزت برلمانا انتخب مباشرة من الشعب وأقدم سعيد على حله وملاحقة نوابه دون وجه قانوني، أما إن كان يقصد مسار 25 جويلية (يوليو) فهذا يعني أن تبون يكون قد ذكر الشيء ونقيضه في نفس اللقاء”.
وأضاف: “كيف يعلن أنه لا يتدخل في الشؤون الداخلية ثم يؤكد أن سعيد هو من يمثل الشرعية والحال أن البرلمان التونسي أعلن أن جميع مراسيم سعيد لاغية ولا قيمة قانونية لها”.
وتابع: “كما أنه لا يخفى على السيد تبون أن البرلمان الدولي الذي يمثل الجهة الدولية الرسمية ما زال يتعامل مع ممثلي البرلمان التونسي وأن عديد الجهات الدولية خاصة المانحة منها تطالب باستمرار بتوافق بين كل المكونات السياسية والذهاب لحوار وطني بمشاركة منظمات المجتمع المدني من أجل الخروج من المأزق السياسي، والمجتمع الدولي يتعامل مع سعيد على أنه رجل انتخب بصلاحيات محددة ويتعامل معه على أساس ذلك، ولم نسمع إلى اليوم أن حكومة محترمة في العالم هنأت سعيد بدستوره الذي شارك فيه أقل من ربع المواطنين المسجلين في القوائم الانتخابية كما أن الحكومات التي تخضع لمقاييس الديمقراطية والشفافية والرقابة والمساءلة الشعبية وعديد الهيئات والمنظمات الدولية أشارت إلى الإخلالات المتعددة لاستفتاء سعيد الذي ربما اعتمده تبون كمرجعية لتأكيد الشرعية”.
وتساءل الغربي: “هل يعقل أن يتجاهل صانع القرار السياسي في الجزائر الغياب الكامل لأي سلطة تشريعية أو رقابية مع بلد أمضت معه السلطات الجزائرية عديد الاتفاقات في كانون الثاني (يناير) الماضي وأغلب هذه الاتفاقات بقيت معلقة أو غير مفعلة بسبب الوضع السياسي المرتبك والغامض والمسار الذي يقصي الأغلبية الساحقة من الشعب التونسي، وهو ما تأكد من خلال مشاركة أقل من 5 بالمائة في الاستشارة، وفي المقاطعة الواسعة لدستور سعيد”.
واعتبر الغربي، أن “إصرار الرئاسة الجزائرية على الخوض في الشأن السياسي التونسي ودعم طرف معين هو خطير جدا ويضر بمستقبل العلاقات بين البلدين ويجعل من الاتفاقيات التي ستلزم الدولة التونسية فيه حيفا بحق التونسيين ونصب فخاخ يصعب تجاوزها في علاقة بمستقبل العلاقات بين البلدين”.
وأضاف: “لعل تبون يثمن تصويت تونس- قيس سعيد مع روسيا ضد المغرب في ملف بعثة الأمم المتحدة بالرغم من أن الدبلوماسية التونسية لم تبرر إلى اليوم سبب ذلك التصويت الغريب، وربما يثمن تبون أيضا التوجه المتسارع نحو الخيار الإيراني-السوري وإعادة تسويق الأنظمة الشمولية، وربما يوجد تخوف من الإسراع في التطبيع في غياب سلطة رقابية ومحاولة السطو على القضاء في البلاد”.
وذكر الغربي أنه “سبق للرئيس تبون خلال زيارته لتونس في بداية السنة الحالية أن قبل بالتعامل الرسمي مع مديرة ديوان سعيد ـ المقالة ـ ووقع حينها استبعاد وزير الخارجية وجعله يقف في الصفوف الخلفية وهو ما اعتبر حينها مؤشرا غير إيجابي ولا يوحي باحترام لمؤسسات الدولة التونسية ويؤسس لسلوكات غير معتادة ولا ودية بين البلدان”.
وأضاف: “بعدها بأسابيع التقى الرئيس الجزائري تبون بنظيره المصري السيسي وذكرت وسائل الإعلام أنه يوجد تطابق في وجهات النظر ووقع التطرق للملف التونسي، دون ذكر تفاصيل على عكس التوافق حول المواقف من ملفات السودان وليبيا وفلسطين”.
وأكد الغربي، أن “التونسيين لن يسمحوا لأي طرف بالتدخل في شأنهم كما أعلنوا عن ذلك مرارا”، وقال: “يجب استحضار حقيقة أن الشعب التونسي لا ينسى أبدا أصدقاءه كما أنه لا ينسى من تسبب أو يتسبب له في أي مصاعب إضافية خاصة في الظروف الراهنة التي تشهد فرزا واضحا بين دعاة الفوضى والعنف والتأسيس الغامض وبين من يدعون ويعملون على عودة الدولة ومؤسساتها ومسارها الديمقراطي”.
المصدر: (عربي 21)