دبلوماسي أمريكي سابق في تونس: هكذا تزيح الولايات المتحدة قيس سعيّد من الحكم
تونس ــ الرأي الجديد
قال السفير الأمريكي السابق في تونس، جاكوب والس، إن على الولايات المتحدة دعم جماعات المعارضة في تونس، في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس قيس سعيد إلى تعزيز سلطته.
وأوضح خلال ندوة افتراضية عبر الإنترنت، نظمها “المركز العربي” (مجموعة تفكير وأبحاث، مقرها واشنطن)، إنه “لا يمكن للجهات الدولية الفاعلة، أن تكون ناجعة في مثل هذه الأوضاع، إلا عندما تدعم المبادرات التونسية”، في إشارة إلى مبادرة المعارضين للرئيس قيس سعيّد.
وأضاف أنه من المرجح أن ينظر التونسيون إلى العمل أحادي الجانب من قبل الولايات المتحدة، على أنه تدخّل في البلاد وليس دعمًا، لذلك من المحبذ وفق رأيه، دعم المعارضة.
وقال والس، الذي شغل منصب سفير تونس في الفترة من 2012 إلى 2015، إن نهج إدارة بايدن تجاه تونس كان غامضًا منذ أن أعلن سعيد تعطيل أعمال البرلمان في جويلية 2021، حيث ركزت واشنطن بشكل أساسي، على محاربة الصين على المستوى العالمي، ثم انهمكت في تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأضاف أن إدارة بايدن، تبدو وكأنها محدودة النفوذ في الشرق الأوسط، وهو ما تعكسه مواقف عدد من دول المنطقة، التي لم تصطف خلف الولايات المتحدة، في جلسة الجمعية العامة، عندما طرحت التصويت ضدّ الغزو الروسي لأوكرانيا..
وقال في هذا السياق: “أعتقد أن الإدارة الأميركية، فهمت جيدًا حدود قدرتها على التأثير بنجاح على السياسة الداخلية في تونس، أو في أي مكان في الشرق الأوسط أو شمال إفريقيا”، حسب تقديره.
لم يعد الدعم موجودا
وأشار الدبلوماسي، الذي يعمل حاليا، كباحث غير مقيم في مؤسسة “كارنيغي للسلام العالمي”، إلى أنه خلال محادثاته مع مسؤولي إدارة بايدن، “اكتشف لديهم قناعة، بأن قيس سعيد ما يزال يستمد قوته من الدعم الشعبي، في جميع أنحاء البلاد”، وهو أمر غير واقعي في تقدير السفير الأميركي، “والس”.
وقوبل قرار سعيّد بتعليق البرلمان واستيلائه على السلطة القضائية العام الماضي، بدعم قوي في البداية، على أساس أنّ اقتصاد البلاد آخذ في التدهور منذ احتجاجات الربيع العربي.
ومع ذلك ، بعد مرور عام تقريبًا، لم يعد هذا الدعم موجودًا، حيث يواصل سعيد اتخاذ خطوات لتوطيد سلطته، والقضاء على أصوات المعارضة.
سعيد، الذي يقول إن أفعاله كانت قانونية وضرورية لإنقاذ تونس من “تهديد وشيك”، أو “خطر داهم”، يعيد كتابة الدستور الديمقراطي الذي تم تقديمه بعد ثورة الربيع العربي 2011، ويقول إنه سيطرحه للاستفتاء في جويلية.
وبينما ركز رئيس الدولة، على إعادة هيكلة السياسة التونسية، تهدد الأزمة الاقتصادية الخانقة، بإفشال خططه، سيما وأنّ الحكومة، تتحرك لتمويل عجز موازنة 2022، وسداد ديونها.
في غضون ذلك، خرج آلاف التونسيين إلى الشوارع في جميع أنحاء البلاد، للمطالبة بعودة الديمقراطية، قبل إجراء الاستفتاء المقرر في شهر جويلية المقبل.
الولايات المتحدة… “متواطئة” مع سعيد !!
وكان السفير، جاكوب والس، صرح خلال الندوة الافتراضية هذه، بينما تحتاج الولايات المتحدة الأميركية، إلى معارضة موحدة لدعم تونس، فإن واشنطن فشلت في إقناع التونسيين بأنها ستدعم “بديلًا لحكم سعيد”، وفق تعبيره.
وأضاف: “إذا كانت الأطراف الخارجية تحتاج إلى أن يقدم التونسيون بديلاً، فإن التونسيين يحتاجون من الأطراف الخارجية كذلك، إشارة إلى استعدادها لدعم البديل إذا ما تقدمت به”.
وتابع جاكوب والس قائلا: “هذا مجال أعيب فيه على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، بأنهم لم يبعثوا برسالة، مباشرة، أو غير مباشرة للمعارضة التونسية، بأنها مستعدة، لدعم بديل لقيس سعيد”، حسب قوله.
واعتبر خبراء “المركز العربي”، الذي نظم الندوة حول آفاق الوضع في تونس، أنّ الولايات المتحدة بإمكانها أن تتبع أحد الخيارات المطروحة، وهي عديدة، من أجل الحفاظ على الديمقراطية في البلاد، بما في ذلك تقليل المساعدات العسكرية الأمريكية لتونس، واستخدام مساعدات أخرى، إلى جانب استخدام مفاوضات صندوق النقد الدولي المتوقفة مع تونس، حيث يأمل سعيد من خلالها، الحصول على قرض من شأنه، تخفيف وطأة الأزمة الاقتصادية الراهنة.
منذ عام 2011، تلقت تونس ما يقرب من 685 مليون دولار من المساعدات الأمريكية من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
في أفريل، اقترحت الولايات المتحدة أول تعليق جزئي للمساعدات لتونس، بتقليص 70 مليون دولار من المساعدات العسكرية، و40 مليون دولار من المساعدات الاقتصادية.