قيس سعيّد يشكّل فريقه السياسي والإعلامي والأمني الجديد… يسار ورجال المنظومة القديمة أبرز الأسماء
تونس ــ الرأي الجديد (خاص)
في مدة وجيزة، استبدل الرئيس، قيس سعيّد، طاقمه الرئاسي، سواء كان على الصعيد الدبلوماسي، أو السياسي أو الإعلامي، خصوصا بعد إعلان “انقلاب 25 يوليو 2021..
وبعد مغادرة نادية عكاشة، مديرة الديوان الرئاسي، قصر قرطاج، وقبلها، رشيدة النيفر، ومن قبلها، الجنرال الحامدي، المستشار الأمني، وبعد ذلك، مدير البروتوكول، طارق الحناشي، والمستشار السياسي، رؤوف بالطبيب، حرص رئيس الجمهورية، على تطعيم فريقه، رغم كل التحفظات على أسلوب الرئيس في التعامل مع مستشاريه..
وعلمت “الرأي الجديد” من مصادر متطابقة، أنّ رئيس الجمهورية، شكّل تدريجيا، فريقه الجديد، الذي سيخوض به “مشروع بناء الجمهورية الجديدة”.
وذكرت مصادر مقربة من القصر الرئاسي، فضلت التكتم على هويتها، أن قيس سعيّد، عزّز طاقمه بشخصيات، نهلت من الفكر اليساري المتطرف، ينتمي أغلبه إلى ما يعرف بــ “اليسار الثوري”، المؤمن بالانقلابات، والفوضى، والذي يعدّ أحد أبرز الخصوم الإيديولوجيين لحركة النهضة، واليمين الديني بشكل عام، بل حتى ما يعرف بــ “اليسار المعتدل”، أو “الوفاقي”..
وكان جزء من هذه المجموعة، اشتغل سابقا مع الرئيس الراحل، زين العابدين بن علي، في مستويات مختلفة، بعضها وزارة الداخلية ووزارات تقنية أخرى، على غرار الصناعة التجارة والتجهيز، بالإضافة إلى إدارة السجون..
هنا إطلالة على بعض الأسماء المهمة التي التحقت بالقصر الرئاسي، وهي تدير حاليا عديد المواقف والإجراءات في حقول عديدة، دون أن يكون لأغلبها حضور إعلامي أو سياسي معلن.
من الدبلوماسية إلى التخطيط الرئاسي
وفي الطاقم الجديد، احتفظ كل من المستشار الدبلوماسي وليد الحجام، ومدير الأمن الرئاسي خالد اليحياوي بمناصبهما، حيث يعتبران أكثر الشخصيات المقربة من الرئيس سعيّد في علاقة بمشروعه السياسي.
ونال المستشار الدبلوماسي للرئيس ثقته من خلال ولائه، حيث يتولى أحيانًا دور المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، رغم أن تغاضي سعيّد عن الوسائل الكلاسيكية للتواصل، واعتمد فقط على الظهور عبر صفحة الرئاسة في “فيسبوك”، مقاطعا الإعلام التونسي بشكل واضح، رغم انتقادات وسائل الإعلام هذه، ونقابة الصحفيين في مرات كثيرة..
وكان وليد الحجام مسؤولا بشكل خاص عن القضايا الأفريقية، قبل أن يتم تعيينه نائبا للقنصل التونسي في باليرمو عام 2006، وعمل على عودته عام 2011 في الملف الليبي.
وفي عام 2012، عُهد إليه بملفات العالم العربي ضمن حكومة النهضة في ذلك الوقت، تحت إشراف وزير الخارجية، رفيق عبد السلام.
وبعد ذلك، عُيّن وليد الحجام نائبا لرئيس البعثة الدبلوماسية في أبوظبي عام 2014، حيث نال تقدير السفير طارق بالطيب، الذي أصبح في عام 2019 أول رئيس لديوان قيس سعيّد، وقام بدمج الحجام في فريقه.
“الرجل القوي” في قرطاج
بدوره، احتفظ المستشار الأمني لسعيّد خالد اليحياوي، صاحب خبرة 25 سنة في المجال الأمني، بمنصبه، وهو الذي يُعرف على أنه الرجل القوي في القصر الرئاسي.
ووفق ما أورده موقع “العربي 21″، فإنّ إسم اليحياوي، برز خلال صراع الأجنحة بالقصر الرئاسي، بين شق رئيسة الديوان الرئاسي السابقة نادية عكاشة الذي انتمى إليه المستشار الأمني، خالد اليحياوي، وشق وزير الداخلية توفيق شرف الدين وزوجة الرئيس وشقيقه من جهة أخرى.
واللافت، أنّ خالد اليحياوي، كان من ضمن الأسماء المذكورة في “وثيقة الانقلاب”، كما تم توصيفها، وهي الوثيقة، التي نشرها موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، في 23 أيار/ مايو، وكشفت تنسيقا تونسيا مصريا من أجل إسقاط تجربة الانتقال الديمقراطي، وتمكين سعيّد من كل السلطات.
مضمون “وثيقة الإنقلاب”
وأشارت الوثيقة إلى أن اليحياوي سيتولى وزارة الداخلية عقب استيلاء سعيّد، وهو ما تم فعلا في أعقاب 25 جويلية الماضي، قبل أن يتم إعفاءه في أعقاب تسمية توفيق شرف الدين على رأس الوزارة.. عندها قيل إنّ رئيس الجمهورية، أراد الاحتفاظ باليحياوي في القصر لثقته فيه، وقدرته على إدارة الملف الأمني، بعيدا عن تجاذبات وربما صراعات وزارة الداخلية.
وكان خالد اليحياوي، تدرب في أكاديمية الفندق الجديد العسكرية، وأكمل دورته التدريبية في المدرسة التنفيذية لشرطة صلامبو، ثم التحق بالإدارة العامة لأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية، قبل أن ينخرط عام 2007، لفترة، مع فرقة مكافحة الإرهاب، حيث خضع للتدريب في الخارج، وأصبح من ثمّ، مديرًا للمرافقة والقوات الخاصة، ثم عاد إلى الأمن الرئاسي في عام 2011.
وظل اليحياوي على رأس الجهاز الأمني، المعروف بصرامته، تحت رئاسة أربعة رؤساء متعاقبين منذ عام 2011. وقد نال احترام الرئيس الحالي سعيّد، الذي عينه على رأس إدارة الأمن الرئاسي، وهو المنصب الحساس في التسلسل الأمني المسؤول، وضمن تراتبية المعلومات وإدارة الشأن الأمني في البلاد.
الاختراق الخطير
وأفادت مصادر موثوقة لــ “الرأي الجديد”، أنّ الرئيس سعيّد، عزز طاقمه بأحد الوجوه اليسارية، وهو فوزي الدعاس، الناشط اليساري المعروف، خصوصا في الأوساط الطلابية.
ولم يظهر الدعاس إلا في العام 2019، كمدير حملة للمرشح قيس سعيّد، لكنه كان قريبا منه منذ العام 2011، وهو من الداعمين لفكرة “ّالديمقراطية القاعدية”، وساهم إلى جانب رضا لينين، في إقناع قيس سعيد، بالمشروع السياسي الذي بشر به، وهو “الديمقراطية المباشرة القاعدية”، التي ترفضها مختلف القوى السياسية، والتي قال عنها، الجامعي ورجل القانون، والوزير السابق، الصادق بلعيد، بأنها “فكرة تجاوزها الزمن السياسي والدستوري في العالم”، في إشارة إلى عدم جدواها وفاعليتها بين الأنظمة السياسية المعاصرة..
وظل الدعاس، على مقربة من الرئيس سعيّد، منذ 2011 إلى الآن، قبل أن يتولى في 2019، إدارة حملته الانتخابية الرئاسية.
ويعدّ الدعاس أحد أبرز المقربين من دوائر القرار في “حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد”، الذي تتهمه قوى سياسية عديدة، باختراق القصر الرئاسي، عبر المنجي الرحوي، القيادي في الحزب، والذي بات له نوع من الـاثير على رئاسة الجمهورية.
تعزيز يساري إضافي
لكنّ رئيس الجمهورية، لم يكتف بهذه التعزيزات السياسية فحسب، وإنما أرفقها برجل من اليسار التونسي أيضا، والقريب من حزب “الوطنيون الديمقراطيون الموحد”، وهو عبد السلام حمدي، الذي كان منسقا للاستشارة الوطنية، والذي كان مسؤولا بوزارة التجارة ثم بوزارة الصناعة، قبل أن يغادرهما، كما عمل مع الرئيس السابق، زين العابدين بن علي لفترة، من خلال مهام محددة، قبل أن يقع إبعاده في إطار صراعات الأجنحة في القصر وداخل التجمع الدستوري الذي دخلته وفود عديدة من اليسار إثر انقلاب بن علي على بورقيبة في نوفمبر 1987.
وبالإضافة إلى الدعاس عبد السلام حمدي، يوجد من بين طاقم الرئيس، قيس سعيّد، رفقاء لهما، من بينهم، بل في مقدمتهم، رضا شهاب المكي، المعروف “برضا لينين”، وسنية الشربطي، المعروفة بكنية “سنية ماركس”، وغيرهما من عناصر حركة “القوات التونسية الحرة”، التي تم تأسيسها قبل بضع سنوات، وهي تضم شخصيات يسارية شبابية، تؤمن بالثورة الراديكالية، والفوضى الحاملة لمشروع، وهو ما يطلق عليه “مشروع الديمقراطية المباشرة”، التي باتت ملتصقة بقيس سعيّد، دون أن يعلن عنها بصفة واضحة إلى الآن.
الفريق “الإعلامي”
من جهة أخرى، التحق الصحفي طارق الماجري بطاقم سعيّد وبات أحد الوجوه الإعلامية المحسوبة على الرئيس التونسي، إلى جانب نجيب دزيري وباسل ترجمان..
والماجري، هو أحد الصحفيين القلائل الذين كانوا على اتصال مباشر مع أولئك الذين يعملون على أرض الواقع في مشروع الرئيس، حيث أظهر لنفسه انتقاداً لخصوم المشروع الذي يعتبره من بين الناس قبل أن يكونوا مثل الرئيس.
كما برز اسم طارق الماجري خلال الاستشارة الوطنية التي أطلقها الرئيس سعيّد مطلع العام الجاري، حيث قدّم يد المساعدة إلى المتطوعين المسؤولين عن الترويج للمشروع الرئاسي.
لكن أسماء كثيرة التحقت بالطاقم الإعلامي، دون الإعلان عن ذلك رسميا، من بينها، مية القصوري، وإنصاف اليحياوي وفاطمة الكراي وإبراهيم الوسلاتي، وغيرهم من الوجوه التي تتولى حاليا التحليل السياسي في بعض القنوات التونسية والأجنبية، سواء من خلال التسويق للرئيس والدفاع عنه في المنابر الإعلامية، أو عبر التنسيق مع مديرة الديوان الرئاسي سابقا، نادية عكاشة، ووليد الحجام حاليا.
هل استقر رأي رئيس الجمهورية على هذا الفريق السياسي والإعلامي، لدخول المرحلة المقبلة ومواجهة خصومه بواسطة هذا الطاقم، وغيره من الوجوه غير البارزة للعيان إلى حدّ الآن، لكنها في كل الأحوال، ضمن هذا النسيج الفكري والسياسي.