لماذا يخشى بوتين انضمام أوكرانيا لحلف “الناتو”؟
تونس ــ الرأي الجديد / مريم الوشتاتي
لماذا يخشى بوتين انضمام أوكرانيا لحلف “الناتو”؟، للإجابة على هذا السؤال الذي ينتاب متابعين للصراع الدائر حاليا بين روسيا وأوكرانيا، أو من يسمع عنه، والذي احتدم أكثر بعد تحركات ميدhنية عسكرية مؤذنة بالحرب لا نعرف حجمها ومدى تأثيرها، يبدو مهما الرجوع خطوات إلى الوراء والتمعن في مجريات الأحداث.
لا يخفى على كثيرين أن جغرافية المكان عامل مهم لنشوب هذا الصراع، فوجود أوكرانيا جنوب غربي روسيا، يجعلها مسيطرة على مصالح روسيا في تلك المنطقة التي تعتبر بوابة نحو أوروبا، الأمر الذي جعل العلاقة بين الجارتين غير ودية، وأنشأت بينهم صراعات وحروب محتدمة، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي.
ماذا يعني أن تكون في “الناتو”
رغم نفي حلف الناتو لعدم وجود مفاوضات قريبة لانضمام أوكرانيا لـ30 دولة التي تمثل أعضاءه، فإن روسيا مازالت تصعد الأحداث في المنطقة الجنوبية الغربية لها، تغذي تحركاتها العديد من الدوافع التي لا تخفى على مراقبين للمشهد.
تمثل مطامع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بإعادة استعادة نفوذ موسكو، والسيطرة على مناطقه السابقة، مثل أوكرانيا التي كانت جزءاً من الإمبراطورية الروسية لعدة قرون، قبل أن تصبح جزءاً من الاتحاد السوفياتي لاحقا، لتصبح دولة مستقلة إبان الحرب الباردة في 1991، من بين أهم دوافعه وفق مراقبين.
ولعل هذا ما دفع أوكرانيا بالعمل على الانتماء لحلف “الناتو”، وهو ما ستضمن به مساعدة أعضاء الحلف لها في حال إزدياد “الخطر البوتيني”، فالمادة الخامسة من المعاهدة التأسيسية للـ”ناتو”، تنص على أنه في حال حدوث هجوم مسلح ضد واحدة من الدول الأعضاء، ينبغي أن يكون أمن مشترك، ويجب أن يساعد الأعضاء الآخرون الأعضاء المعتدى عليهم، بالقوات المسلحة إن لزم الأمر.
أزمة موسكو وكييف
مع صعود نجم مرشح المعارضة الأوكرانية الموالية للغرب، فيكتور يوشينكو، والإطاحة بمرشح بوتين فيكتور يانوكوفيتش وسط احتجاجات “الثورة البرتقالية” في كييف، أصبح نهج بوتين أكثر “عدوانية”، وبدأت الأمور في التغير، ولم يشفع التاريخ المشترك للبلدين وملامح الثقافة المشتركة لكييف ذلك.
ويشار إلى أن يانوكوفيتش تمكن من الوصول إلى السلطة بعد خمس سنوات من يوشينكو في عام 2010 وعمل لمدة أربع سنوات، لكن عندما رفض الرئيس المدعوم من الكرملين اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي لصالح تعزيز العلاقات مع موسكو، كانت هناك احتجاجات ضخمة وأُطيح به.
وهنا بلغت روسيا ذروة “العدوانية” في 2014، بضم موسكو لشبه جزيرة القرم الأوكرانية، ودعم متمردين بمنطقتي دونيتسك ولوهانسك الأوكرانيتين، انتهت بحصيلة عريضة للقتلى من كلا الجانبين، وتوقيع اتفاق “مينسك في 2015.
هل أوكرانيا مستعدة للانضمام؟
هذه الحرب جعلت من أوكرانيا “لا تسعى لتأمين نفسها فقط، ولكنها صمام أمان في منطقتها، وفق تصريح للرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، منذ نحو سنة، حول سؤال “لماذا لم تدخل أوكرانيا في عضوية حلف الناتو؟”.
واعتبر زيلينسكي، أن أوكرانيا نجحت في مواجهة ما اعتبره العدوان الروسي منذ نحو سبع سنوات، مؤكدا أن كييف لم تحمي نفسها فقط، ولكن أيضا حمت منطقة أوسع بين بحر البلطيق والبحر الأسود.
كما أضاف بأن أوكرانيا اكتسبت خبرة لا تقدر بثمن، وكذلك في مجال الحرب الهجينة، التي تشمل المعلومات السيبرانية، وحملات التضليل وتداعياتها.
لا شك أن أوكرانيا تسعى لحماية حدودها والحد من مطامع روسيا في المنطقة، ولتحقيق ذلك ترى أن انتماءها لحلف الناتو سيضمن لها الحد الأدنى من تحقيق أمنها، الأمر الذي يرى محللون أنه سيكسب الصراع بعدا آخر لا نعرف نهايته.