معهد واشنطن: توترات روسيا وأوكرانيا “مسرحية”.. وهذه تكلفتها
واشنطن ــ الرأي الجديد
وصف معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، تصاعد الأزمة بين روسيا وأوكرانيا بـ “المسرحية”، مؤكدا أن هذه المسرحية أدت إلى قفزات كبيرة في أسعار النفط والغاز.
وقال مدير برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة بالمعهد، سايمون هندرسون، “إن مسرحية التوترات العالمية تؤدي إلى تحولات مُكلفة في أسواق الطاقة، وما زال من غير الواضح ما إذا كانت هذه المسرحية هزلية أم مأساوية”.
وأشار إلى أنه لا يوجد شيء تقريبا يردع أسعار النفط عن الارتفاع، لتبلغ مائة دولار للبرميل الواحد، واحتمال وصولها إلى 120 دولارا بحسب توقعات البعض في “وول ستريت”.
مسرحية هزلية أم مأساوية
وفي وصفه لمشهد التوترات العالمية قال هندرسون: “جلس الجمهور متفرجا وأُزيلت الستارة. انتهت التمارين التي امتدت طوال الأسابيع الأخيرة، وأوشكت المسرحية الفعلية أن تبدأ. لكن ما زال من غير الواضح ما إذا كانت هذه المسرحية هزلية أم مأساوية”.
وأضاف: “هذه هي أجواء المسرح المتوقَّعة لأسواق الطاقة الدولية خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وما زال السيناريو ينتظر وضع اللمسات الأخيرة عليه، لكن سبق أن تم اختبار بعض أجزاء النص مع الجمهور خلال الشهر الماضي أو نحو ذلك”.
وتابع: “يأمل معظم الناس في ألا يتأخر فصل الربيع ليصطحب معه بعض الدفء، وتنخفض قيمة فواتير الطاقة المستهلَكة في المنازل، على الأقل إلى حين يؤدي ارتفاع الحرارة في فصل الصيف إلى تشغيل مكيفات الهواء”.
ومن الطبيعي أن يؤدي تراجع الطلب إلى انخفاض أسعار النفط والغاز الطبيعي، لكن حتى الآن لم يحدث ذلك، وفقا لهندرسون.
بوتين: الشخصية الشريرة
ويستكمل هندرسون في وصفه للمشهد العالمي قائلا: “تتطلب المسرحية الجيدة شخصية شريرة، وهذا الدور مناسب تماماً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فتهديداته ضد أوكرانيا المجاوِرة أثارت التفكير بمجموعة من المقارنات التاريخية المروّعة في الغرب. ولا تُشبه هذه المقارنات تلك التي تفضّلها موسكو”.
وأكد هندرسون أن بوتين يمتلك عدة أوراق رابحة بحوزته. فالغاز الروسي هو الذي يحافظ على دفء الأوكرانيين. وتستفيد كييف من رسوم مرور الغاز من موسكو إلى الزبائن في أوروبا الشرقية بواسطة الأنابيب العابرة للبلاد، لكن ذلك قد يتوقف إذا أُغلق الصنبور حرفيا”.
واستطرد: “تعتمد ألمانيا إلى حدٍ كبير على الغاز الروسي، الذي يتم ضخه في الأصل عبر أوكرانيا، ولكنه سيصل قريبا عبر خط أنابيب جديد – هو “نورد ستريم 2″ – في قاع بحر البلطيق، لتجنب رسوم العبور المزعجة من قبل دول ثالثة. وأصبح من الصعب إخفاء انزعاج الولايات المتحدة من هذه القضية وغيرها، من القضايا التي تواجهها مع حليفتها القوية، بل التي تتجنب المخاطر”.
وأوضح هندرسون أن ارتفاع أسعار النفط يعني أن عائدات موسكو على ما يرام، وتأتي نسبة كبيرة من الأموال من الحقول الواقعة في الشرق الأقصى لروسيا، بالقرب من الأسواق في آسيا.
خيارات الغرب المتاحة
وأكد هندرسون أن الخيارات المتاحة للغرب بشكل عام وللولايات المتحدة بشكل خاص، هي خيارات أكثر ضعفا… والسخط المعنوي يؤثر قليلا، لكن الرأي العام لا يشكل ورقة رابحة.
وأردف: “يمكن تخفيف الضيق الذي يعاني منه سوق النفط، من خلال زيادة إنتاج منظمة “أوبك”، لكن هذا الاتحاد يعمل الآن يدا بيد مع روسيا، بصفة المجموعة الأكبر أوبك+. وقد تم تجاهل الطلب المشكوك فيه الذي وجهه الرئيس بايدن إلى منظمة أوبك، لزيادة كميات إنتاجها بشكل ملحوظ”.
وتابع: “قد يكون الحل الأكثر وضوحا على المدى القصير هو أن تقوم دولة قطر الصغيرة، ولكن الغنية بالغاز، بتغيير وجهة بعض الشحنات من آسيا إلى أوروبا. لكن أوروبا تفتقر إلى الكثير من محطات تفريغ الغاز الطبيعي المُسال.
ونوقش هذا الموضوع خلال زيارة الأمير تميم بن حمد آل ثاني للبيت الأبيض قبل أسبوع. ويبدو أن قطر مستعدة للتعاون، لكنها تريد من واشنطن أن تتحمل العبء الأكبر، عبر التفاوض مع الزبائن في آسيا الذين سيتأخر وصول شحناتهم. وفي غضون ذلك، يصل الغاز الطبيعي المسال الأمريكي إلى أوروبا، لكن أثره يبقى هامشيا”.