قرار اتخذ بلا أي مبرر… إلى متى يستمر غلق المساجد أمام صلاة الجمعة ؟؟
تونس ــ الرأي الجديد
اتخذت الحكومة، بإيعاز من اللجنة العلمية لمجابهة جائحة كورونا، قرارا بحظر الجولان بداية من الساعة العاشرة ليلا، لمدة أسبوعين، تم تمديدهما لمدة أسبوعين جديدين، دون أن تكون الوضعية الوبائية على درجة خطورة عالية، يمكن أن تبرر ذلك، في ضوء الأرقام المعلنة، التي لا تعكس حالة خطيرة، قياسا بما هو موجود في دول أخرى..
ورغم أنّ قرار منع الجولان بالليل، كان القصد منه، “مناعة القطيع”، كما يقال في أوساط الأطباء واللجنة العلمية، إلا أن ذلك اتخذ لمنع التجمعات في الفضاءات الليلية (كباريهات)، وهو أمر لافت للنظر، على اعتبار أنّ اتخاذ قرار يحدّ من حرية المجتمع وعديد الأعمال الليلية (تاكسي ــ محلات تجارية ــ شاحنات النقل..)، فقط لمنع التردد على الفضاءات الليلية المذكورة، أمر غير مقبول، بل وغير عقلاني ولا هو واقعي مطلقا، وينمّ عن تسرع وانتقائية في اتخاذ القرارات.
على أنّ التعامل مع الوضع الوبائي، تم بكثير من التمييز بين المؤسسات والوضعيات الاجتماعية والثقافية والدينية.
فقد تركت الفضاءات العامة الأخرى مفتوحة بكامل النهار، على غرار الأسواق ووسائل النقل، والفضاءات التجارية، والمقاهي والمطاعم، وغيرها، رغم أنها جالبة ومسببة للإصابة بالفيروس، نظرا للاكتظاظ الذي تتسبب فيه.
لكنّ المساجد، انسحب عليها ــ دون غيرها ــ قرار الغلق النهائي، ليمنع الناس من صلاة الجمعة، وبتنا الدولة الوحيدة التي أغلقت المساجد دون مرتاديها يوم الجمعة، فيما أنّ الأرقام الرسمية بالذات، تشير إلى أنّ المساجد، ومنذ الموجة الأولى من كورونا ــ على خطورتها وشدتها ــ لم تتسبب في إصابات بالفيروس، وأبدى المصلون الكثير من الإنضباط إزاء الإرشادات الصحية، والضوابط الوقائية، ورغم ذلك اتخذت السلط الدينية والسياسية والعلمية، قرار غلق المساجد يوم الجمعة، وهو إجحاف في حق المساجد والمصلين، ولا يبرر هذا القرار إلا حسابات سياسية واضحة، لا نجد لها أي مبرر إطلاقا..
فهل تعيد السلطة النظر في قرارها ؟ وهل يتحرك وزير الشؤون الدينية في هذا السياق، متحملا بذلك مسؤوليته الأخلاقية والدينية الملقاة على عاتقه ؟
اعترضني شيخ مسنّ يوم الجمعة المنقضي، كان يقف أمام مسجد الحيّ، سألته عن سبب وجوده أمام المسجد في وقت الظهيرة، فردّ قائلا: “يا بنيّ أنتظر صلاة الجمعة..”، أخبرته أنّ الجمعة ممنوعة بسبب الوضع الوبائي، ودخلنا في جدل خفيف، قبل أن ينسحب الرجل وهو يتلو الآية التالية: “ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، وسعى في خرابها…”، متوقفا عند هذه الكلمات، وعلى لسانه تمتمات خفيفة كان ينطق بها: “لا حول ولا قوة إلا بالله”..
رواية قد تدفع السلطة إلى إعادة النظر في قرار، لم يزد تونس إلا عزلة على عزلة، وعرضها للنقد الواسع، من مشائخ وعلماء ومصلين وأساتذة مختصين..