كازاخستان: بلد الثروات الضخمة.. من المستفيد منها؟
كازاخستان ــ الرأي الجديد
تشهد كازاخستان، الواقعة في منطقة آسيا الوسطى، ضمن ما كان يعرف بالجمهوريات السوفياتية سابقا، احتجاجات شعبية عنيفة منذ 2 جانفي الجاري، أسفرت عن سقوط عشرات القتلى في صفوف المتظاهرين ورجال الأمن.
وحصلت شرارة الاحتجاجات الكازاخستانية، بسبب زيادة أسعار الغاز المسال بنسبة 100 بالمائة، رغم أن كازاخستان، تعد عنصرا أساسيا في أمن الطاقة العالمي، وتمتلك مخزنا هائلا من الثروات والموارد الطبيعية والمعادن النفيسة والنادرة.
وحظيت كازاخستان، أكبر بلد إسلامي من حيث المساحة، منذ اندلاع هذه الاحتجاجات، باهتمام عالمي واسع خلال الأيام القليلة الماضية..
من نتائج الاحتجاجات
فما هي أسباب ذلك؟ وما عسى أن تكون ثروات هذا البلد الطبيعية؟
المركز الأول عالميا
وتحتل كازاخستان المركز الأول عالميا من حيث احتياطيات الكروم الخام، بحصة تبلغ نحو 30 بالمائة من إجمالي الاحتياطي العالمي. ولديها ثاني أكبر احتياطي من اليورانيوم في العالم، وتعد الأولى عالميا من حيث الإنتاج بحصة تبلغ 41 بالمئة من الإنتاج العالمي، مما يجعل موردا رئيسيا من هذا المورد المشع الذي يشغل محطات الطاقة النووية حول العالم.
وتمتلك كازاخستان ثالث أكبر احتياطي من الرصاص والمنغنيز، بنسبة تصل إلى 25 بالمئة عالميا. وتملك كذلك رابع أكبر احتياطي من الزنك بحصة تصل إلى 13 بالمئة عالميا. ولديها كذلك 30 مليار برميل من احتياطي النفط المؤكد، ما يعادل 1.7 بالمئة من الاحتياطي العالمي، فضلا عن احتياطيات الغاز التي تصل إلى نحو 80 مليون قدم مكعبة، ما يعادل 1.2 بالمائة من الاحتياطي العالمي.
وفي عام 2020، شكل النفط 21 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي لكازاخستان البالغ 179 مليار دولار، بحسب بيانات البنك الدولي. ويتم إنتاج ثلث إنتاج النفط السوي في البلاد من حقل “تنغيز”، وتستحوذ شركة شيفرون الأمريكية على 50 بالمائة من هذا الحقل.
ولدى كازاخستان احتياطي من الفحم يصل إلى 26 مليار طن، أو 2.4 بالمائة من الاحتياطي العالمي، وتصنف ضمن المراكز العشرة الأولى في تصدير الفحم، والحديد، والذهب، ولديها كذلك خامس أكبر احتياطي من النحاس، واحتياطيات كبيرة من الرصاص.
أكبر دولة حبيسة في العالم
وتعد كازاخستان، أكبر دولة حبيسة في العالم (لا تطل على بحار ولا محيطات)، وتبلغ مساحتها أكثر من 2.7 مليون كيلومتر مربع (تعادل حجم أوروبا الغربية بكاملها)، من ضمنها أكثر من 800 ألف كيلومتر مربع أراض زراعية وصالحة للرعي، ولا يتجاوز عدد سكانها 18 مليون نسمة. وتقع في قارتين، الجزء الشمالي في آسيا الوسطى والجزء الغربي في أوروبا الشرقية. ولها حدود مع الصين بطول يتجاوز الـ2000 كيلومتر، ويصل حدودها وروسيا 7000 كيلومتر، إضافة إلى وجود حدود لها مع أوزبكستان وقيرغيزستان وتركمانستان.
ووفقا للموقع الرسمي لإدارة معلومات الطاقة في الولايات المتحدة الأمريكية (EIA)، فإن 22 بالمائة من اليورانيوم المستخدم في محطات توليد الكهرباء النووية في الولايات المتحدة مصدره كازاخستان، وتأتي كازاخستان وكندا في صدارة الدول التي تعتمد عليها أمريكا في استيراد اليورانيوم بنسبة 22 بالمائة لكل منهما، تليهما روسيا 16 بالمائة، ثم أستراليا 11 بالمائة، وأوزباكستان 8 بالمائة، وناميبيا 5 بالمائة، إلى جانب 14 بالمائة من الولايات المتحدة و5 دول أخرى مجتمعة.
وفي جويلية 2018، قال وزير التجارة الأمريكية، ويلبر روس، في بيان، إن “إنتاجنا من اليورانيوم اللازم لتوليد الطاقة الكهربائية، قد انخفض من 49 بالمائة عام 1987 إلى 5 بالمائة”.
ويزود اليورانيوم 99 مفاعلا نوويا، تنتج 20 بالمائة من الكهرباء في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تشغيل أسطول بحري من غواصات وحاملات طائرات.
إحدى المشاهد من كازاخستان
فساد.. وأزمات معقدة
ورغم أن كازخستان تعد مخزنا هائلا من الثروات والموارد الطبيعية، وتعد عنصرا أساسيا في أمن الطاقة العالمي، إلى جانب وجود أكثر من 300 مليار دولار استثمارات خارجية في البلاد، فإن متوسط دخل المواطنين الكازاخستانيين منخفض (600 دولار شهريا)، ويعاني النظام المصرفي من أزمات معقدة بعدما تورطت في عمليات استدانة واسعة من المصارف الغربية، إلى جانب تفاقم قضايا الفساد بالبلاد، وهو ما يطرح سؤالا: “من المستفيد من ثروات كازخستان؟”.
وفقا لوكالة فرانس برس، استخدم الرئيس الكازاخستاني السابق نور سلطان نزارباييف الثروات النفطية الهائلة لبناء عاصمة جديدة، آستانا، وأطلق عليها لاحقا اسم نور سلطان تكريما له.
وتولى نزارباييف، وهو عضو سابق في المكتب السياسي للحزب الشيوعي وله صلات قوية بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رئاسة كازاخستان منذ 1 ديسمبر عام 1991، إلى أن أعلن استقالته من منصبه في مارس 2019، وعين حليفه قاسم جومارت كيميلوفيتش توكاييف خلفا له. لكنه احتفظ بمنصبه كرئيس مجلس الأمن الذي يشرف على الجيش والأجهزة الأمنية.
وفي 5 جانفي الجاري، استقالت الحكومة في كازاخستان بعد يومين من احتجاجات شعبية على زيادة أسعار الغاز المسال بنسبة 100 بالمئة، أسفرت عن سقوط ضحايا وأعمال نهب وشغب في ألماتي، كبرى مدن البلاد، أعقبها قرارات بقطع الإنترنت لتعطيل التواصل بين المحتجين، وفرض حالة الطوارئ في عموم البلاد بعد مقتل 26 محتجا.