“نيويورك تايمز” تنشر تقريرا: كيف غيّر وباء “كورونا” النظرة للزيّ الإسلامي وإمكانيات الحجاب في المساهمة في الجمال المحتشم ؟
تونس ــ الرأي الجديد (صحف)
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز”، مقالا لمؤسسة ورئيسة مجلس الأزياء والتصميم الإسلامي، علياء خان، قالت فيه إن العامين الماضيين، شهدا تحولا قلب حياة معظم الناس رأسا على عقب بسبب كوفيد-19، و”لا تزال حياتنا في المنزل والعمل تمر بواحد من أكثر التحولات الجذرية التي شهدناها منذ أجيال. كيف نلبس – وكيف يعكس لباسنا قيمنا ويؤثر على الإقتصاد – بدأ يتغير أيضا، حيث نستمر في استخدام الكمامات والميل نحو أسلوب حياة أكثر حماية”.
وتضيف علياء خان، أنه من المثير للاهتمام أن هذا التحول الناجم عن الوباء كان دائما هو القاعدة بالنسبة لأولئك الذين يعيشون نمط حياة إسلامي، يشار إليه أحيانا باسم “أسلوب الحياة المحتشم”. فالمسلمون، الذين لديهم قوة إنفاق جماعية تبلغ حوالي 2 تريليون دولار، يتم تعليمهم على قيمة التواضع والأناقة كشكل من أشكال العيش الكريم. والآن بعد أن أصبحت التغطية لأجل الحماية ممارسة معتادة لكثير من الناس، “أعتقد أنها تسلط الضوء على الفوائد التي قدمتها الأزياء الإسلامية دائما، بينما تساعد في إزالة الوصمة عنها والقضاء عليها كذريعة للحكم على من يرتديها منا. أعتقد أيضا أن هذا التداخل سيدفع الأزياء الإسلامية لتصبح لاعبا عالميا أكبر في تحديد الأسلوب لسنوات قادمة”.
وتقول خان، إن التزام المسلمين الراسخ بأسلوب الحياة المحتشم نابع من الآية القرآنية التي تصف كيف أخذ آدم وحواء بتغطية عورتهما من شجر الجنة.
وتشير خان إلى أن الأزياء الإسلامية تخدم غرضا عمليا للمسلمين، لأنها تمثل هذه “الفطرة”، أو حالة النقاء الأصلية. ومع ذلك، غالبا ما تعرضت الملابس الإسلامية للهجوم. ووصف العالم الغربي النساء المسلمات بالضعف والاضطهاد بسبب تغطية رؤوسهن. وتم تنظيم حركات لحظر الحجاب مهما تعددت المهن والأشخاص الذين تحترمهم نفس تلك المجتمعات والذين يغطون رؤوسهم أو وجوههم بفخر دون أن يعيب عليهم أحد: الجراحون والممرضات والخبازون الذين يفعلون ذلك لحماية صحة الناس أو حتى ممارسي الديانات الأخرى مثل اليهود والكاثوليك والسيخ والهندوس والبوذيين “تخيلوا إجبار الأم تيريزا على خلع غطاء رأسها”.
ومع ذلك، فإن الأزياء الإسلامية لها أيضا فوائد عملية ومثبتة علميا. النقاب، على سبيل المثال، لا يتم تبنيه على نطاق واسع، لكن الأقلية الصغيرة من النساء المسلمات اللواتي يرتدينه، قلن إنه يجعلهن يشعرن بأمان أكبر ويسمح لهن بالتكتم. كما أنه يقوم بتصفية الأوساخ والغبار، وهو أكثر حماية من لا شيء على الإطلاق في مواقف مثل استخدام وسائل النقل العام. وحقيقة أنه قماش يعني أنه من غير المرجح أن يكون خانقا مثل كمامة بمواصفات N95.
وتقول إنه خلال وباء كورونا، أصبحت الكمامة الواقية إيماءة العالم للنقاب. وباتت أغطية الوجه الآن لفتة مجاملة نهائية تجاه الأشخاص من حولنا. وبعد ارتداء الكمامات لأكثر من عام، تشارك بعض النساء اليوم وجهة نظر المسلمين في الشعور بالأمان خلف غطاء، خاصة من انتباه الذكور غير المرغوب فيه.
إلا في فرنسا، فالنقاب محظور. وفي أفريل/ أبريل، أقر مجلس الشيوخ الفرنسي تعديلا يمنع الفتيات دون سن 18 عاما من ارتداء الحجاب الأكثر شيوعا. حتى البوركيني، وهو قطعة متعددة الاستخدامات من الملابس النشطة لا مثيل لها في الراحة والأناقة والحماية، يعتبر تهديدا لأن النساء المسلمات يرتدينه بشكل أساسي. لم تواجه البلاد أبدا رد فعل عنيف ضد بدلات الغوص المماثلة للغطس. وعندما فرضت غرامة قدرها 135 يورو على أي شخص لا يرتدي غطاء الوجه أثناء الوباء، بدت المعايير المزدوجة واضحة، بالنظر إلى غرامة 150 يورو التي تفرضها الدولة على من يرتدين النقاب.
وتعلق قائلة، إنه وبعد عقود من النقد “سأجد غرابة في رؤية العالم يحتضن ما هو بالنسبة لي مجرد وجه آخر من جوانب الزي الإسلامي. أعتقد أن هذا التحول هو مؤشر على أن الأزياء الإسلامية ستلعب دورا أكبر في تشكيل معايير الأسلوب والاقتصاد في السنوات القادمة”.
وتقول “لقد ساعدني عملي في الأزياء والتصميم الإسلامي على فهم أن أفضل شكل للتطور يأتي من أساس مبني على حكمة قديمة، فنادرا ما تكون الأفكار الجيدة جديدة. لقد اختبرت كيف يمكن أن تكون صناعات الأزياء والتصميم مصدرا رائعا لبناء العلاقات وتبديد الانطباعات الخاطئة”.
تاريخيا، تبنت الثقافات الغربية إلى حد كبير أشكالا أكثر تواضعا من الملابس، إلى أن أتاح الإنتاج الضخم نظاما جديدا عالي الدوران للاستهلاك، مما دفع المستهلكين من الطبقة الوسطى إلى تغيير الأنماط بشكل متكرر كدليل على “التقدم” … نظرا لأن ثقافة التقليد والمتابعة أفسحت المجال لدورة مدرة للربح في صناعة الأزياء، وتجاوز العرض التنافسي – الذي حفزته جزئيا التغييرات الاجتماعية مثل موجات الحركات النسوية الجديدة فكرة الاحتشام.
وتستدرك قائلة إن الأزياء الإسلامية، على الرغم من عدم تأثرها بهذه التغييرات، متجذرة في شيء أكثر واقعية: إيمان المسلمين بأن قيمهم تبقى بسبب وعد الله بالحفاظ على إيمانهم حتى نهاية الزمان. و”ستستمر الأزياء الإسلامية في النمو لأنها جزء من رحلة قيمة بالنسبة لنا، وليست صيحة. أولئك الذين يتبنونها يفعلون ذلك بسبب المبادئ في نمط الحياة التي تم تناقلها إلينا لأجيال. بالنسبة لي، هذا يعني التزاما مدى الحياة بهذه الملابس، والتي يرتديها أسرع السكان نموا في العالم”.
وهي أيضا أنيقة وعصرية بلا شك. إن مظهر وشاح الرأس الأيقوني في هوليوود، الذي اشتهر من قبل معاصرات مثل جينيفر لوبيز ويعود إلى أودري هيبورن وغريس كيلي، يعرض حجابنا النموذجي. هذا، إلى جانب فستان سهرة أنيق بأكمام كاملة، بطول كامل، وفتحة رقبة عالية، وظهر مرتفع، وغير ضيق للغاية، وملابس نهارية أنيقة، أصبحت الآن نقطة جذب لمصوري الأزياء.
نظرا لأننا نرى الأزياء الإسلامية تأخذ مكانها في الثقافة الأوسع، فمن المشجع أن نراها تحظى بقبول وتقدير متزايد، ويرجع ذلك جزئيا إلى السوق المحتملة الهائلة التي تراها العلامات التجارية لدى الزبائن المسلمين.
ودخلت الموضة الإسلامية في الأساس إلى التيار السائد، حيث يسعى عالم الموضة إلى تقديم نهج أنيق للتغطية … إن العدد المتزايد من التعديلات والمجموعات المتواضعة من قبل العلامات التجارية الرئيسية – فكر في مجموعة Nike Pro Hijab أو مجموعة Dolce & Gabbana للحجاب والعباءات – يدعو أيضا إلى فهم من نحن كمسلمين ونمط الحياة المحتشم كأصل بدلا من رؤيتنا كمجرد تهديد.
لا تستهدفنا جميع التعديلات، على الرغم من أنه يتعين على العلامات التجارية السائدة أن تتعلم كيف تحدّد معتقدات المسلمين اختياراتهم للأزياء المحتشمة. فمثلا لو نظرنا إلى كيم كارداشيان المكسوة باللون الأسود في ميت غالا 2021 وهو حفل الأزياء السنوي في متحف ميتروبولتين بنيويورك. قارن بعض الناس ذلك الزي ببرقع المرأة المسلمة، لكني لم أستطع رؤية كيف يقترب اللباس الضيق الذي يصف قوام الجسم من ذلك. وتغاضى المعلقون عن مقارنة أفضل – مظهر المغنية ريهانا الذي يشبه الحجاب والعباءة، والذي بدا وكأنه انتهاج حقيقي للموضة الإسلامية.
ومع ذلك، أكد الحفل رسالة رئيسية: لا إكراه وراء فعل التغطية … ويرى المسلمون غياب رد فعل عنيف ضد وجه كارداشيان المغطى بالكامل، أو حجاب ريهانا أو حتى مظهر كيندال جينر شبه العاري، بينما يتعرضون للكثير من الانتقادات بسبب ملابسهم، فإن السيناريو بأكمله هو تذكير بأن اختيارات الملابس ليست دعوة لحكم أي شخص … وهذا يدعو إلى مستوى جديد من الإحترام والأمل في عدم التعرض للهجوم بسبب قيمنا الدينية.
ومن الجدير بالذكر أن مجموعة المستهلكين المسلمين العالمية المرغوبة ليست مهتمة بالمصممين الذين يعتقدون أنهم بحاجة لتحريرنا … وغالبا ما سوف ينظر إلى التصميمات التي تعري البطن ولكنها تترك وشاحا على الرأس بالمسيئة، وتتركنا نشعر بالاستغلال. ولسوف يفهم المصممون الناجحون سبب تقديرنا للأزياء الإسلامية كثيرا، وسيعرفون كيف يتماشون مع التقاليد الإسلامية بالأناقة.
واليوم، أصبحت جميع أشكال التغطيات من اللباقة التي يجب القيام بها، على الرغم من أن الأمر إستغرق وباء لتقدير ذلك، أعتقد أن الفرصة التي يقدمها لجميع الأشخاص والشركات – السائدة والمسلمة- مهمة.