محمد كريشان: الزعامة مع قيس سعيّد تتّجه إلى صناعة سريعة ومتلهفة مع رجل لا تاريخ له
تونس ــ الرأي الجديد (صحف)
إعتبر الإعلامي محمد كريشان، أن “الزعامة عند بورقيبة نحتتها تدريجيا شرعية تاريخية معروفة حتى استقرت على ما اشتهرت به، وعند بن علي سارت على مراحل مختلفة حتى انتهت إلى ما انتهت إليه من ابن المؤسسة العسكرية والأمنية ودواليب الدولة في مواقع مختلفة، بينما هي تتجه مع قيس سعيد في شكل صناعة سريعة مرتجلة ومتلهفة مع رجل لا تاريخ سياسيا له، لا بالمعنى النضالي ضد الاستبداد ولا بمعنى التجربة السياسية في مواقع مختلفة”.
وأضاف محمد كريشان، في مقال له في صحيفة “القدس العربي”، أن المزاج المنتشر عند قطاع من التونسيين يقترن، أو بالأحرى يسير بشكل متواز، مع حالة “زعامة” تلبّست قيس سعيّد نفسه، مع أن الرجل قدّم نفسه في البداية على أنه ابن الشعب الذي لا يريد الانتقال إلى القصر الرئاسي ويقف في الطابور لشراء رغيف خبز ويجلس في مقهى شعبي يحتسي القهوة مع الناس”.
وأوضح كريشان، أن ” آخر ما تجلى في هذا الإتجاه ما بدا في احتفالات تونس الجمعة الماضية في مدينة بنزرت بعيد الجلاء، فقد دخل الرئيس المدينة في موكب بأكثر من ثلاثين عربة، منها ما بدا أنها مصفحات عسكرية، موكب يقول التونسيون إنهم لم يشهدوا مثيلا له من قبل حتى مع الرئيس الراحل بن علي رغم خلفيته العسكرية والأمنية الكبيرة … كل ذلك مع لافتة علقت في المدينة بالمناسبة تمنحه لقب “القيصر” فيما كان مشهد منصة الاحتفال نفسه صادما وغير مألوف بالمرة: جلس الرئيس على كرسي في الصدارة مع مسافة تفصل بينه وبين بقية الحاضرين على يمينه وشماله فتحوّل إلى ما يشبه امبراطورا جالسا على عرشه”.
وتابع: “تونس والرئيس الزعيم قصة لم تبدأ اليوم فقد عاشت فصولها تماما مع المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة وصانع التغيير زين العابدين بن علي، لكنه كان يُعتقد أن تلك صفحة طويت … ما كان الرئيس منصف المرزوقي أول رئيس بعد الثورة بهذا الشكل ولا الباجي قايد السبسي فالأول جاء من خلفية حقوقية نضالية والثاني لم يسع إلى ذلك رغم السعي المتزلف للبعض إلى الدفع في هذا الاتجاه”.