العراق: “زلزال سياسي” يضع الخارطة السياسية أمام تحالفات صعبة…
بغداد ــ الرأي الجديد
وصف مراقبون للانتخابات العراقية، ما جرى أمس في أعقاب نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة، بــ “الزلزال السياسي”.
وبذل رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، “جهودا مضنية”، حسب بعض التقديرات السياسية الداخلية، لإجراء انتخابات تعدّ الأفضل، حيث لم تشهد خروقات، ولم يقع التشكيك فيها بشكل واسع، إذا استثنينا بعض التصريحات التي تدخل ضمن المناكفات السياسية والحزبية.
الخريطة.. والتحالفات الممكنة
وبدت نتائج الانتخابات التشريعية، غير مفاجئة بالكامل، بالقياس إلى ما كان يقوله الصدريون عن حصولهم على 100 مقعد، أو أقل قليلا، نظرا لحجم التشكيك بشأن ما كان يقوله السياسيون، لكنها مفاجئة بقياسات أخرى، من شأنها إعادة كل الخرائط إلى المربع الأول، وليس خرائط التحالفات فقط”.
وحول ما بدا أنها نسبة مشاركة متدنية من قبل الناس، وهو ما يعد ضربة قاصمة لمشروع الطبقة السياسية الحاكمة، باستثناء الصدريين الذين كافأهم جمهورهم، يقول مراقبون للوضع في العراق، أنّ هذا كان متوقعا إلى حد كبير، لا سيما أن كبار القادة السياسيين، وبعضهم من الآباء المؤسسين لهذا النظام، اعترفوا بفشل وصفة الحكم ما بعد عام 2003، الأمر الذي أدى بالناس برغم الدعوات للمشاركة إلى معاقبة الطبقة السياسية بنسب مختلفة.
وفيما بدا أن النتائج التي انتهت إليها الانتخابات بفوز كاسح للكتلة الصدرية بزعامة الشيعي مقتدى الصدر، مقابل خسارة كبيرة لخصومه في القوى السياسية الشيعية، فإن الصدريين سوف يتحكمون بالمشهد السياسي القادم، بما في ذلك طريقة اختيار الرئاسات الثلاث.
وحصل التيار الصدري، على 80 مقعدا، وهو الأكبر شيعيا، مقابل حصول رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي على المقاعد الأكبر سنيا، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، على المقاعد الأكبر كرديا، بما يشكل الكتلة الأكبر التي ستحدد من هو المكلف برئاسة الحكومة، وهو ما سوف يترتب عنه، التحكم بمنصبي رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان..
كتلة كبيرة.. وخلافات شديدة
غير أنّ التوصل إلى توافقات حول الرئاستان، ما يزال يواجه خلافا بين مكونات “الكتلة الأكبر”..
ذلك أنّ منصب رئاسة الجمهورية، ما يزال حوله خلاف شديد بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، وفي حال تَحَالَفَ الصدريون مع الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، فإن بارزاني يدعم مرشح الكتلة الصدرية، أو من يرشحه الصدريون إلى رئاسة الحكومة، مقابل دعم مرشحهم لرئاسة الجمهورية. والأمر نفسه ينطبق في حال تحالف “حزب التقدم” بزعامة محمد الحلبوسي، الذي حقق فوزا كبيرا في الانتخابات، مع مرشح الصدريين لرئاسة الحكومة، فذلك سيكون مشروطا بإعادة الحلبوسي لرئاسة البرلمان لدورة ثانية.
في مقابل ذلك، فإن القوى الأخرى: “الفتح” و”دولة القانون” و”الاتحاد الوطني الكردستاني”، وربما كتل أخرى، سوف يسعون لتحالف آخر، مقابل هذا التحالف، من أجل تشكيل كتلة أكبر تحتكر المناصب الرئاسية الثلاثة.
غير أنه في ظل الخلافات الكبيرة بين أطراف هذه الكتل، فإن الأوضاع قد تتجه نحو المزيد من التأزم خلال الفترة المقبلة، خصوصا في ظل عدم رغبة أي قوى سياسية عراقية قبول فكرة المعارضة، والحرص على أن تكون ضمن كوكبة الحكومة المقبلة، بأحد فرعيها، الرئاسي أو الحكومي..