بعد أن قام قيس سعيّد بإعفائها من مهامها: سهام العيّادي تخرج عن صمتها وتتحدّث لأول مرّة !
تونس ــ الرأي الجديد
نشرت كاتبة الدولة لدى وزير الشباب والرياضة والإدماج المهني، ووزيرة الشباب والرياضة والإدماج المهني بالنيابة سهام العيادي، بعد قرار رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، إعفائها من مهامها، تدوينة على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي “فيسبوك”.
وتحدّثت سهام العيادي، بـ “حسرة” كبيرة، في التدوينة التالية:
الحمد لله…
انتهت مهامي على رأس الوزارة ولم تنتهي تجاه قطاع الرياضة والوطن.. نخدمه بما نستطيع، في اي وقت ومن أي مكان.. اعتذر لكل من لم يسعفني الوقت لأهتم بهم اكثر، وأشكر كل من مدّ يده للمساعدة وانقاذ قطاع تنهشه اللوبيات وتُكمّم فيه الأفواه.. لكن مهما كانت الريح عاتية فلن تزحزح ثبات الصادقين. أغادر الوزارة مرتاحة الضمير ، ولكن مهامي تجاه القطاع وتجاه وطني لم ولن تنتهي ..تجربة زادت قناعتي بأن وطننا عليل ومريض، وبأن النضال مصير حتمي لكل الراغبين في الذود عنه.
غادرت الوزارة وانقطعت علاقتي الرسمية بها، لكن ذهني متواصل مع صور الكفاءات والخبرات التونسية التي أرادوا سجنها في المكاتب بلا أُفق واضح بالرغم من انها شديدة الحرص على المبادرة والتضحية والعطاء.
اعتذر لهم، لأنني أصلحت ما أمكن ولم استطع مواصلة الإصلاح ومواصلة المشوار في مواجهة من تمكنوا من مفاصل الدولة…بعض الوحوش الآدمية التي بذّرت المال العام وتلاعبت به ووظفته سأكشفها قريبا للرأي العام خدمة للقطاع و للوطن.
“لا تَخْشي في الحق لومة لائم”.. هكذا كان يقول لي أبي.. أبي رحمه الله هو من علّمني معنى الدولة ومعنى الوطنية.. فأنا ” ابنة أبي” … أنا ابنة ذاك الأسد الذي حمل السلاح ضد المستعمر في معركة الجلاء التاريخية.. أسره الفرنسيون وتعرّض للتنكيل والتعذيب وقضّى باقي حياته طريح الفراش يعاني من مخلفات فترة أسره … ذاك الأسد الزيتوني التكوين لم يطلب التعويض من الدولة لأن انتماءه للمؤسسة العسكرية والأمنية يمنعه من تلقي مقابلا لأداء الواجب وحتى عندما توفي في المستشفى العسكري – ورغم كل ما ذكرت – عُدت به على متن سيارة اسعاف بمقابل ..
أبي الذي دافع عن تراب البلاد، غادر المستشفى العسكري جثة هامدة ، بعد أن دفع كل معاليم الإقامة والفحوصات ، والجنرال مصطفى الفرجاني مدير عام الصحة العسكرية شاهد على هذا الفصل من عبث الزمان .
أبي المُعلم علّمنا الصدق والإخلاص للوطن، علّمنا الولاء للوطن، علّمنا الشرف والأمانة… لن نخون كما خان البعض .. لم ولن نسرق كما سرق البعض ونهب ، ولن نستسلم مهما اشتغلت بعض الصفحات المأجورة.
أبي العزيز رحمك الله … أحدثك الآن مؤكدة لك أنك غادرت زمنا غير مأسوف عليه ، زمن يُكذَّب فيه الصادق ويُتَّهم فيه الشريف.. زمن تُقبر فيه الكفاءات وتُقتل المواهب وهي في المهد… لن أُطيل الحديث لأنني مازلت أتذكر صورك الأخيرة وأنت لا تُطيق كثرة الكلام.. فقط سأتقاسم معك بعض الحقائق كما اعتدنا في حياتك .. سأروي لك….
كيف تُقبر الكفاءات في الإدارة، وكيف حاولت العمل مع إطارات أشاوس ينتظرون فقط من يُشركهم في القرار ويؤمن بهم ويدفعهم للعمل ويحميهم. كيف يتمكن بعض الفاسدين من مفاصل الوزارة وماهي كلفة مقاومته.
كيف يشيطن كل من يريد أن يقوم بإصلاح وما هي ضريبة ذلك .
كيف يصبح غريبا كل من تنازل على البروتوكولات وأراد القطع مع النمطية وتصرف بصدق و عفوية.
كيف ينخر الفساد وسوء التصرف بعض الهياكل الرياضية التي تدّعي الشرف والعفة والتي تختلق المشاكل الوهمية لتخفي فسادها ، وماذا فعلنا وماذا سأفعل حتى بعدما غادرت أسوار الوزارة .
كيف تُصرف المليارات دون نتائج ودون رقابة ، وكيف تشهر السيوف ويتم الضغط على الأزرار لتنهش الصفحات المأجورة كل إرادة إصلاح. كيف يهمش الأبطال الحقيقيون وكيف نصنع بعض الأبطال فقط لأنهم من بعض العائلات التي احتكرت اختصاصا من الإختصاصات.
كيف تغيب مُستحقات الأبطال وكيف تضيع في مسالك التوزيع. أين يسكن رياضيو النخبة وماذا فعلنا في هذا الملف.
كيف تعطل الآلاف من خريجي المعاهد العليا للرياضة وكيف اجتهدت واقترحت ولم أجد أي استجابة. لماذا يهجر الشباب دور الشباب وماذا فعلنا.
لماذا أقصوا المناطق الحدودية والمهمشة من برامجهم.
هل يمكن اعتبار دمج وزارة الشباب والرياضة مع قطاعات أخرى مثل التكوين والتشغيل خيارا جيدا؟ … حتما لا !!!
أبي … لن أثقل كاهلك أكثر.. فقط أعدك بأنني سأواصل… الآن عُد إلى نومك.. عسى أن يستقظ هذا الوطن.