فورين بوليسي: قيس سعيّد أنهى قطيعة المؤسسة العسكرية التونسية مع السياسة…
واشنطن ــ الرأي الجديد
أورد موقع “فورين بوليسي” (Foreign Policy) الأميركي، أن الجيش التونسي هو الجيش الوحيد في العالم العربي الذي لم يتدخل في الشؤون السياسية طوال 65 عاما من استقلال البلاد، لكن الرئيس قيس سعيّد كسر هذا التقليد، غير أنه لا يزال من الممكن عكس هذا المسار.
وقال الموقع، إن القوات المسلحة التونسية هي الجيش الوحيد في العالم العربي، الذي لم يشارك قط في الشؤون السياسية أو الاقتصادية المحلية.
وأوضح أنه عندما حصلت تونس على استقلالها عن فرنسا عام 1956، لعب الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة، دورا رئيسيا في ضمان ابتعاد الجيش عن الشؤون السياسية والاقتصادية، وذهب أول دستور للبلاد إلى حد منع الجنود من التصويت، وهو بند ما يزال ساريا في الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
وقال الموقع، إن إبعاد الجيش عن السياسة، أثبت أنه أمر حكيم، فعندما اجتاحت موجة من الانقلابات العسكرية والدكتاتوريات العالم العربي، ظلت تونس محصنة من العدوى وظلت جمهورية يقودها المدنيون.
وأشار إلى أنه، حتى نظام الرئيس التونسي الأسبق، زين العابدين بن علي، حافظ على هذا الفصل بين الشؤون المدنية والعسكرية بعد انقلاب عام 1987 غير الدموي.
وفي ثورة 2011، تم الترحيب بأفراد الجيش على أنهم أبطال الشعب، لأنهم رفضوا دعم بن علي في أيامه الأخيرة، رافضين الأوامر المباشرة بقصف مدينة القصرين وإطلاق النار على المتظاهرين، كما قاموا بحماية المتظاهرين من عنف الشرطة وحماية الممتلكات العامة والخاصة، لكنهم رفضوا التدخل في الأمور السياسية وواصلوا دورهم في الدفاع عن البلاد بمحاربة “الإرهاب” تحت القيادة المدنية لوزارة الدفاع.
وفي 2017، قدم حزب “نداء تونس”، اقتراحا إلى البرلمان، لمنح الجنود والضباط العسكريين، حق التصويت في الانتخابات المحلية فقط، بحجة أن العسكريين هم أيضا مواطنون تونسيون.
وشعر غالبية التونسيين وممثليهم، أنه من الأكثر أمانا، الاستمرار في إبعاد الجيش عن السياسة، خاصة في هذه الفترة الانتقالية بعد الربيع العربي، حيث لم يتم بعد تأسيس المؤسسات الديمقراطية بشكل كامل.
وحدد دستور 2014 بوضوح دور الجيش، بدعم السلطات المدنية مع الحياد التام، لكن ذلك تم انتهاكه في 25 جويلية الماضي، وفق “فورين بوليسي”، عندما نفذ جنود برفقة دبابات عسكرية، أمر سعيّد بإغلاق مكتب رئيس الوزراء هشام المشيشي، ومجلس النواب، ومنع أعضائه المنتخبين، من دخول وإدارة شؤون الشعب.
وهذا يحصل وفق الموقع الأميركي، للمرة الأولى في تاريخ تونس الحديث، حيث بدأ ينخرط الجيش في الشؤون السياسية.
ويظهر رئيس الجمهورية، في أغلب خطاباته، إما أمام قيادات عسكرية، أو خلال اجتماع بمجلس الأمن القومي، الذي يضمّ عددا من القيادات ببزتهم العسكرية، موشحين بالنياشين والرتب التي لم يتعود التونسيون أن يروها إلا مرة واحدة سنويا، خلال الاحتفالات بتأسيس الجيش التونسي.
المصدر : فورين بوليسي