“خارطة طريق” قيس سعيّد: المؤسسات والرجال الجدد… والممنوعون من المشهد القادم..
تونس ــ الرأي الجديد / كتب صالح عطية
قالت مصادر موثوقة قريبة من رئاسة الجمهورية، أنّ الرئيس قيس سعيّد، الذي بدأ بإجراء تغييرات على مستوى المسؤولين الأمنيين وفي المؤسسة العسكرية، منذ الإعلان عن قرارات 25 جويلية الماضي، سيعلن تباعا عن جملة من القرارات التي ينتظرها الرأي العام التونسي والمتابعين في العالم..
وسيشرع رئيس الجمهورية، بتعيين رئيس للوزراء (بمثابة وزير أول)، ستكون على الأرجح، نادية عكاشة، مديرة الديوان الرئاسي حاليا.
ومن المتوقع أن يعلن قيس سعيّد عن تمديد تجميد أعمال البرلمان لمدّة شهر جديد، سيكون قابلا للتجديد، وهو ما يبدو أنّ الإدارة الأميركية والفرنسيين وافقوا عليه.
وعلى خلاف ما روّج البعض من الإعلاميين والساسة، لن يعلن رئيس الجمهورية، تنظيما مؤقتا للسلط، لكنّه سيكتفي بتعليق العمل بدستور 2014، وتفعيل العمل بالمراسيم الرئاسية.
وتجري حاليا، عملية تشكيل “لجنة خبراء القانون الدستوري”، التي لا يستبعد أن يتزعمها الأستاذ سليم اللغماني، إلى جانب كفاءات متخصصة في القانون الدستوري، على غرار الصغيّر الزكراوي، وأمين محفوظ، وسلسبيل القليبي، إلى جانب متخصصين في عدة ميادين، لصياغة دستور جديد، وتغيير النظام السياسي، من البرلماني المعدّل، إلى النظام الرئاسي المعدّل.
بالتوازي مع ذلك، سيتم إحداث لجنة لإعداد قانون انتخابي جديد، ينتظر أن يتساوق مع تصورات رئيس الجمهورية، خاصة فيما يتعلق بالقائمات الفردية، واعتماد شكل من الانتخابات المحلية والجهوية والمركزية، وفقا لمقولة “السلطة من الأسفل إلى الأعلى”، التي يتبناها سعيّد، ويعمل على تكريسها في الواقع..
ومع أنّه شرع في استبدال الولاة، مثلما حصل مع واليي القيروان وبنزرت، ستشرع رئاسة الجمهورية، في عملية تعيين واسعة، ستطول الولاة والمعتمدين والمؤسسات العمومية، إلى جانب المؤسسات الأمنية المباشرة للمواطنين، مثل المراكز والمناطق والأقاليم..
من جهة أخرى، لا يستبعد، أن يتم حلّ جميع المجالس البلدية المنتخبة، وإلحاقها بالنيابة الخصوصية، ويتوقع أن تسند عملية الإشراف على هذه النيابات إلى المعتمدين في الجهات.
غير أنّ أسئلة كثيرة تطرح في سياق هذه المعلومات الموثوقة، وهي:
ـــ هل ستشرك الأحزاب والمنظمات الوطنية، في إعداد نسخة الدستور الجديدة، المزمع إنشاؤها على أنقاض دستور 2014 ؟
ـــ كيف سيتم التصديق على نسخة الدستور، هل سيلجأ الرئيس سعيّد إلى الاستفتاء مثلما يتصور البعض، خاصة في ضوء تعليق أو تجميد البرلمان، الذي لا يبدو أنّ رئيس الجمهورية، مستعدّ لأن يعيده إلى الحياة من جديد ؟
ـــ وكيف سيتم اعتماد القانون الانتخابي، طالما أنّ القوانين يفترض أن يصادق عليها البرلمان ؟
ومع رفض رئيس الجمهورية، الحوار مع الأحزاب في هذه المرحلة على الأقلّ، فإنّ النية تتجه إلى تغيير راديكالي في القوانين المنظمة للحياة السياسية، تأخذ بعين الاعتبار، قضايا الفساد، والتمويل الأجنبي والعلاقة مع الخارج..
الأكيد، أنّ قيس سعيّد، يتجه في أريحية، نحو اعتماد مشروعه السياسي والاجتماعي، الذي يصفه بــ “الشعبي”، خصوصا مع وجود تيار واسع من التونسيين ممن يتماهون مع تصريحاته وأسلوبه في التعاطي مع الملفات والمكونات السياسية والاجتماعية..
وكان قيس سعيّد، أعلن قبل يومين أمام قيادات أمنية في مطار تونس قرطاج الدولي، أنّ من يدعون إلى خارطة طريق، أو إلى الحوار “واهمون”، وهو ما يعني استبعاد أي حوار في هذه المرحلة، خصوصا مع حركة النهضة، أو قلب تونس، أو الأحزاب التي لا يرى سعيّد، بدّا من وجودها في المشهد، إما لأسباب تتعلق بالفساد، أو لاعتبارات سياسية، أو بسبب قناعته بأنّ عهد الأحزاب انتهى، وأنّ العصر الراهن، هو “عصر الجماهير”، كما تطلق عليه دراسات سوسيولوجيا السياسة..
ووفق المعلومات التي حصلت لدينا، فإنّ الذهاب إلى انتخابات سابقة لأوانها، لا تبدو في التفكير الرئاسي حاليا، إذ تبدو الأولوية اليوم، القيام بتغيير هيكلي في الدولة، يكون بمثابة “التطهير” السياسي والإداري والأمني للمؤسسات على اختلاف اختصاصاتها، ووضع “رجال جدد” في الكثير من المواقع الحساسة، واستكمال “المنظومة الدستورية والسياسية الجديدة”، بشكل يسمح لرئيس الجمهورية، الذهاب إلى أي انتخابات بكثير من السلاسة، مستثمرا حالة الخوف والهلع، التي تعشش اليوم في الأحزاب والمنظمات والنقابات وفي صفوف رجال الأعمال، وحتى الإعلاميين، بحكم تورط الكثير منهم في الفساد، أو في علاقات مشبوهة، سياسية أو إقليمية أو دولية..