ماذا يجري بين حركة النهضة ومدير ديوان رئيس الحكومة ؟؟
تونس ــ الرأي الجديد / رئاسة التحرير
يبدو أنّ الأيام القليلة المقبلة، ستعرف تطورات على خلفية ما بات يعرف بــ “العلاقة المتوترة” بين قيادات في حركة النهضة، ومدير ديوان رئيس الحكومة، المعزّ لدين الله المقدّم..
فقد صرح، رئيس مجلس شورى حركة النهضة، عبد الكريم الهاروني مؤخرا، على قناة الزيتونة التابعة للحزب، بأنّ وجود معزّ المقدّم بات مزعجا، باعتباره يتدخل في التعيينات، خاصة الولاة والمعتمدين والمديرين العامين للمؤسسات العمومية، قائلا: “هذا الأمر ليس من مشمولاته”، مضيفا: “وهذا غير مقبول بالمرة”، على حدّ تعبيره.
وواضح أنّ المقدّم بات “غير مرغوب فيه” في ديوان رئيس الحكومة، هشام المشيشي، خصوصا بعد أن كثرت الانتقادات بشأنه من أصوات عديدة، وتم تداول هذه المعطيات في مواقع إلكترونية وصفحات فيسبوكية تابعة لحركة النهضة.
إذ يتردد صلب هذه الحركة، أنّ مدير ديوان المشيشي، يتعامل بوجهين مع قياداتها و”مؤسساتها”… فهو متماه معها عند الجلوس إلى بعض قياداتها والاجتماع معهم، وشديد عليها في غيابها، وفق بعض التقديرات النهضوية.
وعلاوة على هذا التدخل في ملف التعيينات، “تتهمه” الحركة، أو بعض قياداتها على الأقل، بعلاقة “سرية” مع عبير موسي، التي تستفيد من معطيات كثيرة من رئاسة الحكومة، وخاصة فيما يتعلق بــ “المواقف الخفية” لحركة النهضة، التي تفصح عنها في كواليس الحكومة، والتعيينات التي يستفيد الحزب الدستوري من بعضها، عبر ترشيح بعض كوادره، رغم أنّه خارج الحكومة ويرفع لواء معارضتها، وهو ما تزعمه بعض القيادات، وتشير إليه في بعض المجالس.
والحقيقة التي لا مراء فيها، إنّ حركة النهضة، تتوجس خيفة من علاقة معز المقدّم برئيس كتلة الإصلاح، حسونة الناصفي، الذي كان معه في التجمع الدستوري الديمقراطي، وتحديدا في “أكاديمية التجمع”، فضلا عن علاقة النسب بين الرجلين.
ويبدو أنّ هذا المعطى، هو الذي زاد في “احتقان” قياديين نهضويين، الذين يتداولون معلومات بشأن لقاءات مكثفة بين المقدّم والناصفي، وترتيبات سياسية يجري إعدادها بين الرجلين، وتأثير الناصفي في بعض القرارات السياسية التي تعلنها رئاسة الحكومة، وتدخل الناصفي في ضبط بعض التعيينات لصالح تجمعيين قدامى، أو محيطين بالناصفي، وفق مزاعم هذه القيادات..
وتروج بعض القيادات على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، بأنّ هذا “السلوك” من قبل مدير ديوان المشيشي، يجري دون علم رئيس الحكومة، أو هكذا يزعمون.
وبقطع النظر عن هذه الانتقادات ومدى وجاهتها، لا يبدو أنّ بعضها منطقي.. إذ من مشمولات، وقد يكون من صميم صلاحيات مدير الديوان، في أي جهة داخل الدولة، سواء وزارة أو رئاسة الحكومة أو رئاسة جمهورية، أو حتى مؤسسة عمومية، هو المساهمة في القرار السياسي، سواء تعلق الأمر بموقف سياسي في أبعاده المختلفة، اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية، بالإضافة إلى “التدخل” في التعيينات، على الأقل على مستوى الاستشارة، وبالتالي، فإنّ التعاطي النقدي مع الرجل على هذا النحو، تثوي خلفه أسباب أخرى شديدة الأهمية..
فليست هذه التحفظات، سوى ذريعة، لأن المرتكز الأساسي في هذا السياق هو، العلاقة مع حسونة الناصفي، رئيس كتلة الإصلاح بالبرلمان (الأمين العام السابق لطلبة التجمع)، الذي بات بمثابة “العراب” في رأيهم لعبير موسي، ولم تقبل النهضة أن يكون قصر الحكومة بالقصبة، وهي التي تمثّل جزءا مهما من حزامه السياسي في البرلمان، حاضنة لروافد الدستوري الحرّ..
وإذا أضفنا إلى ذلك، أنّ الناصفي، ومنذ أن صرحت “النهضة” بضرورة استبدال الحكومة الحالية بحكومة سياسية، دخل في نوع من “الهستيريا السياسية”، وبعض التحالفات البرلمانية، رفضا لهذا السيناريو، الذي قد يعصف بدوره الحالي صلب قصر الحكومة، وبالتالي، دوره السياسي غير المعلن في محيط الحكم، يمكن أن نستوعب الهجوم الواسع والشديد على معزّ المقدّم، والتباينات الراهنة بينه وبين حركة النهضة..
والسؤال المطروح حاليا في عديد الأوساط السياسية، هو: هل يقبل المشيشي بالاستغناء عن مدير ديوانه لهذه الأسباب؟
وإلى أيّ مدى تمتلك حركة النهضة أوراقا للتأثير في قرار إقالته ؟ أم أنّ لمدير الديوان بدوره أوراقا يمكن أن يستخدمها للحفاظ على موقعه صلب رئاسة الحكومة..
الأيام القادمة كفيلة بالإجابة…