هذه الملفات التي تسببت في توتر العلاقة بين السعودية والإمارات
لندن ــ الرأي الجديد
انخفضت حدة التوتر العلني النادر بين السعودية والإمارات، بعد أيام من التراشق الإعلامي، الذي جاء بعد انتقادات علنية وجهها وزير الطاقة عبد العزيز بن سلمان لتعنت أبو ظبي في قبول المبادرة السعودية الروسية بمنظمة “أوبك بلس” بشأن زيادة إنتاج النفط.
توترت العلاقة أيضا بقرار السعودية منع الرحلات القادمة والمغادرة من وإلى الإمارات، نظرا لتفشي النسخة الهندية المتحورة من فيروس “كورونا” فيها، وهو ما أثار استياء إماراتيا.
الخلاف السعودي الإماراتي طفا إلى السطح بعد خلافات برزت بين الطرفين في ملفات سياسية واقتصادية أخرى خلال السنوات القليلة الماضية.
** حرب اليمن:
فقد أعلنت السعودية منذ اليوم الأول لتدخلها في اليمن، في أفريل 2015، أنها تدعم الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس عبد ربه هادي منصور، وتعارض أي مشروع انفصالي.
لكن الإمارات، بشكل علني، دعمت المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي لا يخفي نواياه الانفصالية، وكذلك هاجمت الحكومة الشرعية عدة مرات، متهمة بأنها مخترقة من قبل حزب الإصلاح المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين.
وازداد الأمر تعقيدا، بعد انقلاب المجلس الانتقالي على اتفاق الرياض عدة مرات خلال الشهور السابقة، علما أن قيادة المجلس تقيم في أبو ظبي، ولا تنفي تبعيتها السياسية لها.
ويقول مراقبون، أنّ إحدى الخطوات المتباينة بين الطرفين، كانت جويلية 2019، حينما أعلنت الإمارات سحب جزء كبير من قواتها في اليمن، في إعلان أحادي لم تشاركها السعودية فيه، رغم أنهما يشكلان ثقل قوات تحالف دعم الشرعية.
وبرغم أن السعودية هي صاحبة الثقل العسكري في اليمن، وأكثر من قدم قتلى من جنودها، إلا أن الإمارات هي من تسيطر حاليا على منافذ استراتيجية تمر منها حركة التجارة العالمية، بينها ميناء عدن.
كما تسيطر الإمارات على جزيرة سقطرى، وكشفت وثائق أنها تسير رحلات سياحية من الإمارات إلى الجزيرة، متجاوزة أخذ إذن من الحكومة الشرعية المدعومة سعوديا.
** العلاقة مع إيران:
في جويلية 2019، استضافت الإمارات وفدا إيرانيا، هو الأول منذ 2013. وهدف اللقاء الذي جمع قادة خفر السواحل بين البلدين، إلى تحسين التعاون البحري في مضيق هرمز. وفي ذروة التوتر السياسي بين الرياض وطهران، وصل حجم التجارة المتبادلة بين إيران والإمارات نحو 19 مليار دولار.
وفي مارس من العام الماضي، بعثت الإمارات بطائرتين محملتين بـ 32 طنا من المساعدات إلى إيران، التي كان وباء “كورونا” يفتك بها حينذاك.
والمفارقة أن العلاقة الودية، بدأت بالعودة بين الإمارات وإيران، برغم أن الموقف المعلن للسعودية حينها كان العداء التام لإيران، وتهديد ولي عهد الرياض محمد بن سلمان بنقل المعركة إلى قلب طهران، قبل أن يتراجع عن ذلك في تصريحات بشهر رمضان الماضي.
** الشركات الأجنبية:
وفي بداية العام الجاري (فيفري تحديدا)، أعلن وزير المالية السعودي محمد الجدعان، أنه اعتبارا من 2024، ستتوقف الحكومة عن منح عقود حكومية لأي شركة أو مؤسسة تجارية أجنبية لها مقر إقليمي بمنطقة الشرق الأوسط في أي دولة أخرى غير المملكة.
القرار السعودي، فسّرته وكالة “رويترز”، بأنه أحدث محاولة من جانب الرياض، لإعادة تشكيل نفسها كمحور مالي وسياحي، تحت قيادة الحاكم الفعلي ولي العهد محمد بن سلمان.
واعتبر ذلك من قبل دبي، تحديا لدولة الإمارات المجاورة، باعتبارها العاصمة التجارية والمالية للمنطقة.
غير أنّ الإمارات رفضت هذا القرار بشدة، ولكن دون إصدار بيان رسمي، وقال الخبير الاقتصادي الإماراتي ناصر الشيخ، “إن القرار السعودي يتعارض مع مبدأ “السوق الخليجي الموحد”.
** ابن سلمان والخروج من “عباءة” ابن زايد:
يتغنى الإعلام الإماراتي بالمكانة التي وصلت إليها أبو ظبي إقليميا، إذ باتت طرفا في معادلة عدة دول عربية، مثل ليبيا، وتونس، والسودان، ومصر، وغيرها.
ويتحدث في هذا السياق، عن أنّ أن الرمز “971” (مفتاح الإمارات)، “هو الأقوى في اتخاذ القرار بالمنطقة، وهو ما يثير سخطا سعوديا واسعا”.
ويجمع معارضون سعوديون بما فيهم سعد الفقيه، وعمر الزهراني، وآخرون، أن محمد بن زايد يفرض قراره السياسي على نظيره محمد بن سلمان.
إلا أن الفقيه قال مؤخرا، إن ما جرى من توتر هو خلاف حقيقي وصل ذروته لأول مرة بين الطرفين، ملمحا إلى أن ابن سلمان يريد الخروج من عباءة ابن زايد.
** شراء ولاءات سعودية:
الأمر الآخر الذي يثير حفيظة الحكومة السعودية بحسب مراقبين، هو استمرار الإمارات في “شراء” ولاءات شخصيات سعودية، جلها تنشط في المجال الإعلامي.
وقال المعارض السعودي المقيم في لندن، حسين القحطاني في تصريح إعلامي، إن الإمارات تغدق بالأموال والامتيازات على إعلاميين سعوديين معروفين، بمن فيهم السفير الحالي للرياض في أبو ظبي تركي الدخيل.
** المصالحة الخليجية:
وأتمّت السعودية والإمارات والبحرين، مصالحة خليجية مع قطر مطلع العام 2021، بعد قطيعة دامت نحو ثلاث سنوات ونصف.
إلا أن المصالحة برزت بشكل ثنائي بين السعودية وقطر، مع المشاهد الودية في مدينة العلا بين محمد بن سلمان وأمير قطر تميم بن حمد.
تبادلت الرياض والدوحة الاتصالات والزيارات على أعلى المستويات، مع تعيين سفراء جدد من الأسرة الحاكمة.
وهذه العلاقة أثارت الإمارات، التي ما تزال إلى الآن، ضدّ المسار السعودي، وتعتبر أنه موقف سعودي “في غير محله”.
المصدر: موقع “عربي21”